إيران رسَّمَت حدود التفاوُض بالصّواريخ والنووي فهل تشتعل الطاولة بالجالسين حولها؟!

لم تَكَد تنطلق عملية الإقتراع للإنتخابات الرئاسية الأميركية، حتى بدأت المواقف الإيرانية تخرج من خزائن كبار المسؤولين الإيرانيين، وهي ترسم سقف العمل الإيراني مع أي إدارة أميركية جديدة، بمعزل عن إسم الفائز في "الرئاسية" الأميركية.

ففي موقف اعتيادي ومعروف، أشار مرشد "الجمهورية الإسلامية" علي خامنئي الى أن نتيجة الإنتخابات لن تؤثر على سياسة طهران تجاه واشنطن، وقال:"سياستنا تجاه الولايات المتحدة محدّدة بوضوح، وهي لا تتغيّر بتغيُّر الأفراد". فيما لفت الرئيس الإيراني حسن روحاني الى أن بلاده لا يهمّها الشخص أو الحزب الذي سيفوز، بل سياسات الإدارة الأميركية القادمة. وهذا أمر يُشبه ما هو موجود في واشنطن أيضاً، إذ إن ثوابت السياسة الأميركية تجاه طهران لا تتغيّر بحسب تغيُّر الرؤساء وإدارتهم.

 

توتّرات؟

ولكن ما قد يشكّل مادّة تؤشّر الى إمكانية حصول توتّرات أو تعثّرات أميركية - إيرانية جوهرية في أي تفاوُض مُحتَمَل مستقبلاً، ما قاله خامنئي عن أن بلاده تحتاج الى تطوير قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية، للدّفاع عن نفسها في مواجهة الأعداء، بالإضافة الى تأكيد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه لو أرادت إيران التفاوُض حول "الإتّفاق النووي" من جديد، لكانت فعلت ذلك منذ أربع سنوات. وأضاف ظريف:"طهران لن تفكر بإعادة التفاوُض حول البنود الواردة في الاتفاق، وذلك تحت أي ظرف من الظروف".

وبالتالي، نجد أن طهران رسَمَت سلفاً، منذ الآن، خطوطاً حمراء حول ملفات أساسية لأي طاولة مفاوضات أميركية - إيرانية. وهذا الأمر يطرح الجدوى من انتظار تلك الطاولة، والآفاق التي يُمكن أن تفتحها، على بساط البحث.

 

أوراق أخرى

أوضح الوزير السابق فارس بويز أنه "بحسب النّظرة الإيرانية، فإن تغيير أو عدم تغيير الرئيس الأميركي، لن يؤثّر على السياسة الأميركية بشكل جذري".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "إيران تدرك جيّداً أن الولايات المتحدة تحت تأثير كبير لإسرائيل، وأن أي رئيس أميركي يُنتَخَب سيخدم مصالح تل أبيب بالدرجة الأولى، وأنه سيغلّب تلك المصالح على أي اعتبارات أخرى. ولهذا السبب، لا تتوقّع إيران أي تغيير سواء فاز الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو منافسه الديموقراطي جو بايدن، وهي لا تراهن على أحد منهما".

ورأى أنه "في ما يتعلّق بالموقف الإيراني من "الإتفاق النووي" والصواريخ الباليستية، فصحيح أن إيران متمسّكة بمواقفها من هذَيْن الملفَّيْن، وهو ما يجعل الجميع يعتقدون أن أي تفاهم مُحتَمَل بينها وبين واشنطن سيكون صعباً للغاية في تلك الحالة، إلا أننا نذكّر بأن أوراقاً أخرى موجودة للتفاوُض في شأنها بين الطرفَيْن، لا بدّ لهما من الدخول في مضامينها وتفاصيلها، منها انتشار النفوذ الايراني في منطقة الخليج العربي واليمن والعراق وسوريا ولبنان، وحتى في منطقة الشرق الأوسط عموماً. فالتفاوُض حول تلك الأوراق يؤمّن استقرار المنطقة أيضاً، وذلك بمعزل عن ملفَّي الصواريخ الباليستية و"الإتفاق النووي".

 

الأذرُع والميليشيات

وشدّد بويز على أن "التمسُّك بالتفاوُض حول الملفات النووية والباليستية الإيرانية، أو تعثُّر هذا المسار، لا تشكّل عوامل لإلغاء أي مفاوضات مستقبلاً، إذا أراد الفريقان خوضها، لا سيّما أن السياسات الإيرانية، وخريطة الإنتشار الإيراني عموماً، قد تكون بأهمية "الإتفاق النووي" والصواريخ الباليستية".

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تقدّم طهران تنازلات في ما يتعلّق بالأذرُع والميليشيات التابعة لها في المنطقة، إذا أُعطِيَت هوامش أوسع مستقبلاً، في مجال الصّواريخ الباليستية و"الإتفاق النووي"، أجاب:"لا توقّعات تُفيد بإمكانية حصولها على مجالات أكبر في هذا المجال، ولكن إذا تمّ القبول بالحَجْم الباليستي والنووي الذي تمتلكه حالياً، فهي قد تكتفي بذلك".

وختم:"على هذا الأساس يُمكن التفاوُض معها مقابل سياسة تُعتمَد من جانبها، تضمن الإستقرار الإقليمي، وعَدَم انفلاش سياسي أكبر لها على مستوى المنطقة. ولكن من المبكر أن يتمّ البتّ بكلّ تلك التفاصيل منذ الآن".