المصدر: النهار
الكاتب: جاد فقيه
الأحد 31 آب 2025 18:24:07
كان واضحا لجميع المتابعين أن أخبار تسلم الجيش اللبناني لثلاث دفعات من سلاح المخيمات الفلسطينية بتنسيق مع "الأمن الوطني الفلسطيني" في ظرف أقل من 15 يوما تحولت بشكل غريب إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن الحكومة اللبنانية تعتبر هذه الخطوة بالغة الأهمية والرمزية وتمهد بشكل أو بآخر لحث "حزب الله" على تسليم سلاحه، أو ربما اتخاذ خطوات أولية ولو شكلية في هذا السياق.
مشهد تسليم السلاح من مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومخيم شاتيلا ومخيم البص بصور هو الأول من نوعه منذ أن أعطيت "منظمة التحرير الفلسطينية" شرعية لقتال اسرائيل من الأراضي اللبناني سنة 1969 برعاية وضمانة من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر آنذاك، فهل نحن فعلا أمام خطوة أولى يسلم بعدها كامل السلاح الفلسطيني؟
مصدر من حركة "حماس" أشار في حديثه مع "النهار" إلى أن "الفصائل الفلسطينية غير موافقة على هذه الخطوة، بما فيها حركة "فتح" ما عدا جناح الرئيس محمود عباس، هو الجناح التي تتراجع شعبيته يوما بعد يوم"، مضيفاً: "الفصائل عبرت بشكل واضح أن حقها باقتناء السلاح مرتبط بحق العودة المقدس، مع التشديد على أننا نحترم سيادة الدولة اللبنانية ولا يمكن أن يستخدم هذا السلاح سوى لقتال اسرائيل".
ولا يوافق المصدر على وصف ما يجري بأنه مسرحية مدبرة لاقناع المجتمع الدولي بأنه ثمة عملية تسلم سلاح تحصل شارحاً "تسليم السلاح حصل بالفعل من قبل جناح محمود عباس في فتح، لكن هذا السلاح لا يشكل غالبية السلاح الفلسطيني، ولا حتى غالبية كمية السلاح لدى فتح،" ويقول "الجميع يعلم أن أكبر شعبية لفتح هي في مخيم عين الحلوة في صيدا، فلماذا لم يسلموا سلاحهم في هذا المخيم؟ أليس لأنه ثمة خلاف بين قيادات فتح حول فكرة تسليم السلاح؟".
في موازاة ذلك، كان واضحا وجود تناقض في تصريحات قيادات منظمة التحرير، خصوصا بالتزامن مع تسلم أول دفعة سلاح من مخيم برج البراجنة إذ اعتبر عضو قيادة حركة فتح في تصريحاته لأكثر من وسيلة إعلامية أن "السلطة الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير وحركة فتح تسلم كل سلاحها الثقيل للدولة اللبنانية في مقابل إقرار حقوق اجتماعية واقتصادية ومدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان،" أما قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب فقد صرح آنذاك أن "السلاح الذي سلم للجيش هو سلاح جديد دخل إلى المخيم قبل أيام قليلة، وليس سلاح المخيمات".
هذا التباين داخل حركة "فتح" والتناقض الفصائلي الواضح يطرح العديد من علامات الاستفهام حول كيف ستتعامل الحكومة اللبنانية مع "البندقية الفلسطينية" في المرحلة المقبلة، وما إذا كانت ستلجأ إلى خيار العنف التي سرّب أنها ستحاول قدر الإمكان الابتعاد عنه بالتعامل مع "حزب الله" لتفادي فتنة داخلية لبنانية، مع العلم أن هذا العامل لا ينطق مع الفصائل الفسلطينية.