اجتماع بيت الكتائب خطوة إضافية لتقارُب المعارضة

كتب مجد بو مجاهد في النهار:

"تكبر مساحة التقارب بين مجموعة نواب سياديين وتغييريين ومعارضين مستقلين يتلاقون في العناوين العامة للاستحقاق الرئاسي، بما أظهرته النتائج المنبثقة عن الاجتماع الذي ضمّ 27 نائباً في بيت الكتائب المركزي بالصيفي. وإذا كانت التوجهات النيابية متنوعة لجهة الأسلوب المعتمد في التصويت الرئاسيّ حتى اللحظة، إلا أنهم يتفقون على تشكيل "فريق ضغط" يتكافل في العمل على خلخلة جدار التعطيل الحائل إلى الفراغ الرئاسي. وبمعنى أوضح، فإن النواب المجتمعين يتموضعون جميعاً على جهة واحدة لسدّ الثقوب على مدخل قاعة البرلمان ومنع تسرّب النواب المعطلين للنصاب عبر اتخاذ مواقف ضاغطة ومباشرة محذّرة من خطورة التلاعب بالاستحقاقات والمؤسسات. وهؤلاء المتلاقون من تكتلات سيادية ومعارضة يتحلّقون أيضاً حول رفض انتقال المعركة النيابية باتجاه الانشغال في تقسيم الأصوات البرلمانية لمناقشة رسائل حيال مسائل عابرة، بل تحويل أي مناقشات من هذا النوع إلى قُصاصات أوراق والإفادة من حبرها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهنا، يعتمد بعض النواب السياديين طابعاً كوميدياً في القول إن سبب اقتراع كتل معينة بأوراق بيضاء هو عدم توزيع أقلام في الجلسة الرئاسية. ويركّزون على الأولوية الدستورية المتمثلة بانتخاب رئيس للجمهورية.

 

ولم يأتِ الاجتماع في بيت الكتائب كمعطى جديد من نوعه. وبحسب معطيات "النهار" التي تشير إليها مصادر كتائبية رسمية مواكبة للاجتماع، فإنه يعتبر بمثابة استكمال للقاءات التي كانت تحصل بين التكتلات النيابية في الأسابيع الماضية وكمشاورات موسّعة متحدّرة من لقاء الثلثاء النيابي الذي انعقد خلال فترة معيّنة في البرلمان. ويعتبر البيان الصادر عن الاجتماع بمثابة استمرارية للمواقف الصادرة عن لقاء الثلثاء أيضاً، مع التأكيد على التواصل المستمرّ والدائم بين حزب الكتائب والنواب الحاضرين في دارته وسط اجتماعات أسبوعية علنية قائمة مع تكتل "الاعتدال الوطني" وتنسيق مستمر مع كتلة "تجدّد" والتوجّه معاً لحضور الجلسات الرئاسية. وكان للمروحة أن توسّعت راهناً لتشمل عدداً من النواب التغييريين بعد خلط الأوراق الذي شهده التكتل التغييريّ. وحصل ذلك من باب التنسيق للمرحلة المقبلة خصوصاً أن البيان المنبثق عن الاجتماع متعلّق بتسريع دعوة انعقاد الجلسات النيابية واستكمال محطات التنسيق التدريجي للاستحقاقات المقبلة.

ويعمل حزب الكتائب بهدوء للاتفاق على منهجية معيّنة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي وتثبيت أهميته بشكل أكبر بعد انتهاء المهلة الدستورية. ويخطو النواب المجتمعون مزيداً من التقدّم باتجاه وحدة الرؤية حيال الاستحقاق المنتظر كلّما ضاقت المواقيت تزامناً مع حراجة أوضاع البلاد. ولا تغيب النقاط المشتركة بين المجتمعين والتي يعوّل عليها الكتائب كمدماك أساسي لأي تقارب أكبر منشود في المرحلة المقبلة. وهم يشكلون مجموعة من النواب السياديين الذين يؤكدون الايمان بالدستور وأهمية الحفاظ عليه وانتظام عمل مجلس النواب لانتخاب رئيس مع ضرورة الالتئام الدائم.

 

ويعتبر الحاضرون في الاجتماع أن التحلق حول الاستحقاق الرئاسي مسألة جيّدة ككرة ثلج تكبر مع الوقت. وحتى اللحظة، لا مرحلة جديدة من بحث الأسماء الرئاسية. ويلفت النائب بلال الحشيمي الذي حضر الاجتماع لـ"النهار" إلى إن "أهميته تتمثل في الاتفاق على تفاصيل البيان الصادر واتخاذ التوجه نفسه في ظلّ المعاناة التي تعانيها البلاد بحيث لا يمكن الاستمرار وفق المنطق الحالي"، مشيراً إلى أنه "يُنتظر عقد لقاء آخر لبلورة خطوات مقبلة حيال كيفية مقاربة الانتخابات الرئاسية، مع استمرار النواب بالاقتراع لمصلحة النائب ميشال معوض. ورئاسياً، يستمر التقارب بشكل أكبر بين كلّ النواب المجتمعين حول عدم انتخاب رئيس من فريق 8 آذار وعدم تكرار تجربة عهد ميشال عون". ويقرأ الحشيمي أن "الرسالة الرئاسية وجهت للانتقال الى نقاش بين المسيحيين والسنة حول مسألة الصلاحيات، في وقت وصلت البلاد إلى الحضيض وسط عقل شرير. وقد أشرنا كنواب مسيحيين وسنّة شاركوا في الاجتماع إلى رفض الرسالة غير اللازمة".

 

وفي وقت برزت مشاركة مجموعة من النواب التغييريين في بيت الكتائب، تعبّر أجواؤهم عن أهمية الحضور في مرحلة دقيقة تستوجب اتخاذ المسؤوليات كاملة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وحضروا للمطالبة بأن يقوم النواب بمسؤولياتهم خارج التعطيل وألا يكون أي عمل للمجلس النيابي إلا ضمن إطار انتخاب رئيس للجمهورية، مع الإشارة إلى أن الاجتماع لم تكن غايته تسمية مرشح معيّن في المرحلة الراهنة فيما شمل تنوعات نيابية صوّتت باتجاهات بحسب قناعاتها. ويقول النائب رامي فنج لـ"النهار" إن "أهمية الاجتماع باعتباره لقاء عابراً للمناطق والطوائف بهدف الوصول إلى موقف وطني جامع، للتأكيد بأن العمل الوحيد في التوقيت الحالي يقوم على ضرورة إتمام الاستحقاق الرئاسي الذي يعتبر مطلباً أساسياً للشعب اللبناني والمجلس النيابي"، معتبراً أن "الاجتماع مبادرة للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية، كاصطفاف وطني ودعوة جامعة للعمل على تخطي المشاكل التي واجهناها سابقاً. وهو يمثّل انطلاقة رفضاً للمقاطعة وانتخاب رئيس بأسرع وقت ضمن إطار الدستور اللبناني وتطبيق المادة 74 و75 منه. ولا يعني ذلك إلزامية التصويت بنفس الاتجاه في الجلسات المقبلة". ويؤكد فنج "أنني أمثّل نفسي ولدينا الحريّة في التواجد خلال اجتماعات كنواب تغييريين والتباحث مع زملائنا في التكتل بالمواقف والتصوّرات والعمل على عرض الأفكار معهم، وهي مسألة معتادة لجهة المشاركة في اللقاءات كما خلال المبادرة الرئاسية بعدما تواصلنا مع الجميع من دون استثناء. وأتمنى التوصّل مع زملائي في التكتل التغييريّ إلى تموضع استراتيجيّ في العمل السياسي".