الإنفصام بين القيادات والجمهور

يحاول حزب الله تظهير وحدة لبنانية داخلية داعمة لحرب الإلهاء، فتراه يعول على مواقف وليد جنبلاط المناهضة لمواقف نجله تيمور، كما يعتبر زيارة امين عام تيار المستقبل احمد الحريري وتقديم واجب العزاء بوالدة حسن نصرالله تعطيه الغطاء السني بعد ان احرج واخرج سعد الحريري من المشهد السياسي اللبناني.

اما العقدة المسيحيّة التي يتخوّف منها الحزب، فيبدو ان اتصالات وفيق صفا بجبران باسيل بدأت تلقي بظلالها على المشهد السياسي خصوصا بعد موقف باسيل الاخير الداعم للمقاومة اذا ما تعرض لبنان لاي اعتداء اسرائيلي. محور المقاومة يعتمد على تصاريح القيادات السياسية التي تحاول حفظ مواقعها فيما لو تطورت الامور وسلم حزب الله لبنان كما سلم لسورية سابقا، لكن ما يحاول اخفاؤه محور المقاومة، ان المكونات اللبنانية لا تسير على اهواء قياداتها.

المكون الدرزي مهما ازدادت مواقف جنبلاط لا يمكن اخفاء تغريداتهم ومواقفهم المنددة بالمقاومة على التواصل الاجتماعي، ومهما ازدادت زيارات احمد الحريري لا يمكنها اخفاء امتعاض مصطفى علوش وسامي فتفت واشرف ريفي ولا يمكنها تجميل الاحتقار السني لشخص حسن نصرالله على التواصل الاجتماعي.

تلك المواقف لا يمكن البناء عليها لتشكّل ضمانة وطنيّة فشيطنة المقاومة لا يحتاج الى جهد او قرار او امر عمليات لان المكونات اللبنانية بكل اطيافها تعتبر حزب الله وتصرفاته الغير مسؤولة تسبب الالام وتستجلب الحرب والدمار والمزيد من الفقر والعوز والبؤس. لبنان كله متضرر من تلك السياسة ولا يريد الحرب وهذا واضح بجولة قصيرة على التواصل الاجتماعي، والكلام الصادر عن بعض الابواق المدفوعة سلفا لن يبدل في الواقع.

"الحزب غير مرتاح بالداخل"، ولو ان خاصرته لن تُطعن في الداخل لان خصومه لا يريدون لعبة الموت والقتل، بل مؤمنون باللعبة الديمقراطية السياسية ولو مهما ابتكر نبيه بري من اعراف دستورية تعطي فريقه الفارق الذي رفض كل ناخب ان يعطيه اياه في صناديق الاقتراع. وفي هذا المشهد السريالي يبقى الجمهور السيادي الاكثر انسجاما مع نفسه ومع مواقف قادته. موقف سامي الجميّل ومن خلفه حزب الكتائب اللبنانية واضح، وموقف سمير جعجع ومن خلفه موقف القوات اللبنانية ايضا واضح، وموقف لقاء سيدة الجبل والكتل النيابية المعارضة واضح، واذا ما استثنينا بولا يعقوبيان وحليمة قعقور يبقى موقف كتلة التغييريين ايضا واضحا.

من يظن من الانتهازيين ان بإمكانه التصريح من على منابر بإسم كتل نيابية ويدعم موقف محور المقاومة يحجز لنفسه ولكتلته موقعا في اي طاولة حوار داخلية او خارجية واهم ولا يستمع الى اصوات ناخبيه. ومن يعتقد ان بأوراق التفاهم وبربط النزاع قادر على الاحتفاظ بمقعد على الطاولة الداخلية فهو ايضا واهم لان التضحيات التي يقدمها حزب الله منفردا لن يشاركها الا مع الذميين والانهزاميين في الداخل وجميعنا يتذكر على سبيل المثال بمن تمثل المسيحيون في حقبة الوصايا السورية.