التمديد للبلديات: المجتمع الدولي يسخر و"الدستوري" لا يعترف به

رغم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى عقد جلسة تشريعية، وعلى جدول أعمالها بند التمديد للمجلس البلدية يوم الثلاثاء المقبل، إلا أن نجاح الجلسة في إقرار قانون التمديد ليس مؤكداً. وهذا بمعزل عن إمكانية الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري. وبمعزل أيضاً عن أن ملف تمويل الانتخابات لم يقفل بشكل تام أمام وزير الداخلية بسام المولوي، المصرّ على إجراء الانتخابات.

على عاتق بو صعب

بعد جلسة اللجان النيابية يوم أمس، بدا واضحاً أن التيار الوطني الحر لا يريد أن يؤخذ التمديد عليه، فاستعان بنائب رئيس المجلس الياس بو صعب، الذي أخذ الموضوع على عاتقه، مقترحاً قانون التمديد لمدة أربعة أشهر. فهو نائب في التكتل لكنه ليس عضواً في التيار وغير محسوب على التيار وعلى جبران باسيل خصوصاً.

انعقاد الجلسة سيكون على جدول أعمالها بنود عدة غير قانون التمديد، مثل تعديل الرسوم وتأمين تمويل رواتب الموظفين، قد يطيح انعقادها في المقبل من الأيام.

بعد تحميل نائب رئيس المجلس بو صعب المسؤولية للمولوي وللحكومة في عدم إجراء الانتخابات، أتى رد المولوي المباشر من الصرح البطريركي، حيث أكد المولوي للبطريرك الراعي ضرورة اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأن الوزارة جاهزة لإجرائها، وتنتظر التمويل للمباشرة بها، لافتاً إلى أن انعدام الإرادة السياسية يعرقل إجراء الانتخابات البلدية ووزير الداخلية لن يكون كبش محرقة.

الاتحاد الأوروبي ينتظر

سبق وكشفت "المدن" أن المولوي تلقى وعداً غير مباشر بتمويل الاتحاد الأوروبي ميزانية الانتخابات بأكملها. ألا أن تقاذف المسؤوليات بين القوى السياسية وشعور المجتمع الدولي بعدم الجدية بإجراء الانتخابات بموعدها، فرمل الخطوة، وفق ما أكدت مصادر دبلوماسية لـ"المدن".

وتضيف المصادر أنه لا ثقة للمجتمع الدولي بأن القوى السياسية تريد إجراء الانتخابات البلدية، وبالتالي ينتظر الاتحاد الأوروبي انتهاء البازار الحالي وتقاذف المسؤوليات، للإقدام على أي خطوة في هذا الشأن. أي عندما تعلن القوى السياسية عزمها على إجراء الانتخابات فالحل يكون سهلاً. بمعنى أنه إذا كانت المسألة تتعلق بالتمويل فلا مشكلة في ذلك. إلا أن الاتحاد الأوروبي يرفض زج الاستحقاق الانتخابي واستخدامه في البازار السياسي الحاصل في لبنان.

وعن تردد الاتحاد الأوروبي في إعلان موقف رسمي بعزمه على تمويل الانتخابات لإحراج المسؤولين، قالت المصادر أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة. فالاتحاد الأوروبي لا يريد التدخل بشأن يخص اللبنانيين من ناحية، ثم أن "لا شيء يحرج الطبقة السياسية في لبنان". بل العكس صحيح، سيتم إحراج الاتحاد الأوروبي بأنه يتدخل لإجراء انتخابات بالقوة. هذا فضلاً عن أن تجربة المجتمع الدولي مريرة مع المسؤولين اللبنانيين في ابتزازه للحصول على التمويل. ليس هذا فحسب، بل ثمة قناعة عند المجتمع الدولي بأن المشكلة ليست في التمويل بل بعدم وجود رغبة وإرادة عند القوى السياسية بإجراء الانتخابات.

وعما إذا كان التمديد لمدة أربعة أشهر، وفق اقتراح الياس بو صعب أتى لإرضاء المجتمع الدولي بأن مدة التمديد قصيرة جداً ولدواعي تقنية، لفتت المصادر إلى ما هو مستحيل بنظر القوى السياسية حالياً لن يصبح سهلاً بعد أربعة أشهر. بل العكس صحيح، أي قد تصبح الأمور أكثر تعقيداً بعد أربعة أشهر، وهذا يفتح المجال لتمديد آخر وهلم جرى.

الدستوري كرّس الانتخاب

وبعيداً من تقاذف المسؤوليات الحاصل، وفي حال عقدت الجلسة التشريعية، التي ستشهد مقاطعة حزب الكتائب والقوات اللبنانية والمعارضة ونواب التغيير، وتوافقت حركة أمل والتيار الوطني الحر على "تطيير" الانتخابات، فيمكن لعشرة نواب الطعن بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري، الذي سيقبل الطعن ويرفض التمديد.

وتقول مصادر "الدستوري" لـ"المدن" إنه لا يوجد في عرف المجلس الدستوري شيء أسمه التمديد. بل بالعكس هناك اجتهاد مكرس حول حق الاقتراع ودورية الانتخاب. هذا فضلاً عن الرأي الدستوري بأن مجلس النواب لا يستطيع تشريع قانون التمديد. وما هو حاصل منذ زمن بمثابة فضيحة مستمرة في البلد.

اللجان المؤقتة

أما في حال فشل مجلس النواب بإقرار قانون التمديد، وعدم تمكن وزارة الداخلية من إجراء الانتخابات، فلا جواب واضح حول مسار الأمور، يقول المكتب الإعلامي لوزير "الداخلية". فالوزير لم يدرس هذا الخيار بعد.

في المقابل ثمة إخراج لمعضلة عدم إجراء الانتخابات وعدم صدور قانون التمديد عن المجلس النيابي، من خلال قرار يصدر عن وزير الداخلية ويُقرّ في مجلس الوزراء لعدم حصول فراغ على المستوى البلدي. وتقول المصادر أنه يمكن اللجوء إلى ما يعرف بـ"اللجان المؤقتة لإدارة البلديات"، ولا سيما في البلديات الكبيرة، حيث يصار إلى تصريف الأعمال وإدارة البلدية من قبل جهازها التنفيذي، أي اللجان البلدية والموظفين، وذلك بإشراف المحافظين. أو يصار إلى نقل صلاحيات المجالس البلدية إلى المحافظين والقائممقامين. لكن هذا الخيار كارثي، لأنه من دون وجود الأزمة الحالية التي يمر بها لبنان، يصعب على المحافظين والقائمقامين إدارة هذا الملف، فكيف في ظل الظروف الحالية، التي تعيق العمل اليومي الروتيني في مراكز المحافظات.