المصدر: النهار
الاثنين 20 تشرين الثاني 2023 17:15:12
وسط هموم البلد والواقع المتأزم، لا يكلّ القطاع الصحي عن متابعة مسيرته السامية، ورسالته التاريخية، ويسجّل إنجازاً نوعياً لصالح نظام الرعاية الصحية في لبنان. صحيح أن القطاع الصحي يعاني ما يعانيه من أزمات إلا أن الأمل في إحداث فرق طبيّ وتسجيل إنجازات صغيرة تُحتّم علينا تسليط الضوء عليها للتأكيد أنّ لبنان ما زال ينبض بالانتصارات الطبية الجديدة.
في حالة نادرة، نجح المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC) بإجراء عملية جراحية لإعادة زراعة أصابع يد مبتورة، في خطوةٍ تُعتبر إنجازاً طبياً رائداً في مجال الجراحة المجهريّة الدقيقة على مستوى المنطقة. ويسلّط هذا الإنجاز الطبي الاستثنائي والصعب الضوء على الإمكانيات والقدرات والمهارات الاستثنائية، التي يتمتع بها المتخصّصون الطبّيون في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، وعلى التزامهم بدفع حدود وآفاق العلوم الطبية، كما يؤكد على صلابة قطاع الرعاية الصحية اللبناني على الرغم من التحديات المحيطة به.
وفي التفاصيل، تمكّن فريق طبي لبناني، يضمّ جراحين من ذوي المهارات العالية، من إنجاز العملية الجراحية التي اتّسمت بتعقيدات وصعوبات عديدة، لإعادة زرع أصابع اليد المبتورة لمصاب تعرّض لحادث عمل مؤسف، مما أدّى إلى بتر أصابع يده اليسرى الأربعة، وقطع الأوعية الدموية بالكامل بمنشار كهربائيّ. ساهمت خبرة الدكتور يوسف بخاش، رئيس نقابة الأطباء اللبنانية وجراح التجميل والترميم الشهير، والدكتور جمال حب الله المتخصص في جراحة اليد والجراحة المجهرية بشكل محوري في نجاح العملية الجراحية.
حالة نادرة في لبنان
استغرقت العملية الجراحية الأولى نحو 10 ساعات، عمل في خلالها الأطباء بدقّة لإعادة ربط جميع الهياكل الحيوية للأصابع. تبع الجراحة الأولى عملية جراحية ثانية استمرّت 3 ساعات في اليوم التالي بهدف تعزيز فاعلية عملية إعادة زرع الأصابع ونجاحها على المدى الطويل. استعادت الأصابع الأربعة التي تمّت إعادة زراعتها الدورة الدموية الطبيعية، وتمّت معالجة المريض بنجاح، ثم تعافى وخرج من المستشفى بعد ستة أيام فقط من التدخل الجراحي؛ وهو الآن بصحة جيّدة. وتُبرز سرعة التعافي الملحوظ لهذه الحالة خبرة ودقة فريق الجراحة المجهرية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت.
تعليقاً على هذا الإنجاز، أوضح الدكتور يوسف بخاش بأن "هذه الحالة طرحت تحدّيين: الأوّل على المستوى التقني، إذ تبيّن أن حالات من هذا النوع نادرة جداً في لبنان وتمثلت ببتر الأصابع الأربعة. وقد بُذلت جهود كبيرة لضمان إعادة تثبيت جميع الأصابع والحفاظ على اليد بأكملها. أمّا التّحدي الثاني فيتمثّل بالجانب الإنساني؛ فلقد كان من الأولويات بالنسبة إلينا أن نحافظ على بنية وشكل ووظيفة يد الشاب، ليكون قادراً على عيش حياة طبيعية".
عمليات جراحية متطورة
وأضاف الدكتور بخاش "في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة، التي أدّت إلى هجرة كثيفة للعديد من جراحي التجميل والترميم المتخصصين، أنا من بين عدد قليل من جراحي اليد الذين اختاروا البقاء في البلاد، وهم قادرون على إجراء مثل هذه العمليات الصعبة. وبالتالي، فإن النجاح الذي تم تحقيقه يُشكل دلالة واضحة على قدرة الجسم الطبي اللبناني على تقديم أفضل الخدمات ذات الجودة بغض النظر عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".
من جهته، اعتبر رئيس دائرة الجراحة في المركز الطبي للجامعة الأميركية، الدكتور جمال حب الله، أنه "بالرغم من الصعوبات التي واجهناها خلال السنوات الأربع الماضي، والتي أجبرت العديد من الجراحين في المركز الطبي على مغادرة لبنان، فإن دائرة الجراحة لدينا لا تزال تضمّ أكثر من 40 جراحاً من ذوي الخبرة، وهم يواصلون بتفانٍ القيام بالعمليات الجراحية المتطورة، سواء أكانت بسيطة أم معقّدة، مع نتائج تضاهي تلك التي يتم تحقيقها في أفضل المراكز الدولية".