البدعة الجديدة: حكومة مقنّنة وقضاء مبتور‎!‎

كتبت صحيفة " النهار " تقول :

‎إذا صح ان افراج الثنائي حركة "امل" و"حزب الله" عن الحكومة الرهينة رهن شرطهما "قبع" ‏المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار جاء بقرار ذاتي غير ‏مرتبط لا بصفقة سلطوية داخلية ولا بايحاء او باشارة خضراء إقليمية إيرانية، فان ذلك ‏يعكس اول ما يعكس اضطرار هذا الثنائي الى اسقاط مقاطعته لمجلس الوزراء تحت ‏ضغط تعاظم تداعيات الانهيار وتحمله من خلال شل الحكومة تبعات هذه التداعيات. ولكن ‏بدا من غير المستغرب الا يقابل هذا التطور بتصفيق او اشادات او شهادات حسن تصرف ‏الا من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحده، لان "إيجابية" العودة عن الخطأ اقترنت أولا ‏بعدم استعداد احد لتقبل تمنين فريق عطل مجلس الوزراء ثلاثة اشهر في أسوأ مرحلة ‏تجتازها البلاد، ومن ثم لان العودة الميمونة الى كنف الحكومة ومجلس الوزراء جاءت ‏بدورها مشروطة بحصر المشاركة بجلسات إقرار الموازنة ومناقشة خطة التعافي ‏الاقتصادي وما يحسن الأحوال المعيشية. اما في ما يتعلق بشؤون البلاد الأخرى فان ذلك ‏يعني ان ثمة بدعة جديدة ستفرض بتقنين نوعية الجلسات الحكومية من جهة وإبقاء نزاع ‏الثنائي الشيعي مع المحقق العدلي طارق البيطار شماعة تعلق عليها تطورات غير ‏محسوبة في أي لحظة. والاغرب في هذه البدعة المستجدة اننا سنكون امام "مجلس وزراء ‏نصفي" بمعنى تحديد مهماته سلفاً وحصرها بالموازنة ودرس خطة التعافي ومنع أي ‏جلسات أخرى تتصل بجداول اعمال عادية او استثنائية عاجلة وسواها بما يعد اعتداء قسريا ‏موصوفا على الدستور. والسؤال الذي ينتظر الساعات المقبلة لجلائه هو هل يمكن ان ‏يقبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة شرطا سياسيا جديدا يتجاوز الدستور ‏ويخالفه ويفرض بدعة بل هرطقة تجزئ صلاحيات مجلس الوزراء ؟ ثم ان مكمل هذه ‏البدعة، وهو مكمل غير علني يثير الريبة في امكان ان يكون شيئا ما مرر تحت الطاولة ، ‏يتصل باقتناص الثنائي لحظة الفراغ القضائي في نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز مع ‏خلو احد مناصبها بتقاعد القاضي روكز رزق الامر الذي سيجعل "القضاء المبتور" في ظل ‏عدم توقع اجراء تشكيلات قضائية جزئية تملأ الفراغات الأساسية الوجه الاخر لمجلس الوزراء ‏الذي سيقبل املاء الشروط عليه . ولعل الثمن الخطير لهذه المرحلة المتزئبقة سيتمثل في ‏ان القاضي البيطار بات مقيدا بحيث لن يتمكن من استكمال التحقيق وتاليا سيتأخر في ‏اصدار القرار الظني الى مدة يصعب تحديدها‎.‎
بذلك لم يعد مهما للغاية الغوص في الدوافع والأسباب التي دفعت الثنائي الى اعلان ‏قراره المفاجئ، ولو ان مجمل المعطيات تؤكد ان الثنائي ما كان ممكنا له المضي في تحمل ‏تبعات شل مجلس الوزراء عند مشارف استحقاقات مالية واقتصادية بالغة الخطورة بدءا ‏بإنجاز الموازنة وإقرارها مروراً بالشروع الحتمي في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ‏ووصولا الى اخطار تفجر اجتماعي واسع عشية استحقاق الانتخابات النيابية . هذه العوامل ‏‏"القاتلة" وحدها كانت كفيلة بدفع الثنائي الى التخفف من عبء استرهانه لمجلس الوزراء ‏خصوصا ان التداعيات العميقة لتصرفه باتت تضرب في عمق جمهور الحركة والحزب وتثير ‏نقمة واسعة بلغت أصداؤها بقوة قيادات الفريقين‎.‎
حتى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري رد بصراحة على سؤال "النهار" عما دفع الثنائي الى ‏اتخاذ قرار العودة الى مجلس الوزراء بقوله "جاءت العودة بعد تحميلنا مسؤولية ارتفاع سعر ‏الدولار وتدهور الاوضاع واتهامنا من أكثر من جهة بأن الحق يقع علينا جراء ما وصلت اليه ‏الأمور‎".‎
ولدى سؤاله عن موضوع القاضي البيطار أجاب بري :"ركزنا في مقدمة بياننا على هذه ‏المسألة. ولا يزال موقفنا ثابتا وعلى حاله منه ولم يتغير حرف واحد". وشدد على "ان ‏المخرج جاء محليا من عنديات الثنائي‎".‎