التمديد لقائد الجيش أولوية تسبق الرئاسة ووقف النار؟

بدا من تصريح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن رفضه ربط الاستحقاق الرئاسي بقرار وقف النار، أنه بمثابة رسالة أو رد على بري نفسه الذي يشترط وقف النار لفتح أبواب المجلس. لكن واقع الأمر أن كلامه لم يكن وليد اللقاء أو نتيجة للمحادثات، بل شكل لسان حال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان أبلغه إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش قمة الرياض، عندما أعلن أنه لا يرى سبباً لربط ملف الرئاسة بوقف النار، ما دام الاستحقاق داخليا ومسؤولية المجلس النيابي. وقد أوفد السيسي وزير خارجيته محملاً إياه موقف مصر الثابت من لبنان، وفيه رسالة دعم ورعاية من باب تجديد تأكيد الحضور المصري في لبنان.

وبحسب ما نقل عن فحوى محادثات بري وعبد العاطي، فقد جاء الحديث عن الرئاسة في إطار الأسئلة التي وجهها عبد العاطي إلى بري مستفسراً عن حيثيات ربطها بصدور قرار وقف النار. فكان جواب رئيس المجلس أن لا خلفيات متعمدة لتأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وأن الأسباب لوجيستية تتصل أولاً بأمن النواب الذين سيحضرون إلى المجلس للمشاركة في أي جلسة انتخاب، ولا سيما نواب "حزب الله" المهددين من إسرائيل، وهو ما يحمّل رئاسة المجلس مسؤولية الحفاظ على حياتهم وحمايتهم في ظل الغارات الإسرائيلية المتواصلة. وهذا الأمر يتعذر ضمانه مع تمسك إسرائيل ببنك أهدافها الذي يستهدف شخصيات وقيادات في الحزب.

والواقع أن الوزير المصري شكا تأخر وصوله بسبب مشكلة مع الشركات التي رفضت التأمين على الطائرة المصرية في مطار رفيق الحريري الدولي طيلة مدة الزيارة، وهي لا تتجاوز بضع ساعات.

أما السبب الآخر فيكمن في عدم حصول توافق بعد على مرشح يحظى بالقبول ولا يشكل استفزازاً لأي مكوّن. ونُقل عن بري قوله أمام ضيفه إنه يلتزم أن ينجز انتخاب الرئيس في أقل من أسبوع، حال توقف الأعمال الإسرائيلية العدائية على لبنان والتزام وقف النار. وعندما سأل الضيف هل هناك تفاهم على مرشح، علما أن مصر تدعم من ضمن مجموعة الدول الخمس ترشيح قائد الجيش، كان جواب بري بالنفي.

تقلل أوساط عين التينة من أهمية هذا الكلام المصري، باعتبار أنه لم يأت في إطار التحدي أو الاشتراط، كاشفة أن الوسط الديبلوماسي الغربي والعربي يبذل مساعي كبيرة لمعالجة احتمال شغور موقع قيادة الجيش، ومشيرة إلى أن هذا الموضوع كان محط نقاش سفراء فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الذين يعطون الأولوية اليوم لتمديد ولاية قائد الجيش منعاً للشغور.

وعليه، لا يبدو فك الارتباط بين إنجاز الاستحقاق الرئاسي ووقف النار الذي ينادي به رئيس المجلس وارداً في المرحلة الراهنة، وقبل أن تتبلور خريطة الطريق التي ستسلكها مفاوضات وقف النار من خلال الوساطة الأميركية مع الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب. وهذا لا يعني أن مساعي وقف النار توقفت، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة، كاشفة أن جهود الوسيط آموس هوكشتاين لا تزال قائمة ومستمرة، قد تلقى تنويهاً من الإدارة الجديدة للاستمرار في مهمته!