التمديد خلسة لمجلس القضاء الأعلى مهزلة وضرب لفصل السلطات!

 يصف أحد القضاة المخضرمين ما حصل في جلسة مجلس النواب التشريعية في 28 تشرين الثاني الماضي من تعديلات على قانون القضاء العدلي والتمديد لمجلس القضاء الأعلى "بالسابقة" القانونية التي تهدف إلى النيل من السلطة القضائية وإصدار حكم الإعدام بحق العدالة في لبنان. 

 القانون الذي تم تمريره خلسة،  شكل صدمة لدى القضاة واللافت أنه صدر عن مجلس النواب ونص على تعديل المادة 2 من المرسوم الإشتراعي الصادر بتاريخ 16-9-1983 وتعديلاته من قانون القضاء العدلي مع التمديد 6 أشهر لعدد من القضاء بعد بلوغهم السن القانونية للتقاعد وأعضاء مجلس القضاء الأعلى المنتهية ولايتهم منذ الرابع عشر من تشرين الأول الماضي أي بعد مرور أكثر من شهر ونصف على انتهاء ولايتهم وعُدلت الفقرة الأولى من المادة الثانية التي أجازت للنائب العام التمييزي أن يكون عضوا حكمياً ونائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى. والمفارقة أن التمديد شمل المدعي العام المالي علي ابراهيم دون سواه من القضاة الذين لم يصلوا إلى سن التقاعد القانوني.

تحت حجة "الضرورات تبيح المحظورات" عللت جهات قضائية المخالفة القانونية الفاجعة بعدم بت الحكومة في القرار الذي قدمه وزير العدل القاضي هنري خوري ويقضي بالسماح لقضاة النبطية بعقد جلساتهم في صيدا بسبب الحرب الإسرائيلية وأحاله إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى للتوقيع عليه وفق الأصول قبل تحويله إلى مجلس الوزراء. فجاء الرفض كون التوقيع منفردا لأن اعضاء مجلس القضاء الأعلى انتهت ولايتهم فكان القانون "المفجع" بالتمديد لأعضاء المجلس في مجلس النواب .

مصدر قضائي يوضح لـ"المركزية" أن مقولة "الضرورات تبيح المحظورات" غير مقنعة وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول المجلس النيابي الإلتفاف حول القوانين المرعية الإجراء والمفارقة أن المخالفات التي يرتكبها باتت مكشوفة وعلنية وطفح الكيل بعدما وصلت الأمور إلى هذا الحد من الشواذ".

أخطر ما في قانون التمديد أنه تم تمريره خلسة ولم يحصل على موافقة جميع النواب "لكن حتى اللحظة لم يتواجد عشرة نواب للإعتراض على القانون وإحالته على المجلس الدستوري" ويستغرب المصدر كيفية تعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطتين التنفيذية والقضائية.

قانونا يفترض أن يكون التمديد لقضاة مجلس القضاء الأعلى الذين بلغوا السن القانونية من صلاحية السلطة التنفيذية ولها وحدها الحق في التعيين ضمن مراسيم. لكن اللافت ان المشترع جاء ليقول لها "أنا من يقرر عنك" فكان التمديد لقضاة بلغوا سن التقاعد القانوني وعادوا إلى منازلهم منذ حوالى الشهر ونصف . إلا ان القانون "المتخم بالمغالطات أعادهم إلى قصر العدل ".

وفق مجريات الأمور يعتبر هذا التمديد بمثابة تعيين وهذا من اختصاص مجلس الوزراء وما زاد من فظاعة الأمر أن  جاء على القطعة بحيث حددت مدة التمديد لقاضٍ ب6 أشهر في حين مددت لقاضٍ آخر حتى يأتي من يحل مكانه.

يبدو السؤال عن أسباب الصمت حول هذه المخالفة الفاضحة محسوما وفق المصدر القضائي" يريدون وضع اليد على القضاء لإبقائه في حالة الشلل و"الحرتقة" على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بحيث يمنع عليه اتخاذ قرارات لتحسين وضع العدلية.

رئيس مجلس القضاء الأعلى وعلى رغم يقينه بعدم قانونية القرار، فضل ان يستشير خبراء قانونيين وتأكد أنه خرق لمبدأ فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية، وعلّق على قرار التمديد أنه " انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات والتعاون والتوازن في ما بينهما وذلك على خلفية إقرار القانون الصادر عن مجلس النواب. وأكد على ضرورة مبدأ استقلالية السلطة القضائية، ووجوب تمتع القوانين بصفة العمومية والتجريد وابعادها عن الطابع الشخصي. واعتبر عبود أن تعديل بعض المواد القانونية حرصًا من المشرع على حسن سير العدالة هو في غير مكانه الصحيح، معتبرًا أن تعطيل مجلس القضاء الأعلى قد بدأ حتى قبل انتهاء ولاية أعضائه، وذلك نتيجة امتناع السلطات المختصة عن إجرائه وصولًا إلى تعطيل اجتماعاته عبر التدخلات الحاصلة في عمله، ما يجعل من القانون الجديد تمديدًا للتعطيل في حال استمرار الأمر على ما هو عليه".

توازياً استنكر نادي قضاة لبنان هذا التجاوز واصفًا قرار التمديد بـ"مهزلة المهازل وقمة الانهيار.قانون يعيد تفعيل عمل مجلس قضاء أعلى غير فاعل، ومنتهية ولايته هو بمثابة تعيين! وقانون "غب الطلب"، يُصدر على قياس قاضٍ هو المدعي العام المالي من خلال تمديد سن تقاعده، قانون هو بمثابة تشريع فردي خاص له، قانون عارٍ عن الشرعية وغير مقبول. وتابع: "قانون يخالف المبادئ الدستورية والقانونيّة". ويجسد انهيار الدولة الديمقراطية بانهيار أحد ركائزها أي السلطة القضائيّة.

المستغرب أنه لم يتأمن 10 نواب للطعن بهذا القانون . هذا مجلس زلم وليس مجلس نواب. عيبٌ على لبنان أن يسمى عليه قانون مماثل يصدر عن مجلس النواب ولم يتحرك أحد. ويضيف المصدر ردا على السؤال عن إمكانية تصحيح هذا الخطأ بأن الأمر يتطلب التقدم بالطعن أمام المجلس الدستوري توصلاً لإبطاله بسبب عدم دستوريته".

السابقة التي تسجل خلال جلسة التمرير أن رئيس المجلس نبيه بري لم يوزع الأوراق على النواب نزولا عند طلبهم وهناك العديد من النواب الذين اعترضوا على آلية تمرير البنود خلال الجلسة ومنهم النائبة بولا يعقوبيان. وعليه يرجح أن تكون الخطوة التالية أمام المجلس الدستوري. وهناك إما أن يستعيد القضاء احترامه أو يُهان" يختم المصدر.