إنها من المرات القليلة التي يسمّي فيها حزب الله رئيساً للحكومة... ما هي الدلالات؟

طويت صفحة التكليف، وباشر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مهمة التأليف بالاستشارات مع الكتل النيابية، في الشكل الاجواء ايجابية، اما في المضمون، فلا شيء يؤكد ان المسار سيكون مزروعا بالورود بل بالاشواك!
لكن تسمية حزب الله للرئيس المكلف تحمل الكثير من الدلالات، لا سيما انها من المرات القليلة التي يسمّي فيها حزب الله رئيساً للحكومة. سمّى السفير مصطفى اديب، وقبله حسان دياب، وفي المرحلة السابقة نجيب ميقاتي في العام 2011، وقبله الرئيس سليم الحص في العام 1998. وهذا ما يوحي ان هذه التسمية متطابقة مع مصلحته، وربما ايضا مع حاجته.

فهل وجد الحزب مصلحة مع ميقاتي؟ يؤكد مصدر قريب من حارة حريك، انه يسجل لحزب الله حرصه على الخروج من الازمة السياسية لاعادة تكوين السلطة التنفيذية باعتبارها الخطوة الاولى والضرورية للتصدي للانهيار الحاصل، على الرغم من ان رسم الخطط والسياسة الاصلاحية يحتاج الى بعض الوقت.

ويرى المصدر ان التأليف على الاقل يخفف من حدة الانهيار ويقلل من مضاعفات الازمة المالية والاقتصادية والقضايا الاجتماعية والحياتية، وبالتالي حزب الله يدرك تماما- منذ تكليف الرئيس سعد الحريري في تشرين الاول الفائت- خطورة الوضع، على الرغم من انه لم يسمه لاعتبارات عدة، لكنه كان داعما ومسهلا وحريصا على ان تبصر الحكومة النور، انطلاقا من مقاربة ثابتة بان الازمة التي وصلنا اليها تحتاج الى الاسراع في التأليف، ويبقى وجود الحكومة الهدف الاساس من اجل التصدي لهذا الانهيار.
وردا على سؤال، يكرر المصدر انه من خلال تسمية ميقاتي وقبلها من خلال التعاون مع الحريري سابقا، فان الهم الاساس للحزب في هذه المرحلة هو اعادة البلد الى وضعه السياسي الطبيعي بعد الازمة التي تعصف به وادت الى مضاعفات سلبية جدا على الوضع المالي والاقتصاد والاجتماعي.

واذ يشدد على ان حزب الله حريص على الاستقرار الاجتماعي، وتأمين الخدمات للناس، وبالتالي عدم ادخال البلد في اتون مضاعفات الازمة التي قد تمتد الى ما لا يحمد عقباه، يقول المصدر: من هذا المنطلق بادر الحزب وسعى وسيسعى من اجل اعادة تكوين السلطة التنفيذية بما يؤدي الى انتظام عمل المؤسسات مع الحرص على احترام كل الصلاحيات واعطاء الاولوية لوضع حد للانهيار المريع الذي دخلنا فيه!

وماذا عن الاختلاف مع التيار الوطني الذي كان متجها الى تسمية السفير نواف سلام، يشير المصدر الى ان تكتل لبنان القوي لم يسم احدا انطلاقا من قناعة لديه وليس بعد تدخل من قبل الحزب، وان كان الاسم قد خضع للتداول.
في المقابل يشدد المصدر على ان الاختلاف بشأن التسمية لا ينفي الامور المشتركة والثوابت في العلاقة بين الجانبين، لا سيما لجهة حماية لبنان والتصدي للتحديات الخارجية. ولكن فيما يتعلق بتركيبة البلد الداخلية وتحديد الاولويات وكيفية المقاربة هناك اجتهادات، لكنها لا تخلّ في العلاقة الثنائية.
ويذكّر المصدر ان حزب الله والتيار حزبين مختلفين مستقلين وليسا جسما واحدا، لكن لديهما مساحة مشتركة كبيرة من الثوابت لا سيما لجهة مواجهة الاحتلال الاسرائيلي والتصدي للخطر التكفيري كما انهما يحرصان على مصلحة لبنان.
وماذا عن المبادرة الفرنسية التي اعلن ميقاتي بعيد تكليفه الالتزام بها، وهل ما زالت صالحة بعد مرور نحو سنة على الاعلان عنها؟ يجيب المصدر: انها محاولة انقاذ وجمع القوى السياسية من اجل اعطاء الاصلاح الاولوية والاتفاق على حكومة من الاختصاصيين لها مَهمة محددة وعنوانها انقاذ الوطن، وحزب الله موافق على هذا المبدأ كونه حاجة لبنانية، ويتابع: البلد بحاجة الى من يمد يد العون، دون ان يكون هناك حسابات سياسية تمس بمصلحة لبنان، ولا بموقعه السياسي.
وختم: حزب الله يفرّق بين صديق يمد يد العون وحريص على البلد، ومن يأخذ بالاعتبار المواقف السياسية الداخلية ودور المؤسسات، وبين من هو مضطر الآن الى ان يظهر نوعا من الصمت للتسهيل دون ان يعفيه (الحزب) من مسؤولية ما وصل اليه الوضع نتيجة ضغوطاته وحصاره، واعني بذلك الادارة الاميركية ومن وقف الى جانبها.