المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الاثنين 8 كانون الاول 2025 07:38:49
أكد أعضاء مجلس الأمن بعد انتهاء جولتهم في لبنان، الالتزام بالتنفيذ الكامل للقرار 1701، وتأييد قرار الحكومة حصرية السلاح بيد الدولة. يعطي هذا الموقف فرصة للدولة، خصوصاً بعد قرار لبنان تعيين سيمون كرم في "الميكانيزم"، لكن الدعم مشروط بالتقدم في معالجة المسائل العالقة وعلى رأسها نزع سلاح "حزب الله" بالتوازي مع انطلاق المفاوضات.
نجح قرار التفاوض في إبعاد الانفجار أو التصعيد الإسرائيلي ونزع فتيل الحرب مؤقتاً. وإذا كان لا يبنى على أول اجتماع للميكانيزم، فإن الاجتماع المقبل في 19 كانون الأول الجاري، قد يحدد مسار التفاوض على أي ملفات اجتناباً للتصعيد أو أن الحرب ستكون أمراً واقعاً تلوّح بها إسرائيل ضد "حزب الله" الذي اعتبر أن تعيين مدني في اللجنة خضوع للإرادة الأميركية والإسرائيلية وهو تنازل مجاني وفق الشيخ نعيم قاسم، ما يضغط على الرئاسات الثلاث وشريك الحزب في الثنائي وفي السلطة.
تشبيه قاسم خطوة تعيين كرم في الميكانيزم بخطيئة 5 آب، يضع الحزب في مواجهة الدولة، وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كان سيعطل أي تقدم في التفاوض.
فقد حسمت الدولة خيارها خلافاً للأجندة الإسرائيلية ولو تحت التهديد، وذلك لتخفيف الخسائر أمام ما قد تحمله الحرب الكبرى، إذ لعبت الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في ترتيبات التفاوض عبر الميكانيزم، وهي التي دفعت إسرائيل الى تسمية مندوبها في اللجنة، ما يعني إرجاء الخطة الإسرائيلية للحرب، أقله إلى حين استكمال المهل، إضافة إلى ما سيقدمه الجيش في تقريره الأخير حول جنوب الليطاني، وتحضيره للمرحلة الثانية لاحتواء السلاح شماله وفق تعبير رئيس الحكومة نواف سلام.
يتبين أن الولايات المتحدة تمنح فرصة بمهل محددة لإنجاز سحب السلاح، فيما إسرائيل تفصل في رؤيتها للتفاوض بين أهدافها الأمنية ضد "حزب الله" ومشروعها لاتفاق سلام مع لبنان يتضمن المنطقة العازلة. وفي الواقع لم يكن أمام الدولة خيارات أخرى، إذ أن الضغوط الناجمة عن اختلال موازين القوى فرضت نفسها والتي لا يريد "حزب الله" الاعتراف بها، بعدما تمكنت إسرائيل من الحاق ضربات بالحزب خلال حرب الـ66 يوماً وأنهكت لبنان واستنزفته.
قرار التفاوض، يؤجل الحرب لكنه لا يزيلها، فالترحيب الدولي لا يعني انتهاء الضغوط لسحب السلاح. وقد يواجه لبنان مزيداً من العمليات الإسرائيلية بالنار وأيضاً الشروط الأميركية، لكنه مضطر للسير في التفاوض كمخرج اضطراري لتخفيف الخسائر. ووفق المعلومات أن إسرائيل أرسلت عبر الأميركيين جملة شروط ستحدد مصير التفاوض في المرحلة المقبلة، تبدأ بإنهاء ملف سلاح "حزب الله" في جنوب الليطاني وشماله، ولهذا الأمر مهلة جديدة قد تمتد لشهرين، والطلب من الجيش اللبناني أن يدخل إلى الأملاك المدنية الخاصة التي يجري التبليغ عنها. فيما لبنان يرفض هذه الإملاءات وأبلغ سقوف موقفه للأميركيين.
تحصر إسرائيل التفاوض بالشأن الاقتصادي والاتفاقات حول ترتيبات للحدود، إذ أنها تصر على المنطقة العازلة وان كانت وفق ما تنقله تقارير إسرائيلية عبارة عن شريط أمني تحت الرقابة الإسرائيلية بالاتفاق مع لبنان. وانطلاقاً من ذلك تلفت مصادر ديبلوماسية إلى أن أي حرب محتملة، لن تكون على شاكلة هجوم بري، انما باستهدافات وضربات للبنية التحتية والمرافق، إذ أن إسرائيل تريد منطقة على شكل شريط عازل لحماية مستوطناتها.
رفض "حزب الله" للتفاوض، ينطلق من رهانات إقليمية، في الوقت الذي يعجز فيه عن الرد، ولا يعلن عن خططه لوقف الاعتداءات الإسرائيلية أو استعادة توازن الردع، فيعود إلى تعبئة بيئته لاستثمار الرفض في الداخل. وحين يحمل الدولة المسؤولية يهرب من الواقع وهو يعلم أن الدولة ليس لديها ما تقاتل به، فإذا كان حريصاً على لبنان عليه أن يسند المفاوض اللبناني في تحسين موقع لبنان في التفاوض لتخفيف الخسائر وصولاً إلى الانسحاب الإسرائيلي بلا قيود ثقيلة على البلاد.