الانتخابات البلدية في عكار... ترقّب ترشيحات نسائية تطوي صفحة التهميش التاريخي

في زحمة الاهتمام العام بالتحضير للانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة عكار خصوصاً، كما في مختلف المناطق الشمالية واللبنانية عموماً، تطرح على نطاق واسع أهمية مشاركة المرأة ترشيحاً واقتراعاً في هذا الاستحقاق الحيوي، لانتخاب إدارات محلية لا يجوز أن تبقى المرأة بعيدة عنه أو مستبعدة منه، إثباتاً لحضورها المطلوب جنباً الى جنب مع الرجل في صنع القرار والمساهمة في إنجاحه.

فهل تتوسع دائرة هذه الخروق في هذه الانتخابات فتشهد اللوائح الانتخابية بلدية كانت أم اختيارية مساحة أوسع لمشاركة العنصر النسائي؟  وحدها الأيام القليلة الفاصلة عن موعد انتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح كفيلة تقديم الاجابات الدقيقة.

لا بد من الاشارة هنا الى أن النساء في عكار يشكلن ما نسبته 51 في المئة من اجمال عدد الناخبين، غير أن هذه النسبة الكبيرة لم تترجم إطلاقاً في ما أفضت اليه نتائج الانتخابات السابقة التي بيّنت أن عدد النساء الفائزات بعضوية المجالس البلدية الـ128 في عكار بلغ 80 إمرأة فقط، أي ما يعادل حوالى 5,4 % من إجمال الأعضاء البالغ عددهم 1479. علماً أن ثمة 79 مجلساً بلدياً منها خلت من أي مشاركة نسائية، بينما اقتصر الأمر على عضوية إمرأة فقط في 28 مجلساً وإمرأتين في 13 مجلساً وثلاث نساء في 6 مجالس بلدية و4 نساء في مجلسين اثنين.

أمّا بالنسبة  الى الانتخابات الإختيارية، فمن أصل 287 مقعداً اختيارياً في 170 بلدة وقرية، فازت 5 نساء فقط بعضوية المجالس الاختيارية بنسبة 1,7 في المئة.

فهل تتبدل نسبة مشاركة النساء ونجاحهن في هذه الانتخابات؟

 المراد: كسر الخوف والإقدام

تقول الناشطة السياسية والاجتماعية رلى المراد التي سبق لها أ ن خاضت ضمن لائحة نسائية، تجربة  الانتخابات النيابية السابقة عام 2018: "عندما ترشحت للنيابة وأطلقت لائحة نسائية، كان موضوع النساء في مراكز القرار في عكار خجولاً جداً الى درجة معدوم. وأنا اعتبر أن لكل شيء بداية، فكسر الخوف والاقدام على القيام بحق من حقوقنا ضرورة لبناء المجتمع. فنحن نشارك الرجل الحياة في هذه البلد ونتحمل كل المٱسي، فلنتحمل معه مسؤولية النهوض بأوضاعنا الصعبة ولنشاركه بناء قرانا وبلداتنا ووطننا".

 

وتضيف: "موضوع مشاركة المرأة بات ضرورياً، وأصبحت النساء مستعدات للتغيير أكثر من السابق وخصوصاً أنه عند كل مشكلة أو كارثة تجد النساء ولاسيما منهن الناشطات في الجمعيات والعاملات بالشأن العام هن الموجدات دائماً في الصفوف الأمامية للمساعدة وإيجاد الحلول. وبفضل الدعم من جمعيات عدة للنساء من خلال تدريبات حول مشاركة  النساء في مراكز القرار وسبل  خوض المعركة الانتخابية ووضع الآليات والاستراتيجيات، أصبحت النساء أكثر ثقة بقدراتهن على التغيير".

وتشير الى "أن النساء يعملن بصدق ومحبة، ويشعرن أنهن في تحد دائم مع أنفسهن والمجتمع لإثبات قدراتهن ومسؤولياتهن في تغيير الصورة النمطية عنهن، لذلك فان نسبة نجاحهن ستكون عالية إذا أقدمن على الترشح".
وتشدد على "أن خلق التوازن الجندري وتعزيزه من أساسيات بناء دولة للجميع. ونحن مع مناصرة المرأة وتسليط الضوء على إنجازات النساء وتطوير المناقشات مع خبراء في سائر القطاعات حيال تحديث الاستراتيجيات الجندرية توصلاً إلى المساواة في مراكز القرار".

وتتوقع "أن يفاجأ الجميع على كل الأراضي اللبنانية بنسبة ترشح النساء في الانتخابات البلدية المقبلة، على أمل أن تكون النسبة عالية في النتائج أيضاً، وعلى أمل أن تتقدم عكار في نظرتها الى المرأة شريكاً قادراً على إحداث تغيير نحو الافضل"، وتأمل من السلطتين التشريعية والتنفيذية "إقرار الكوتا النسائية في الانتخابات البلدية والنيابية".

صانع: مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة

أما رئيسة "مركز عكار للدراسات والتنمية المستدامة" والعضو الإداري في "مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية" جبيل، الكاتبة والناشطة أمل صانع، فترجّح ارتفاع حجم المشاركة في هذه الانتخابات قياساً بالانتخابات السابقة، وتقول: "طبعاً أنا أشجّع النساء جداً على خوض هذه الانتخابات، لأن المشاركة حق للجميع  والمرأة قادرة على المشاركة بجدارة في الشأن العام، وخصوصاً على صعيد الانتخابات البلدية لأنها تشهد إنقسامات عائلية، فلربما تستطيع النساء أن يصلحن ما يفسده الرجال".

وتشير الى أنها "تشارك حالياً في نشاط مهم، يعبّر عن صوت النساء لمكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة، يتعلّق بالعمل البلدي والانتخابات البلدية.  إذ تنظم  "جمعية الاتحاد النسائي للعاملات في الشمال" برئاسة أسما مصطفى، نشاطاً تدريبياً في قاعة بلدية المحمرة - عكار، تحت عنوان: "صوت النساء: مناصرة لمكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة".

وتشدد على "وجوب تعميم هذه الانشطة وتكثيفها لتطاول الجميع بما بخدم إحداث وعي مجتمعي لدور المرأة في الحياة العامة وتشجيعها على المشاركة في صنع القرار".

وتبدي أسفاً لـ"أن لا احصاءات دقيقة لنسبة مشاركة النساء في الانتخابات البلدية أو الاختيارية حتى الآن، لكن لربما سيكون لنا مثل هذا العمل قبل الإنتخابات النيابية المقبلة، وسنعمل مع فريق من الطلاب المتطوعين معنا في المركز لإجراء مثل هذا الإحصاء. وربما نقوم في وقت لاحق بعمل مماثل في الانتخابات البلدية والاختيارية".

أول مرشحة عكارية

يذكر أن أمال يحيى هي أول امرأة في عكار، تعلن الترشح لرئاسة بلدية المقيبلة في منطقة وادي خالد الحدودية، وتعتبر أن خطوتها "تنبع من إيمانها العميق بدور المرأة في الحياة العامة، وخصوصاً في ميدان العمل البلدي الذي يمسّ مباشرة حياة الناس اليومية".

وتلفت الى "أن مشاركتها تأتي لكسر الصورة النمطية، وفتح المجال أمام الكفاءات النسائية لتولي مواقع القرار"، وتؤكد "أن خدمتها لأهالي المقيبلة ستكون قائمة على الشفافية، والعمل التنموي الجاد، والاستماع إلى هموم المواطنين وتطلعاتهم".

ويتوقع أن تتوسع سبحة الترشيحات النسائية، على أمل أن يحققن النجاحات المطلوبة والفوز ليس بعضوية المجالس البلدية فحسب بل برئاسة عدد كبير منها وكذلك بالمقاعد الاختيارية.

ونشير الى أن لائحة "كرمال عندقت" برئاسة طاني حنا والتي ستعلن رسمياً السبت المقبل، تراعي الى حد بعيد مشاركة المرأة إذ إنها تضم 9 رجال و6 نساء لعضوية المجلس البلدي المكون من15 مقعداً، وهذه مبادرة يؤمل أن تقتدي بها اللوائح البلدية والاختيارية في المحافظة.