المصدر: الأنباء الكويتية
الأربعاء 23 تشرين الثاني 2022 00:35:42
مرت أمس، ذكرى الاستقلال التاسعة والسبعون، بلا مظاهر استقلالية، تبعا لغياب رئيس الجمهورية، ومعه مقومات الاستقلال وشروطه، فلا عرض عسكريا في وسط العاصمة، ولا تقبل التهاني في القصر الجمهوري المغلق، وإنما اقتصر مظهر الاحتفاء بالمناسبة على وضع أكاليل الزهور على أضرحة رجال الاستقلال، وتوجيه رسائل استقلالية، من قادة الجيش والأجهزة الأمنية.
وأكثر من هذا غير ممكن، في ظل شغور رئاسة الجمهورية، وعجز مجلس النواب عن القيام بواجب انتخاب رئيس جديد، ومحاصرة عمل حكومة تصريف الأعمال بالحد الأدنى من الصلاحيات.
ومع تتالي الأيام، ستتضاعف الشواغر الأساسية في الدولة، في السنة الطالعة، أبرزها قيادة الجيش، مع إحالة العماد جوزاف عون وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في النصف الأول من هذه السنة، وعندما تهتز السلطة العسكرية والسلطة المالية، قد تغدو العواقب وخيمة.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، سأل عن الاستقلال الذي بدأ قبل 79 سنة، وأين نحن اليوم؟ فأجابت قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله بالقول: «سؤال الجواب عنه مؤسف في بلد انتصر على الانتداب وعلى أعدى الأعداء، ولكنه اليوم صريع أبنائه المتخبطين والتائهين بين حسابات شخصية ومشاريع خارجية».
وكي لا يتحول الاستقلال إلى ذكرى، كما هو الحال ظرفيا الآن، دعا الرئيس بري الى وجوب بقاء الاستقلال نهج حياة وفعلا يوميا لإرادة وطنية واحدة، من خلال إعادة فتح أبواب الاتصال بين الجميع.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فقد اعتبر هذه المناسبة «محطة عابرة في تاريخ وطن بنته سواعد أبنائه منذ أمد بعيد وتحميه من العواصف التي تتكرر في كل فترة».
وأضاف متحدثا عن «غصة على واقع دستوري منقوص بسبب الشغور في موقع الرئاسة، وعلى قلق مشروع على الحاضر والمستقبل»، آملا «أن يتعاون النواب لانتخاب رئيس جديد للبلاد». فهل سيستجيب النواب إلى دعوات الرئيس ميقاتي في جلستهم النيابية الانتخابية السابعة غدا الخميس؟
المؤشرات السياسية، ليست واعدة، في ضوء التأزم السياسي المستمر، وقد عاد رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل الى لبنان ليفاجأ بزيارة مسؤول الارتباط في حزب الله وفيق صفا إلى قائد الجيش العماد جوزاف عون في وزارة الدفاع، هذه الزيارة غيرت الكثير من قواعد اللعبة اللبنانية، لاسيما إذا تبعتها لقاءات أخرى.
ولكن ما مدى جدية انفتاح حزب الله على العماد جوزاف عون؟ قناة «أم تي في» تساءلت: هل القصد منه توجيه تحذير إلى باسيل، خصوصا بعد الزيارة الملتبسة التي قام بها إلى الرئيس بري، ثم هجومه من باريس على بري وسليمان فرنجية؟
لكن قناة «الجديد» التي نقلت خبر الزيارة عن الوزير السابق وئام وهاب، عادت لتقول إن اللقاء الذي حصل الأربعاء الماضي هدف إلى التنسيق الأمني واستمرار التعاون بين القيادة العسكرية وحزب الله، إلا ان إعطاء اللقاء طابع رئاسي «غير دقيق» وبالتالي فإن الكلام عن ترشيح قائد الجيش للرئاسة سابق لأوانه.
المصادر المتابعة، ترى ان الرئاسة اللبنانية رهينة احتمالات عدة أبرزها، حصول تسوية داخلية كبرى تعزل تأثير الأزمات الخارجية على الواقع المؤسساتي الداخلي، وهذا يمكن ان يحصل على صورة «تهريبة» خلال انشغال القوى الخارجية الكبرى بصراعاتها، عن الاهتمام بالدول الصغرى، أو من خلال تسوية دولية إقليمية تفرض على القوى الداخلية رؤيتها لمستقبل لبنان.
فعلى المستوى الأول، تبدو القوى اللبنانية الداخلية في حالة عجز عن التوحد، في ظل التوازنات النيابية التي أفقدت حزب الله طاقته السياسية على الفرض والإنهاء.
أما على مستوى التدخل الدولي فالحراك الفرنسي مستمر، لكن الابتعاد الأميركي عن المشهد يقلل من فاعليته، برغم الضغوط الفاتيكانية المساعدة.
وهذا الابتعاد الأميركي أكدته مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف بالأمس، إذ حذرت من ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيؤدي إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما ينذر بانهيار الدولة مجتمعيا.
وأشارت إلى فشل مجلس النواب بانتخاب رئيس، وكأنها استبقت الحديث عن اعتزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مناقشة ملف لبنان مع الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائهما في واشنطن أوائل ديسمبر المقبل بقولها: «هذا الشيء، أي انتخاب رئيس للبنان، لا يستطيع ان نفعل به شيئا، فهم عليهم أن يفعلوا ذلك».