المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نورما أبو زيد
الاثنين 10 تشرين الثاني 2025 06:54:30
مع إعادة ترتيب الأولويات القضائية والأمنية والسياسية، تتبدّى منذ فترة مؤشرات واضحة على توجّه الدولة اللبنانية نحو إقفال تدريجيّ لعدد من الملفات العالقة منذ سنوات، والمتعلّقة ببعض الإسلاميين. وفي المقابل، تطفو إلى الواجهة ملفات جديدة تخصّ خلايا مشتبه في نشاطها، كما هو الحال في ما بات يُعرف بشبكة بتيبات ـ حمانا. والسؤال المطروح هنا: هل تتساهل الجهات القضائية المعنية، أم أن الموقوفين يسلكون فعلًا طريقهم نحو المحاكمة، وفق جدول يأخذ في الاعتبار حجم التهديدات الأمنية الراهنة؟
قبل صدور أحكام التوقيف الوجاهية في آب الفائت، والتي توزعت على تاريخين هما 12 و 28 آب الفائت، كانت مخابرات الجيش اللبناني قد نفذت عملية رصد ومتابعة دقيقة، انتهت في 13 تموز بإلقاء القبض على ما عُرف بشبكة الـ 11. ووفقًا لمعلومات "نداء الوطن"، عُثر بحوزة الموقوفين على أسلحة وذخائر حربية، وهواتف خلوية استخدمت للتواصل داخل لبنان وخارجه، إضافةً إلى حواسيب محمولة، وسيارات ودرّاجات نارية، فضلًا عن خرائط وأوراق تضمّنت دروسًا وتدريبات عسكرية، ما عزز الشبهات حول طبيعة نشاطهم ومستوى التنسيق مع مجموعات داخل لبنان وخارجه. وقد أظهرت التحقيقات، سواء لدى مخابرات الجيش، أو أمام المحكمة العسكرية، وجود خلايا متراصّة ومتماسكة ومترابطة، تعمل تحت إطار ما يُعرف بـ "قوات الفجر،" التابعة لـ "الجماعة الإسلامية". وقد تبيّن أن الأدوار والمهمّات داخل هذه الخلايا موزعة بوضوح بين ما هو عمل ميداني وعسكري، وما هو نشاط نظري تعليمي، وما يندرج في إطار جهود التعبئة الأيديولوجية والتحفيز. كما توقفت التحقيقات عند انتقال مجموعات من "الجماعة" إلى مخيّمات تدريب في سوريا، بإشراف قادة من "حماس"، وذلك في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد.
حاول بعض أفراد الشبكة إنكار أيّ ارتباط لهم بالتدريبات العسكرية، غير أن الإنكار لم يصمد طويلًا، إذ كانت مخابرات الجيش قد ألقت القبض عليهم بالجرم المشهود، قبل أن يعترفوا لاحقًا بما نُسب إليهم. وقد تبيّن من إفاداتهم، أن ما قاموا به تمّ بالاتفاق والتنسيق مع "حركة حماس"، وأن شخصين مجهولي الهوية يُعرفان بالاسمين الحركيين "أبو خالد" و "أبو علي"، وهما من مسؤولي "الجماعة الإسلامية"، تولّيا تأمين الأسلحة والذخائر وسائر المضبوطات بالتعاون مع "حركة حماس". وقد ساعدهما في ذلك الموقوفان الأردنيان من أصل فلسطيني م.ح.ش. وا.م.ش.
هل هناك صلة بين شبكة بتيبات ـ حمانا و "خلية الصواريخ" المعروفة أيضًا باسم "خلية الفوضى"، والتي أوقفتها السلطات الأردنية في نيسان الفائت، وتلقى أفرادها تدريبات في لبنان، كما اعترفوا؟
تشير مصادر أمنية لـ "نداء الوطن"، إلى وجود صلات محتملة مع الشبكات الإقليمية، لكنها ليست مباشرة مع شبكة بتيبات نفسها، وإنما عبر مشغليها ودوائرها التنظيمية. وتوضح المصادر أن التحقيقات تتجاوز الموقوفين الحاليين، لتشمل بحثًا أوسع عن روابط محتملة بشبكة الأردن، بما يشير إلى شبكة علاقات أوسع بين خلايا محلية وإقليمية. ويُستند في هذا السياق إلى ما سبق وأظهرته التحقيقات حول ارتباط شبكة بتيبات بمعسكر تدريب تابع لـ "حماس" في سوريا، ما يعكس نمطًا من التنسيق والتواصل بين هذه الشبكات عبر الحدود.
يبقى السؤال: هل سلكت الجهات القضائية المعنية طريق التساهل مع شبكة بتيبات؟
تفيد معلومات "نداء الوطن" بأن مطالعة المحكمة العسكرية وقرار قاضي التحقيق العسكري، جاءا منسجمين مع حجم التهديدات الأمنية، وأن الموقوفين يسلكون طريقهم نحو محاكمة مرتقبة، بما يُعيد ترتيب الأولويات بين ما أصبح جزءًا من الماضي، وما يُعتبر تهديدًا أمنيًا قائمًا. ومن المتوقع أن تدينهم المحكمة العسكرية الدائمة استنادًا إلى المواد التي ادّعى بها قاضي التحقيق العسكري، الذي استند إلى مواد من قانون العقوبات، ومواد من قانون القضاء العسكري، إضافة إلى مادة من قانون الأحداث، لكون أحد المجندين قاصرًا. وتُوجّه إليهم تهمة تأليف جماعات إرهابية بهدف النيل من أمن الوطن وهيبة الدولة، فيما يُرجّح ألّا تقلّ عقوبتهم عن عشر سنوات حبسًا.