الازمات تدخل المنطقة الحمراء... ومبادرة الراعي في مواجهة متاريس السلطة

- كتبت صحيفة " النهار " تقول : ‎لعل ما يثير موجة جديدة - قديمة من الاستغراب المقترن بتساؤلات إضافية عن خلفيات ‏الانسداد السياسي القاتل الذي يغرق الواقع السياسي الحالي هو ذاك الجمود الآخذ في ‏التمادي حيال استحقاق تأليف الحكومة الجديدة وكأنه بات استحقاقا منسيا موضوعا على ‏رف المصادفات . وعلى طريقة "رب ضارة نافعة" بدا من البديهي ان يسأل اهل السلطة ‏ومعهم أيضا القوى السياسية قاطبة : ماذا فعلتم بإزاء المبادرة التي اعلنها البطريرك ‏الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في شأن الدعوة الى مؤتمر دولي بسبب ‏يأسه ويأس اللبنانيين بمعظمهم ومعهم أيضا المجتمع الدولي من أي تحرك إنقاذي للبنان ‏يمكن هذه السلطة ان تقوم به ؟ والحال انه غداة الترددات القوية التي اثارها سبت ‏‏بكركي الشعبي وخطاب البطريرك الراعي انكشف الإفلاس السياسي الداخلي في أسوأ ‏معالمه من خلال انعدام اي تحرك يعتد به لاحياء الروح الخامدة في مسار تاليف الحكومة ‏فيما بدا الوسط الحاكم والسلطوي والسياسي برمته كأنه في إجازات طويلة ! ومع اكتمال ‏صورة المؤيدين والمعترضين والرافضين لمبادرة الراعي اظهر البطريرك من خلال إطلالته ‏التلفزيونية التي اجراها ليل امس مع قناة "الحرة" انه ماض بلا تراجع في طرحه لمؤتمر ‏دولي ما دام البديل الداخلي متعذرا ان لم نقل مستحيلا .ولكن اوساطا سياسية بارزة ‏ومؤيدة لمبادرة البطريرك الماروني لم تحجب مخاوفها من زج الموقف البطريركي بين ‏متاريس اهل السلطة في الصراع المتمادي على الحكومة الجديدة وكل ما يتصل به علما ‏ان الواقع الإقليمي الذي يضغط على لبنان بات ينذر بمزيد من التصلب ولا يبدو معه ان ‏الافراج عن الحكومة العتيدة سيكون متاحا قبل جلاء جوانب أساسية من المشهد الإقليمي ‏المتصل بالكباش الأميركي الإيراني . وهذا في اعتقاد الأوساط السبب الأساسي في جمود ‏التحركات والمشاورات الداخلية وترك الساحة للانتظار العقيم الامر الذي يهدد لبنان بتفاقم ‏مخيف في ازماته على تنوعها اقتصاديا وماليا واجتماعيا وصحيا وخدماتيا . وتلفت الأوساط ‏نفسها الى ان المؤشرات حيال مجمل الازمات بدأت تدخل "المنطقة الحمراء" بحق بدليل ‏أزمات الكهرباء وتمويل الخدمات الأساسية الصحية والاجتماعية وسط اقتراب العد العكسي ‏لوقف استنزاف الاحتياط المتبقي لدى مصرف لبنان من العملات الأجنبية . وما جرى في ‏الأيام الأخيرة فاقم المخاوف من اقتراب الانهيارات الكبيرة في قطاعات عدة أساسية ‏وحيوية مثل الكهرباء حيث يجري الكلام عن انسحاب السفينتين المولدتين للكهرباء ورفع ‏تعرفات المولدات الخاصة بنِسَب كبيرة ، كما ان اشتعال سقف سعر الدولار في السوق ‏السوداء ليلامس العشرة الاف ليرة يشكل مؤشرا قاتما للغاية ناهيك عما أظهره امس إعادة ‏فتح الأسواق في اطار المرحلة الثالثة لرفع الاقفال التدريجي من احتضار حقيقي للحركة ‏التجارية‎ .‎
ووسط استمرار ردود الفعل والأصداء حيال خطابه في بكركي السبت الماضي شدد ‏البطريرك الراعي امس على أنه " لم يدع أبداً إلى مؤتمر تأسيسي، بل أن المطلوب اليوم ‏هو إقرار حياد لبنان والعودة إلى الطائف والدستور والحفاظ على العيش المشترك الذي ‏يُمثل رسالة لبنان"، وكشف "اننا اطلعنا سفراء عدد من الدول على المبادرة وهم مرحبون ‏والفاتيكان يدفع في اتجاه دعم دولي للبنان " سائلاً "لماذا فريق في لبنان (حزب الله) ‏سيتحكم بالحرب والسلم، في وقت يقول الدستور إن قرار الحرب والسلم تُقرره الحكومة ‏اللبنانية"؟ ومؤكدا انه مع استراتيجية دفاعية للدولة من ضمنها حزب الله وليس مع نزع ‏سلاح الحزب . وفي مقابلة مع قناة "الحرة" حمّل الراعي "كل الطبقة السياسية مسؤولية ما ‏وصل إليه لبنان". وعبر عن تأييده لمطالب "الثورة التي نريدها ثورة حضارية تعرف كيف ‏تطالب وبماذا تطالب ولا تكون فوضى يدخل عليها مندسون للتخريب وتشويه صورته"، ‏رافضاً المطالبة بإسقاط النظام "وهذا كلام كبير والمطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية كلام ‏أكبر ونحن لا ندعم هذه المطالبات". وقال الراعي، في معرض سؤاله حول من يُرشح ‏لرئاسة الجمهورية، "ليس عملي أن أرشح أشخاصاً، ولكن أنا أقول على رئيس الجمهورية أن ‏يكون إنساناً متجرداً من أي مصلحة وحاضر حتى يضحي في سبيل المصلحة العامة وخدمة ‏الوطن" . وفي موضوع السلام مع إسرائيل، قال: "هناك مبادرة بيروت للسلام فليعودوا ‏إليها، ما هي الشروط على الدول التي تريد التفاهم وما هي الشروط على إسرائيل ولكن ‏لدينا ليس الدولة التي تعالج الموضوع، هناك حزب الله الذي يقرر الحرب والسلام مع ‏إسرائيل وليس الدولة‎".‎