المصدر: النهار
الثلاثاء 2 آذار 2021 07:09:42
- كتبت صحيفة " النهار " تقول : لعل ما يثير موجة جديدة - قديمة من الاستغراب المقترن بتساؤلات إضافية عن خلفيات الانسداد السياسي القاتل الذي يغرق الواقع السياسي الحالي هو ذاك الجمود الآخذ في التمادي حيال استحقاق تأليف الحكومة الجديدة وكأنه بات استحقاقا منسيا موضوعا على رف المصادفات . وعلى طريقة "رب ضارة نافعة" بدا من البديهي ان يسأل اهل السلطة ومعهم أيضا القوى السياسية قاطبة : ماذا فعلتم بإزاء المبادرة التي اعلنها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في شأن الدعوة الى مؤتمر دولي بسبب يأسه ويأس اللبنانيين بمعظمهم ومعهم أيضا المجتمع الدولي من أي تحرك إنقاذي للبنان يمكن هذه السلطة ان تقوم به ؟ والحال انه غداة الترددات القوية التي اثارها سبت بكركي الشعبي وخطاب البطريرك الراعي انكشف الإفلاس السياسي الداخلي في أسوأ معالمه من خلال انعدام اي تحرك يعتد به لاحياء الروح الخامدة في مسار تاليف الحكومة فيما بدا الوسط الحاكم والسلطوي والسياسي برمته كأنه في إجازات طويلة ! ومع اكتمال صورة المؤيدين والمعترضين والرافضين لمبادرة الراعي اظهر البطريرك من خلال إطلالته التلفزيونية التي اجراها ليل امس مع قناة "الحرة" انه ماض بلا تراجع في طرحه لمؤتمر دولي ما دام البديل الداخلي متعذرا ان لم نقل مستحيلا .ولكن اوساطا سياسية بارزة ومؤيدة لمبادرة البطريرك الماروني لم تحجب مخاوفها من زج الموقف البطريركي بين متاريس اهل السلطة في الصراع المتمادي على الحكومة الجديدة وكل ما يتصل به علما ان الواقع الإقليمي الذي يضغط على لبنان بات ينذر بمزيد من التصلب ولا يبدو معه ان الافراج عن الحكومة العتيدة سيكون متاحا قبل جلاء جوانب أساسية من المشهد الإقليمي المتصل بالكباش الأميركي الإيراني . وهذا في اعتقاد الأوساط السبب الأساسي في جمود التحركات والمشاورات الداخلية وترك الساحة للانتظار العقيم الامر الذي يهدد لبنان بتفاقم مخيف في ازماته على تنوعها اقتصاديا وماليا واجتماعيا وصحيا وخدماتيا . وتلفت الأوساط نفسها الى ان المؤشرات حيال مجمل الازمات بدأت تدخل "المنطقة الحمراء" بحق بدليل أزمات الكهرباء وتمويل الخدمات الأساسية الصحية والاجتماعية وسط اقتراب العد العكسي لوقف استنزاف الاحتياط المتبقي لدى مصرف لبنان من العملات الأجنبية . وما جرى في الأيام الأخيرة فاقم المخاوف من اقتراب الانهيارات الكبيرة في قطاعات عدة أساسية وحيوية مثل الكهرباء حيث يجري الكلام عن انسحاب السفينتين المولدتين للكهرباء ورفع تعرفات المولدات الخاصة بنِسَب كبيرة ، كما ان اشتعال سقف سعر الدولار في السوق السوداء ليلامس العشرة الاف ليرة يشكل مؤشرا قاتما للغاية ناهيك عما أظهره امس إعادة فتح الأسواق في اطار المرحلة الثالثة لرفع الاقفال التدريجي من احتضار حقيقي للحركة التجارية .
ووسط استمرار ردود الفعل والأصداء حيال خطابه في بكركي السبت الماضي شدد البطريرك الراعي امس على أنه " لم يدع أبداً إلى مؤتمر تأسيسي، بل أن المطلوب اليوم هو إقرار حياد لبنان والعودة إلى الطائف والدستور والحفاظ على العيش المشترك الذي يُمثل رسالة لبنان"، وكشف "اننا اطلعنا سفراء عدد من الدول على المبادرة وهم مرحبون والفاتيكان يدفع في اتجاه دعم دولي للبنان " سائلاً "لماذا فريق في لبنان (حزب الله) سيتحكم بالحرب والسلم، في وقت يقول الدستور إن قرار الحرب والسلم تُقرره الحكومة اللبنانية"؟ ومؤكدا انه مع استراتيجية دفاعية للدولة من ضمنها حزب الله وليس مع نزع سلاح الحزب . وفي مقابلة مع قناة "الحرة" حمّل الراعي "كل الطبقة السياسية مسؤولية ما وصل إليه لبنان". وعبر عن تأييده لمطالب "الثورة التي نريدها ثورة حضارية تعرف كيف تطالب وبماذا تطالب ولا تكون فوضى يدخل عليها مندسون للتخريب وتشويه صورته"، رافضاً المطالبة بإسقاط النظام "وهذا كلام كبير والمطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية كلام أكبر ونحن لا ندعم هذه المطالبات". وقال الراعي، في معرض سؤاله حول من يُرشح لرئاسة الجمهورية، "ليس عملي أن أرشح أشخاصاً، ولكن أنا أقول على رئيس الجمهورية أن يكون إنساناً متجرداً من أي مصلحة وحاضر حتى يضحي في سبيل المصلحة العامة وخدمة الوطن" . وفي موضوع السلام مع إسرائيل، قال: "هناك مبادرة بيروت للسلام فليعودوا إليها، ما هي الشروط على الدول التي تريد التفاهم وما هي الشروط على إسرائيل ولكن لدينا ليس الدولة التي تعالج الموضوع، هناك حزب الله الذي يقرر الحرب والسلام مع إسرائيل وليس الدولة".