الأمن العام يعتمد "الخطة باء": تنظيم وجود السوريين بلبنان

بعدما تبددت آمال حكومة تصريف الأعمال، باستجابة المجتمع الدولي لضغوطاتها ومطالبها الكثيرة حول عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، ولا سيما عقب مؤتمر بروكسل في 27 أيار الفائت، يبدو أن الأمن العام اللبناني سيتولى إدارة الملف. كما يبدو أن قراراً اتُخذ بوقوفه في مواجهة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السوريين، وفق المعادلة الآتية: إن لم تقوموا بتسليمنا الداتا التفصيلية للاجئين السوريين، سنقوم بإعدادها بأنفسنا تمهيدًا لتطبيق القوانين اللبنانية على الوجود السوري.
وكانت المفوضية قد سلمت الأمن العام داتا اللاجئين السوريين لديها في كانون الأول الماضي، تنفيذًا للاتفاقية التي وقعتها مع الحكومة في 8 آب 2023، وضمت أسماء نحو مليون و482 ألف لاجئ. لكن احتجاج لبنان الرسمي منذ ذلك الحين، هو أن هذه الداتا لم تتضمن معلومات تفصيلية حول وضع كل لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية، لا سيما لجهة تاريخ التسجيل والدخول إلى لبنان وأسبابه.
وهو ما يطلبه اليوم الأمن العام اللبناني، باعتبار أن هذه الداتا وحدها، ستخوله تنظيم وجود السوريين وتحديد وضعهم القانوني على الأراضي اللبنانية، لا سيما ما قبل وما بعد 2015، وهو العام الذي طلبت فيه الحكومة من المفوضية التوقف عن تسجيل السوريين.

جديد إجراءات الأمن العام 
يفيد مصدر رسمي في الأمن العام، بأن القرار اتخذ مع الحكومة لتنفيذ الخطة "باء"، طالما أن المفوضية لم تستجب بعد لمطلب تزويدهم بالداتا التفصيلية للسوريين.
وسبق أن أوضحت المفوضية أكثر من مرة، بأنها لم ترفض تسليم الداتا إلى السلطات اللبنانية، وبأنها تستكمل البحث بالطلبات الإضافية وفي محادثاتها مع الجانب اللبناني، وبما يتماشى مع القوانين الدولية وحماية بيانات اللاجئين.
وأهم ما ستقوم عليه الخطة باء، بحسب الأمن العام، هو دعوة السوريين إلى مراكز يحددها على مختلف الأراضي اللبنانية، للتصريح عن وجودهم وتقديم أوراق تثبت تاريخ دخولهم إلى لبنان وتقييم وضعهم الأمني والأسباب الدافعة لبقائهم فيه.
ورغم عدم توضيح كيفية ضمان الأمن العام إقبال السوريين إلى مراكزهم، في ظل تصاعد مخاوفهم من الترحيل، فإن خطوته، كما يقول، تأتي تنفيذًا للقوانين اللبنانية والدولية. بما في ذلك مذكرة التفاهم الموقعة بين لبنان الرسمي عبر الأمن العام والمفوضية، في العام 2003، لجهة مساعدة المفوضية للنازحين باللجوء إلى بلد ثالث، في حال ثبتت مخاطر عودتهم إلى سوريا.

ويقول المصدر الرسمي لـ"المدن"، بأن المديرية العامة للأمن العام، عرضت خطتها على مجلس الوزراء في اجتماع أخير حضره المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، وعرض لهم الخطة باء. إذ "اتخذ القرار بالموافقة عليها وتمويلها، وهناك تحضيرات من أجل إجراء كل الترتيبات اللوجستية اللازمة، في حال بدأنا تنفيذها نكون جاهزين، إلى حين انتظار الجواب النهائي من المفوضية حول الداتا التفصيلية".

التمييز وفق الحقوق والواجبات
ويعتبر المصدر الرسمي، بأن ثمة محاولات للإيحاء بأن إجراء الأمن العام يهدف إلى الترحيل القسري "لتخويف السوريين من التوجه إلى المراكز المحددة، بينما الهدف هو تنظيم وجودهم، ومن واجب الأمن العام معرفة من يتواجدون على الأراضي اللبنانية للتمييز بين السوري الذي يحتاج لحماية أمنية تفرضها القوانين الدولية. وتاليًا حتى يحصل على إقامة نازح، وحينها تطبق عليه مذكرة الموقعة مع المفوضية سنة 2003، ونمنحه سنة كاملة، حتى تؤمن إعادة توطينه في بلد ثالث".
أما السوريين الذين لا تنطبق عليهم هذه الصفة، وفق المصدر، وليس هناك ضرورة أن يحظوا بحماية أمنية ودولية، "يجب أن يتم تعريفهم رسميًا، حتى نقوم بتسوية وضعهم قانونيًا، كأن يحصلوا مثلًا على إقامة عمل".
ويقول المصدر: "من الواجب بعد 13 سنة من وجود السوريين، أن يعرف الأمن العام من هم الأفراد وما هي أعدادهم الفعلية، ومن هم الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية لتسوية وضعهم مع المفوضية، وهذا واجبها تجاه لبنان واللاجئين، وهو اجراء سيخدم السوريين أولًا".
يضيف: "لا يستطيع أي فرد سوري أن يرفض العودة إلى سوريا إذا كان لا يعاني من أي مشاكل أمنية أو مخاطرة، وإذا كان يتنقل دوريًا بين لبنان وسوريا، وإذا كان لا يعمل ولا يملك إقامة واجازة عمل أو كفالة".
ويستذكر المصدر الرسمي ما قاله ممثل المفوضية في لبنان إيفو فرايسن، "بأن هناك نحو 100 ألف سوري نزحوا إلى لبنان وتم توطينهم في بلد ثالث منذ العام 2011". ويقول: "هذا العدد نسبةً إلى عدد السوريين المسجلين لدى المفوضية، وهو حوالي مليون و482، يعني أنه كان هناك نحو مليون و582 سوريًا مسجلًا لديها. أي كل سنة تم توطين نحو من 10 آلاف سوري كعدد وسطي، أي يحتاج لبنان نحو 60 عامًا على الأقل، إذا كان جميع السوريين على الأراضي اللبنانية معرضين لمخاطر أمنية وعلى المفوضية توطينهم في بلد ثالث، وهذا خطر كبير".

مركز للداتا في الدامور
ويشير المصدر إلى أن "الأمن العام يعتزم إنشاء مركز خاص في منطقة الدامور، ويتم تجهيزه بقرار تمويلي من الحكومة بالقرطاسية وأجهزة الكومبيوتر، لتجميع مختلف الداتا التي تم جمعها من مراكزه في مختلف الأراضي اللبنانية. ويقول: "يمكن للسوريين بعد دعوتهم، أن يتوجهوا إلى مختلف مراكز الأمن العام، وسيقومون بملئ استماراتهم، وتاليًا سيتم نقل جميع الاستمارات إلى مركز الدامور، حيث سيتم تحليلها وتنظيمها وتصنيفها، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة استنادًا إليها".