المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الجمعة 26 نيسان 2024 14:58:59
تتخذ الصين خطوات متصاعدة نحو تأكيد حضورها السياسي والاقتصادي والأمني في العالم، وبدأت تستقطب القوى العالمية بحيث تتكثف الاتصالات لوقف التوترات في اكثر من منطقة وايجاد حل للحرب الاوكرانية وتسوية كبرى لأزمات الشرق الاوسط بدءاً من حل القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين كمقدمة للحل الشامل والسلام الدائم والعادل في المنطقة. وشهدت العاصمة بكين سلسلة من الزيارات، بدأت مع وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، تلتها زيارة لوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي أجرى محادثات مع كبار القادة الصينيين، واختتمت بزيارة لوزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن. وتحاول الصين ان تلعب دورا في الشرق الاوسط وافريقيا من خلال اتفاقات عقدتها مع دول في المنطقة من اسرائيل والسعودية ومصر ودول خليجية وايران، فهل ستتمكن الصين من منافسة الولايات المتحدة الاميركية على الساحة العالمية؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ"المركزية" ان "الاستراتيجية الصينية تقوم على تلافي اي اشتباك عسكري، لكن موازنتها العسكرية التي كانت تبلغ 149 مليار دولار منذ ثلاث سنوات اصبحت اليوم 256 ملياراً وبدأت تتحضر لحماية استرتيجيتها الاقتصادية بهدف النمو أكثر فأكثر، اذ لم يكن لديها مثلاً حاملة طائرات، فقامت بشراء حاملة طائرات من روسيا تعود الى عهد الاتحاد السوفياتي، وتمكنت بواسطة تقنيات روسية من إعادتها الى الخدمة وعادت وصنّعت حاملتين أخريين جديدتين، واصبحت تملك ثلاث حاملات طائرات".
ويشير ملاعب الى ان "الصين اليوم بدأت بحماية تجارتها الدولية من خلال ايجاد نقاط تواجد لها على السواحل العالمية، في باكستان وجيبوتي وغينيا الاستوائية، لأن الاقتصاد يحتاج الى قوة بغية المنافسة والاستمرار".
ويضيف: "لكن كيف تتعامل الولايات المتحدة الاميركية مع بؤر التوتر في العالم؟ تعتبر أنها إذا وقفت وساندتها، يعتبر الرئيس الاميركي جو بايدن انه يؤمن استمرارية تفوق اميركا، واستمرارية السلام بمعنى "هز العصا"، اي عندما يصبح لاوكرانيا اليوم 61 مليار دولار سوف يجلس الروس الى الطاولة بشكل ينهي الازمة قبل استعمالها".
أما بالنسبة الى تايوان، فيشير الى ان "خلق مشكلة للصين عبر التعاون العسكري الثلاثي، الفيليبين واليابان والولايات المتحدة، خاصة في ظل الخلافات التي كانت قائمة بين الفليبين واليابان، يعتبر انجازا مهما جداً بحق الصين. كما أنها خلقت محوراً شبيهاً بالناتو مقابل بحر الصين بالتعاون مع استراليا واليابان والدول المحيطة بالصين، لتحذيرها كي تبقى ضمن السياسة المرسومة، ولا تصل الى مرحلة تهدد فيها المصالح الاميركية".
ويلفت ملاعب الى ان "سياسة الصين تقوم على التنمية الاقتصادية، وفي مقارنة بين الميزان التجاري الصيني والاميركي، نجد ان منذ اربع سنوات، في عهد الرئيس دونالد ترامب كانت الولايات المتحدة تصدر بـ400 مليار دولار سنوياً مقابل 600 مليار للصين اي بفارق 200 مليار، وبالتالي هناك عجز تجاري لصالح الصين، وهذا ما كان يحاول ترامب معالجته معتبرا بأنه لا يقبل ان يستمر هذا العجز وبدأ بوضع قيود على استيراد البضائع الصينية الى الولايات المتحدة"، معتبرا ان الصين وصلت الى موقع هام اليوم".
أما عن دورها في الشرق الاوسط، فيؤكد ملاعب ان "للصين ارتباطا مع اسرائيل من خلال تنفيذها لشبكة سكة الحديد من ميناء ايلات باتجاه ميناء اشكول على البحر المتوسط بديلا عن قناة السويس. كما ان الصين عقدت اتفاقيات تجارية مع اسرائيل وحتى شراء اسلحة. أما بالنسبة الى موقفها فهي دائماً مع حل الدولتين، والجميع مع هذا الحل حتى الولايات المتحدة، لكنها لم تقدم اي شيء ميدانيا في هذا الاتجاه. واليوم ان تتغلغل الصين أكثر فأكثر في المنطقة وتصبح هناك اتفاقيات سعودية - صينية او اماراتية - صينية وان تصبح ايران حليفة للصين وروسيا في دول البريكس، وان تقام تدريبات عسكرية بحرية مشتركة بين الدول الثلاث روسيا والصين وايران مقابل بحر عُمان، وان يكون بينها تعاون في التسلح والذي يُعتبر مهما جدا في دبلوماسية الدول، وعندما يصبح تسلح ايران روسياً وصينياً، هذا كله يؤدي الى خلق مجال تعاوني مستقبلي كبير في التدريب وصيانة الاسلحة وكل ذلك، وهذا ان دل على شيء فعلى "تغيير وجه". فأسلحة ايران كانت يوما ما فرنسية واميركية، اليوم هناك تغيير. صحيح انها اصبحت دولة منتجة للاسلحة لكنها ما زالت ضمن هذا الاتجاه".
ويختم ملاعب: "لا اعول على دور صيني في المنطقة كما ان الروسي مستقيل من دوره من حين عدم اكتراثه بالاعتداءات الاسرائيلية التي كانت تحصل في سوريا وهو من حمى هذا النظام، ليس لدينا اي مجال الا فقط عندما يضطرون لمعاداة اميركا ليس اكثر وليس نصرة للعرب، ان يتخذوا موقفا في مجلس الامن فقط لتكريس وجودهم ضد الولايات المتحدة وليس دعما للقرار العربي غير الموجود اساسا".