المصدر: النهار
الكاتب: سابين عويس
الخميس 21 تشرين الثاني 2024 07:23:58
يشكل انتشار الجيش على الحدود اللبنانية مع إسرائيل تنفيذاً لقرار مجلس الأمن ١٧٠١، التحدي الأبرز أمام الحكومة اللبنانية التي تعهدت في شكل صارم التزامها الجدي تطبيق هذا البند أمام المجتمع الدولي، كما في مسوّدة الاتفاق على وقف النار الجاري التفاوض عليها مع حكومة تل أبيب.
يبدو التحدي مزدوجاً أمام الحكومة والجيش على السواء. إذ يواجه الأخير ثلاثة معوقات أساسية لا بد من تذليلها قبل أن يتوجه الجنود للانضمام الى رفاقهم في مناطق الانتشار جنوبا.
أول هذه المعوقات يتمثل في عدم توافر التمويل الكافي لضمان جهوزية العناصر في ظل مشكلة نقص في التطويع، مع تراجع الشهية على الانخراط في المؤسسة العسكرية بفعل الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة. فبالرغم من الدعوات الدولية المتكررة لدعم الجيش، والخطة التي قدمتها قيادته بقيمة مليار دولار ممتدة على خمس مراحل، والتزام بعض الدول أخيراً في مؤتمر باريس تقديم ٢٠٠ مليون دولار، لم يحصل الجيش على شيء. وهناك انتقادات داخل الكونغرس الأميركي وتساؤلات عن جدوى برامج المساعدات إذا لم يقم الجيش بمهماته. فكيف يوفق بين دوره وحاجاته التي يفتقدها لتجهيز عناصره؟
ثاني المعوقات يكمن في الاستهداف الذي تتعرض له دوريات الجيش في الجنوب من الإسرائيليين وإسقاط شهداء له، من دون أي مبرر مقنع للقيادة التي يتعذر عليها تحليل أسباب الاعتداءات، فيما الجنود يقومون بواجب إنقاذ أو إجلاء لجرحى ومصابين، في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات على أماكن انتشار الجيش ودور عناصره في حماية الاستقرار ومنع المظاهر المسلحة. والتفسير الوحيد لذلك قد يكون عدم رغبة إسرائيل في التزام وقف النار، فتستمر بممارسات استفزازية وتصعيدية، أو عدم رغبتها في إنقاذ المستهدفين.
وهذا العائق يقود إلى العامل الثالث والأصعب ربما، حيث سيواجه الجيش في الجنوب تحدياً في العلاقة مع أبناء المنطقة الموالين لـ"حزب الله"، باعتبار أن مهمته ستكون منع المظاهر المسلحة. وسيكون تنفيذ المهمة أكثر صعوبة ما لم يتم تأمين الجهوزية الكاملة للعناصر بالعديد والعتاد والآليات والسلاح. من هنا، تتمسك قيادة المؤسسة العسكرية بضرورة تأمين التمويل المطلوب ليتمكن الجنود من الاضطلاع بمسؤولياتهم.
وبالوصول إلى الكلام على تضخيم المبلغ المطلوب في خطة الجيش، وقيمته مليار دولار، تقول مصادر عسكرية إن الرقم يستند إلى دراسة تفصيلية لحاجات المؤسسة، ويغطي المراحل الخمس من الخطة. فإضافة إلى الكلفة الفردية للعنصر المقدرة بنحو ٤٥٠٠ دولار لزوم العتاد والسلاح الفردي واللباس والتغذية والتأمين الطبي والإيواء، هناك الأكلاف المترتبة على التجهيزات اللوجيستية والعسكرية، من شاحنات نقل جنود إلى آليات عسكرية وتجهيز المراكز الحالية وبناء مراكز جديدة وصيانة، نظراً إلى أن غالبية الآليات والشاحنات باتت قديمة.
يذكر أن الجيش المنتشر حالياً في الجنوب يتشكل من لواءين وفوج، وعديده ٤٥٠٠، وتبرز الحاجة إلى إرسال عدد مماثل لتأمين الانتشار التام وفقاً للقرار ١٧٠١. وهذا الموضوع كان محط بحث بين قائد الجيش العماد جوزف عون والموفد الأميركي آموس هوكشتاين في اللقاء الذي جمعهما أول من أمس، حيث ركز هوكشتاين أسئلته على مدى جهوزية الجيش للانتشار جنوبا، وسمع كلاماً مطمئناً من عون مفاده أن الجيش جاهز لكنه يحتاج إلى تمويل.