المصدر: الحرة
الأربعاء 29 كانون الاول 2021 20:25:50
لم يجد أستاذ التعليم الثانوي الرسمي، أحمد أمون، سوى العمل على جرار زراعي، يفلح، يزرع، وينقل المياه، لكي يتمكن من مواجهة الظروف الاقتصادية التي يمر بها لبنان، وكما قال لموقع "الحرة": "أعطي دروساً في ثلاث مدارس، ومع هذا لا يتعدى راتبي المليوني ليرة أي حوالي الـ74 دولار، فكيف له أن يكفيني وعائلتي"؟!
"لا يوجد إحصاء رسمي دقيق حول عدد العاملين في مؤسسات الدولة" بحسب تقرير لشركة "الدولية للمعلومات" وذلك لعدة أسباب "منها تعدد التسميات الوظيفية (موظف، متعاقد، أجير، متعامل) وتعدد الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، ولكن الرقم الصحيح إلى حد ما هو نحو 320 ألفا".
ويتوزع العاملون بالقطاع العام بحسب "الدولية للمعلومات" على الشكل التالي: 120 ألفاً في القوى الأمنية والعسكرية، 40 ألفاً في التعليم الرسمي، 30 ألفا في الوزارات والإدارات العامة، 130 ألفاً في المؤسسات العامة والبلديات، ويضاف إلى هؤلاء نحو 120 ألفاً من المتقاعدين أكثريتهم من العسكريين والمدرسين.
ما يعيشه أحمد يعكس واقع موظفي القطاع العام في لبنان، سواء المدنيين أو العسكريين، الذين تدنت القيمة الشرائية لرواتبهم نحو 95 بالمئة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، وكما قالت أمينة الاعلام في رابطة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز لموقع "الحرة" "أصبحت رواتبنا في أدنى قائمة الرواتب على صعيد العالم حيث وصل الحد الأدنى للأجور إلى 25 دولارا، من هنا 70 بالمئة من الأساتذة بدأوا يعتمدون على مداخيل ثانية إن وجدت، سواء من خلال الجمعيات أو مهن أخرى ".
لكن، حتى الأعمال والوظائف الرديفة يصعب، كما اعتبرت رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر في حديث لموقع "الحرة"، "على موظفي القطاع العام العثور عليها في ظل ارتفاع نسبة البطالة، التي وصلت بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل اللبنانية إلى 36.9 بالمئة في عام 2020، وقدّر أنها ستبلغ 41.4 بالمئة في عام 2021".
وأشارت نصر إلى أن "موظفي القطاع العام، وبالتحديد موظفي الادارة العامة، هم الأكثر مظلومية على كل الصعد، من الرواتب إلى التقديمات الصحية والاجتماعية، وهم يعانون على كافة المستويات المعيشية والطبية والاقتصادية".
واعتبرت نصر أن "الصور التي تم تناقلها من أمام المصارف بداية الشهر الحالي حين توجه الموظفون لقبض رواتبهم بالدولار بناء على تعميم مصرف لبنان رقم 161، دليل على الذل الذي يعيشونه، فمن أجل 40 و45 دولارا عوضاً عن رواتبهم الأساسية التي كانت في حدها الأدنى 666 دولاراً، رأينا مشاهد أقل ما يقال عنها عار على الدولة اللبنانية".
مساعدات تجافي الواقع
ولتخفيف معاناة موظفي القطاع العام، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الشهر الماضي، عن منح مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام، تبلغ نصف راتب يعطى لشهرين ونصف شهر عيدية، وذلك قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، على ألا تقل عن 1.5 مليون ليرة، ولا تزيد على 3 ملايين ليرة، إضافة إلى زيادة بدل النقل اليومي إلى 64 ألف ليرة لبنانية اعتباراً من أول نوفمبر الجاري، وذلك بعد رفع الحكومة الدعم عن المحروقات.
وحتى هذه المساعدة، اصطدمت كما قالت نصر "بعدم استكمال التواقيع اللازمة عليها، وكنا نأمل، وبما ان رواتب موظفي الإدارة العامة هي الأدنى، أن يبادر وزير المالية الى إعطاء الموظفين ما يحق لهم قانوناً من مكافأة سنوية، وهذه ليست بحاجة الى أي توقيع إضافي. كما نطالب أن تتحول هذه المكافأة التي يبلغ حدها الأقصى شهراً وتقرر استنسابياً من قبل كل وزارة، إلى شهر ثالث عشر للعاملين في الإدارة العامة كافة، أسوة بالمؤسسات العامة".
وأشارت نصرالى أن "مبلغ الـ64 الف ليرة الذي قرر مجلس الوزراء إعطاءه كبدل نقل، لا يساوي ربع الكلفة لدى معظم موظفي الإدارة العامة".
أما محرز، فاعتبرت أن "هذه المساعدة لا تنهي المعاناة كما أن زيادة بدل نقل لا توازي قيمة النقل اليومية للأساتذة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات"، وهو ما لفت إليه رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان، مارون الخولي، الذي قال "المساعدات الاجتماعية ومن ضمنها البطاقة التمويلية التي اعتبرها بطاقة انتخابية لا قيمة فعلية لها في مواجهة التحديات التي يعيشها الفقراء، حيث تبلغ حصة الفرد 24 دولارا على أن لا يتعدى سقف الأسرى 126 دولارا، إضافة إلى رفع بدلات النقل، كلها تجافي الواقع المر والأسعار التي وصلت إلى أرقام قياسية".
وأضاف الخولي "كل أجراء لبنان سواء في القطاع العام أم الخاص يعيشون دون خط الفقر، معدل الرواتب في القطاع العام بين مليون 200 ألف ليرة ومليون ونصف المليون ليرة، أي ما يعادل 44 إلى 55 دولارا، واستناداً إلى الحد الأدنى للأجور يعيش اللبناني بأقل من دولارين في اليوم، في وقت رفع فيه الدعم عن كل السلع".
"القضية لا تتعلق فقط فيما إن كان راتب الموظف العام يكفيه لتأمين حاجياته الأساسية، بل بكيفية الوصول إلى مكان عمله والقيام بمهامه" بحسب ما قاله أستاذ السياسات العامة والتحديث الإداري في الجامعة اللبنانية الدكتور برهان الدين الخطيب لموقع "الحرة"، وأضاف "كل الوعود التي أعطيت لموظفي القطاع العام بالتعويضات أو المساعدات الاجتماعية لم ينفذ منها شيء، كما أن هذه المساعدات ذات طبيعة مؤقته ولا تلائم التذبذب الكبير بسعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار الذي يتخطى في كثير من الأحيان سعر الدولار في السوق السوداء".
الوجع واحد
بدأ أحمد أمون بتدريس مادة اللغة العربية قبل 12 سنة، في مدرسة ثانوية وأساسية، إضافة إلى تعليم اللاجئين السوريين، لكن كل ما يجنيه من التعليم الرسمي لا يكفيه كما قال "بدل محروقات وفاتورة هاتف، من هنا اتخذت قراري قبل سنة بالعمل على الجرار الزراعي العائد لوالدي، فبالإضافة إلى مصروف منزلي وأقساط مدارس أبنائي الأربعة، يتوجب عليّ دفع قسط جامعتي حيث سأناقش بعد شهرين أطروحة الدكتوراه".
ويحاول أحمد القيام بكل ما في وسعه لتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لعائلته، وقال "وضع البلد سيء، ألوم نفسي والشعب كوننا أوصلنا هذه الطبقة السياسية إلى الحكم، والتي أوصلت لبنان إلى الإفلاس والإنهيار".
وقبل 14 سنة فرح غزوان رضوان بانضمامه إلى مصلحة مياه لبنان الشمالي براتب يعادل الحد الأدنى للأجور أي 675 ألف ليرة، لم يتوقع كما قال لموقع "الحرة" أنه "سيأتي اليوم الذي لا يكفيني فيه الراتب حتى بدل محروقات للوصول إلى مركز عملي، الأمر الذي اضطرني للبحث عن عمل رديف، وها أنا اليوم أنقل تلاميذ بباصي الصغير إلى احدى المدارس".
حتى العمل الرديف لا يكفي غزوان لتأمين حاجيات أولاده الخمسةن وشرح "هناك من يرسل لي مساعدة من خارج لبنان، أحاول قدر استطاعتي أن لا ينفد المال نهاية الشهر وإن كان ذلك بصعوبة، فالأسعار جنونية، حتى المواد الغذائية حرمنا من شراء معظمها".
أما علي، العسكري في قوى الامن الداخلي، فلم يجد أمامه كما قال لموقع "الحرة" سوى العمل "في السوق السوداء للدولار، فكما يعلم الجميع لا قيمة للراتب الذي اتقاضاه، ولكي لا أموت ووالدتي من الجوع، أو نضطر لمد يدنا للناس وجدت في بيع وشراء الدولارات باباً للحصول على المال"، وأضاف "المسؤولون أوصلونا إلى هنا فلم أتوقع يوماً أن أعمل في هكذا مجال".
وفيما إن كان يحق للموظف في القطاع العام العمل في وظيفة رديفة قال الخطيب "المرسوم الاشتراعي 112 يعطي للموظف الحق بأن يقوم بأي عمل مأجور، شرط أن لا يحط من كرامة الوظيفة أو يكون له علاقة بها، باستثناء المنضمين إلى السلك العسكري أو متفرغي الجامعة اللبنانية الذين يمنع عليهم العمل في غير وظيفتهم".
أوجه متعددة للمعاناة
تتنوع أوجه المعاناة التي يعيشها موظفو القطاع العام، وشرحت محرز "بداية لا القدرة الموظف على تأمين قوت عائلته، مروراً في الصعوبة التي يواجهها في التنقل نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، وصولاً إلى الطبابة حيث لا تزال تعاونية موظفي الدولة تدفع على أساس سعر الصرف الرسمي أي 1507 ليرات للدولار في حين تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ27 ألف ليرة، من هنا أي موظف يضطر لدخول المستشفى يترتب عليه دفع ملايين الليرات".
وعن تصويب البعض على سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت سنة 2017 ودفعت في السنة التي تلتها، بأنها ساهمت في تسريع عجلة الانهيار، نفت نصر ذلك مشددة " شرائح كبرى من موظفي الادارة العامة وبالتحديد الفئات الدنيا أي الأجراء والفئات الخامسة والرابعة وحتى الثالثة بقيت رواتبهم منخفضة، فكيف الآن بعد أن اقتص 95 بالمئة من قيمتها".
وأضافت نصر: "الفلتان المصرفي لم يعد له سقف ففي حين تلزمنا المصارف شراء الدولار على سعر منصة صيرفة أي 22500 ليرة للدولار وأكثر، تلزمنا ببيع دولاراتنا في المصارف على سعر المنصة 8000 ليرة وقبلها 3900 ليرة، المواطن ملزم بالقبول لأنه مضطر لسحب ما يسمحون به من ماله لتسيير أمور حياته، والموجع في هذا المشهد أن الدولة بكل سلطاتها الدستورية تقف متفرجة، بما فيها القضاء ".
وأضافت "ينطبق الأمر على تعويضات الصرف التي راكمها الموظف لدى الدولة شهرياً لعشرات السنوات، حيث لم يعد يكفي تعويض بعض ممن أمضى 40 عاماً في الخدمة العامة لجراحة طبية بسيطة".
لكن الباحث الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة اعتبر أن "سلسلة الرتب والرواتب واحدة من العوامل التي ساهمت بانهيار البلد لكنها ليست الوحيدة، فما وصلنا إليه سببه الوضع السياسي العام، إضافة إلى عدة عوامل اقتصادية منها غياب الرؤية الإقتصادية والتخطيط الإقتصادي وهو ما أدّى إلى خفض تصنيف لبنان في يوليو 2019 والإنذارات التي توالت من بعدها من قبل المؤسسات المالية الدولية".
وبالإضافة، كما قال عجاقة لموقع "الحرة" إلى "قرار حكومة الرئيس حسان دياب وقف دفع سندات اليوروبوند، وقرار دعم السلع على مدة سنة، الأمر الذي كلف خزينة الدولة أكثر من 6 مليار دولار خلال سنة ذهبت بمعظمها إلى جيوب محظوظين محميين من أصحاب النفوذ، اضافة إلى التعطيل الحكومي منذ شهرين والذي يحول دون اتخاذ أي قرار اقتصادي".
ما يمر به الموظفون سببه، بحسب نصر "الهيركات الذي أجري على رواتبهم والذي حال دون تمكن موظفي الإدارة العامة من تسيير عمل الدولة وحتى الوصول إلى مراكز العمل، الأمر خارج عن إرادتنا وليس بخيارنا، مصرون على تصحيح الوضع المعنوي قبل المادي، أصبحنا فرجة ومحط شفقة في محلات المواد الغذائية والصيدليات.. فما نعيشه لا يحتمل، نحن بالفعل موجوعون".
كلام نصر أكده الخطيب، الذي قال "التحديات كبيرة وأساسية، جو العمل غير صالح في الإدارات العامة، لا مستلزمات أو وسائل تمكّن الموظف من الانتاج كالورق، الكهرباء والمازوت وغيرها" معتبراً "أن الدولة وضعت الموظف في مواجهة المواطن وغابت عن ايجاد الحلول، كل ذلك سينعكس سلباً على نفسيته وأدائه في العمل".
إمكانية رفع الرواتب
كل ما يعانيه موظفو الإدارة العامة لم يدفع الدولة اللبنانية، كما اعتبرت نصر، إلى ايلاء قضيتهم الاهتمام، وقالت "لامبالاتهم أوصلتنا للإضراب"، وشرحت "بدأنا اضراباً تحذيرياً في شهر مايو الماضي، وصعدنا مع الوقت إلى أن وصلنا للاضراب العام، هناك خروق طفيفة في بعض الإدارات، حيث الحاجة لتسيير بعض الأمور الملحة جداً للمواطنين، فيدوام بعض الموظفين يوم الأربعاء من كل أسبوع".
وعن مطالبهم الأساسية قالت نصر "أولاً تصحيح الرواتب والأجور وتعويضات الصرف، بما يتناسب مع انخفاض قيمتها نسبة للدولار، ومرحلياً نوافق على تحويلها على أساس سعر المنصة المعتمدة في المصارف، ثانياً: استعادة قيمة التقديمات الصحية والاجتماعية ، لتعود إلى ما كانت عليه سابقاً، ثالثاً: بونات بنزين تتناسب الكميات المحددة فيها مع المسافات التي يقطعها الموظفون للوصول الى مراكز أعمالهم، ريثما يصار الى تجهيز شبكة نقل خاصة بالموظفين أو شبكة نقل عام كافية ولائقة".
لكن كيف لدولة تعلن أنها تواجه الإفلاس أن تتمكن من زيادة رواتب موظفيها؟ عن ذلك أجابت نصر "غير صحيح، لدى الدولة ما يكفي من مال، يكفي الإشارة إلى الهبات، الاعفاءات والصفقات وكل النفقات غير المجدية وهي كثيرة، لتأكيد الأمر، عدا عن تسييل مستحقات القطاع العام بالجملة، وتسديدها فتات بقيمة 5 بالمئة منها".
من جانبه اعتبر عجاقة أن "أي قرار يتخذ لرفع أو تصحيح الرواتب والأجور يعني وجود تمويل لذلك من خلال زيادة الضريبة على النشاط الاقتصادي، وإلا نكون أمام زيادة أجور غير طبيعية لا تعكس النشاط الاقتصادي وبالتالي قد تؤدي إلى التضخم بحكم الإستدانة".
و"كون النشاط الاقتصادي في لبنان متوقفا، والتهرب الضريبي للشركات والمؤسسات هائل" بحسب ما قال عجاقة فإنه "ليس أمام الدولة سوى خيارين، إما اللجوء إلى البنك الدولي للاستدانة ضمن برنامج مع صندوق النقد الدولي بانتظار تحريك النشاط الاقتصادي وهنا نكون أمام رفع أجور مؤقت يتخذ طابع مساعدة من بينها البطاقة التمويلية، وإما اللجوء إلى مصرف لبنان وطبع المزيد من العملة وهنا نكون أمام رفع أجور مستدام مع ما يواكب ذلك من تضخّم".
وشجع عجاقة على "رفع الأجور المؤقت الذي يفرض على الحكومة التواصل مع صندوق النقد والاتفاق معه على برنامج يلحظ خطتها الاستثمارية لجذب الاستثمارات، وفي ذات الوقت تطلب من البنك الدولي تمويلاً ذات طابع إجتماعي رقعته أكبر، كي تتمكن من تأمين شبكة أمان إجتماعية بانتظار عودة النشاط الاقتصادي".
من أجل حل فوري
ما يدفع الموظفين على الصبر في هذه المرحلة بحسب الخطيب أن "هناك أمل إلى حد ما بالتغيير من خلال الانتخابات النيابية المقبلة، لكن التحدي الأكبر عندما يفقدون هذا الأمل إذ عندها سنكون أمام أكبر هجرة في القطاع العام، وما أخشاه فقدان أصحاب الكفاءة".
وساهم قرار تجميد طلبات نهاية الخدمة الذي اتخذته الدولة اللبنانية وضمنته في موازنة عام 2019 في ضبط الوضع، بحسب الخطيب "الذي سيبقى ساري المفعول حتى سنة 2022، ومن يخالفه يعني تخليه عن تعويضه وراتبه التقاعدي".
وعن الحلول لما يعانيه القطاع العام، اعتبر الخطيب أنه يجب أن تكون "أولاً سياسية ثم اقتصادية"، مشدداً "يجب تثبيت سعر صرف الدولار لتبنى على أساسه سلسلة الرتب والرواتب الجديدة، فكما يعلم الجميع هناك منصات تدير الاقتصاد في لبنان، كما يجب وضع توصيف وظيفي لتوضيح طبيعة مهام الموظفين، حقوقهم والرواتب المناسبة لما يقدمونه".
كما أن هناك حاجة، بحسب الخطيب، إلى "اعادة هيكلة الإدارة، حيث توجد إدارات تضم تخمة من الموظفين بسبب التوظيفات السياسية، وأخرى تعاني من نقص، كما يجب مكافحة الفساد، والبدء بتطبيق خطة العمل عن بعد التي وضعت منذ سنة 2003 من دون أن يتم تطبيقها، حالها كحال آلاف الدراسات، كل ذلك بسبب غياب القائد السياسي الذي لديه القدرة على اتخاذ القرار".
وهو ما أكده الخولي، الذي شدد على ضرورة "تقليص عدد العاملين بالقطاع العام لاسيما من تم توظيفهم خلافاً للقانون وعددهم يقارب الـ35 ألف شخص، ومن ثم البدء بالاصلاح الإداري ومكننة عمل الإدارات، فترك الأمور على هذا النحو يعني القول للموظف أمعن في الفساد".
كما دعا الخولي إلى "حل فوري من خلال ترميم الحد الأدنى للأجور، وزيادة الرواتب سواء بانعقاد مجلس الوزراء لاتخاذ القرار أو من خلال مرسوم يصدر عن رئيسي الجمهورية والحكومة، فسكوت المسؤولين وعدم تحريكهم ساكناً لا يمكن وضعه إلا في خانة الجريمة الأخلاقية وعدم تحملهم مسؤولية ادارة الدولة ورعاية الشعب".
مأساة تتعمق
"مأساة موظفي القطاع العام تزيد يومياً ولا حلول فعلية، وذلك في ظل الارتفاع المستمر للدولار ومعه غلاء الأسعار"، بحسب محرز، التي وصّفت الواقع بأنه "إعدام للأساتذة وقضاء على الطبقة الوسطى، ولا ذنب ارتكبناه لكي ندفع ثمن التعامل غير المدروس للأزمة التي يمر بها لبنان، من حقنا أن نحيا حياة كريمة تحفظ كرامتنا".
وفي الوقت الذي اعتبر فيه عجاقة أن "لا معنى لوجود حكومات، إذا كان الشعب يعاني من الجوع، ولا شرعية لسلطة لا تؤمن مصلحة شعبها"، قال الخولي "ما يحصل مخطط مدروس من قبل المسؤولين لحل الدولة والقضاء على الكيان، الحل لا يحتاج سوى إلى أخلاق وإنسانية لدى رجل سياسي حقيقي، فلا يمكن لدولة أن تستقيم دون ذلك، ولا أمن لبلد عسكريوه يعانون من الفقر والجوع وعدم القدرة على التنقل".
من جانبه قال الخطيب "الموظف متروك من قبل السلطة التنفيذية والمسؤولين السياسيين الذين أثبتوا أيام الأزمات أنهم لا يتمتعون بأدنى روح المسؤولية".
أما محرز فختمت بالقول "قطاع التعليم في حالة موت سريري، وكما يحتاج البلد للأطباء وغيرهم، هو بحاجة للمعلمين الذين من دونهم لا يوجد أطباء ومتعلمون، من هنا على الدولة إنقاذ قطاع التعليم بشكل خاص والموظفون بشكل عام"، فيما تأسفت نصر لتضحية الدولة بالإدارة العامة التي كما وصفتها "أساس بنيان الوطن، ودولة الرعاية الاجتماعية، فهي تقدم كل خدمات الشعب وتسير كل شؤونه في مختلف مرافق الحياة، وتدميرها يعني تدمير للوطن".
أسرار شبارو