المصدر: الحرة
الكاتب: سارة الخنسا
الأربعاء 19 آذار 2025 11:37:54
في ظل التصعيد المستمر في غزة، يواجه لبنان تحديات متزايدة على الصعيدين الأمني والسياسي، خاصة في ظل تأثيرات الحرب المباشرة على الحدود الجنوبية.
ومع استمرار حزب الله في تعزيز وجوده العسكري في الجنوب، أصبح لبنان مهددًا بتداعيات هذه الحرب على استقراره الداخلي.
فبينما تتصاعد العمليات العسكرية على الحدود، تزداد المخاوف من أن يصبح لبنان ساحة لـ"تصفية الحسابات الإقليمية".
في هذا السياق، تزداد الضغوط على الحكومة اللبنانية لتتخذ موقفًا حاسمًا ضد أي تهديدات قد تمس استقرار البلاد، في وقت تبقى إسرائيل في موقف متشدد تجاه سلاح حزب الله ونشاطاته في المنطقة، مما يرفع احتمالية التصعيد في أي لحظة.
كما أن الانقسامات الداخلية في لبنان تزيد من صعوبة اتخاذ موقف موحد تجاه الأوضاع المتدهورة.
في ظل هذه الظروف، يواجه لبنان تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على استقراره وتجنب الانزلاق إلى أزمات أكبر قد تهدد مستقبله السياسي والأمني.
أكد الصحافي والكاتب السياسي جوني منير أن استئناف الحرب في غزة لن يؤدي بالضرورة إلى تكرار سيناريو حرب الإسناد، لكنه يشير إلى دخول المنطقة مرحلة جديدة من العنف.
ورأى أن لبنان سيتأثر بشكل غير مباشر بهذه التطورات، خاصة من خلال ما يجري على المستوى الحدودي بين لبنان وسوريا، وتحديدًا في منطقتي الهرمل والقصير، حيث يبدو أن هناك توظيفًا سياسيًا للأحداث.
وشدد منير على أن الحرب في غزة ستُسهم في رفع مستوى الحذر في لبنان، خصوصًا في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر، حيث تعتبر إسرائيل بأن لبنان لم يلتزم بمتطلبات القرار 1701، وأن سلاح حزب الله لا يزال موجودًا في جنوب خط الليطاني.
وأوضح أن ذلك يعني أن ملف الحرب لم يُقفل بعد، وأن وتيرة التوتر في لبنان سترتفع.
وأضاف منير أن احتمال اندلاع حرب مفتوحة على لبنان ليس مستبعدًا، لكنه في الوقت ذاته ليس مرجحًا بشكل كبير، لافتًا إلى أن المعطيات الميدانية لا تشير إلى حرب شاملة وواسعة، خاصة مع وجود اللجنة الخماسية في الجنوب، إلى جانب انتشار قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني.
لكنه حذر من أن البديل عن الحرب المباشرة قد يكون تصعيدًا في وتيرة الاغتيالات، وهو سيناريو أخطر بكثير.
وأشار إلى أن إسرائيل "سبق أن هددت بتنفيذ عمليات اغتيال"، وهو ما بدأ بالفعل بالظهور في مناطق البقاع، مع احتمال تمدده إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.
واعتبر أن هذه العمليات تمثل وجهًا آخر للحرب، دون الحاجة إلى مواجهة عسكرية شاملة، لكنها قد تؤدي إلى نتائج مشابهة من حيث التأثير على الوضع الداخلي في لبنان.
وختم منير بالإشارة إلى أن حزب الله منشغل حاليًا بإعادة ترتيب وضعيته التنظيمية الداخلية وتركيبته العسكرية، في ظل التطورات المتسارعة على الجبهتين الجنوبية والحدودية مع سوريا.
من جانبه، يرى الصحافي والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل أن لبنان لن يكون في قلب أي مواجهة شاملة، مشيرًا إلى أن التأثير المباشر لاستئناف الحرب في غزة على لبنان سيكون محدودًا، من ناحية تحريك الجبهات أو اندلاع مواجهة عسكرية واسعة.
وشدد على أن التطورات المتوقعة تتركز في استمرار إسرائيل بتوجيه ضرباتها في الجنوب اللبناني، وربما توسيع نطاق عملياتها، كما حدث مؤخرًا عندما دخلت إحدى البلدات اللبنانية، في سياق الضغط العسكري والسياسي الذي تمارسه إسرائيل.
وأضاف أبو فاضل أن أي تصعيد من الجانب اللبناني هو مرتبط بقرار إيراني، إلا أن حزب الله لم يعد في موقع يسمح له بخوض حرب جديدة على غرار المواجهات السابقة، نظرًا للظروف الداخلية والتوازنات الإقليمية، مما قد يدفعه إلى الاكتفاء ببعض التحركات المحدودة دون الدخول في معركة شاملة.
وأوضح أن هذا السيناريو يبقى مستبعدًا إلى حد كبير في ظل إدارة ترامب، التي تسعى إلى ضبط الإيقاع الإقليمي، وهو ما يجعل لبنان حتى الآن بمنأى عن تداعيات مباشرة أو مواجهة كبرى قد تخلط الأوراق في الداخل.
بينما يستمر الوضع في لبنان بالتأثر بالتطورات الإقليمية، تظل التحديات الأمنية والسياسية في الواجهة، مما يجعله عرضة لتداعيات غير مباشرة قد تؤثر على استقراره الداخلي.