المصدر: النهار
الكاتب: وجدي العريضي
الاثنين 4 كانون الاول 2023 07:26:34
بدأ منسوب الحزم من قِبل المجتمع الدولي، وتحديداً اللجنة الخماسية، مع الأطراف اللبنانية يرتفع، اذ بعد حرب غزة والجبهة الجنوبية لم يعد الترف السياسي مقبولاً من أي جهة نظراً الى تداعيات عملية "طوفان الأقصى" على الساحة اللبنانية التي تعتبر الحلقة الأضعف والقادرة على تلقّف اي معطى في المنطقة أمنياً أو سياسياً.
في السياق، تكشف مصادر سياسية ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان - ايف لودريان لم يغادر لبنان خالي الوفاض، وان زيارته الأخيرة عُدَّت الأبرز اذ سجّل نقاطاً مهمة وسيعود لإرساء صيغة توافقية بعد ان يتشاور مع الرئيس ايمانويل ماكرون ومسؤولين سعوديين، وتحديداً المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا. وثمة أجواء عن لقاء فرنسي - سعودي لهذه الغاية بحضور السفير وليد بخاري، في حين ان الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني "أبو فهد" وضع المسؤولين القطريين في صورة لقاءاته السريّة وعُرضت خلال عشاء قصر الصنوبر لسفراء دول اللجنة الخماسية قبيل مغادرة لودريان بيروت، أي ان التنسيق والتناغم بين دول هذه اللجنة جارٍ على قدمٍ وساق، وثمة توافق على اعتماد الخيار الثالث رئاسيًا.
وتضيف المصادر ان إثارة الموفد الفرنسي لضرورة إعادة الالتزام بتنفيذ القرار 1701 لم تكن مفاجئة لدى البعض ممن التقوا به، اذ نوقش على أعلى المستويات الدولية والإقليمية، وتحديداً بين واشنطن وباريس وتل أبيب والأمم المتحدة، من زاوية ان عودة سكان المستوطنات، لا سيما نهاريا وكريات شمونة والمطلة، دونها عقبات وصعوبات كثيرة في ظل اشتعال الجبهة الجنوبية وقرب المسافة نارياً وميدانياً بين عناصر "حزب الله" والاسرائيليين، ما يشكّل لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أزمة في الداخل. وعلى هذه الخلفية لن يعود المستوطنون في ظل الظروف الراهنة. وجرى في كل الأروقة السياسية والأممية، التداول بتحصين هذا القرار والالتزام به، وإلا سيتم اللجوء الى الفصل السابع، والموضوع مدار متابعة في الداخل والخارج ليكون مدخلاً لتهدئة الوضع في الجنوب.
أما على خط التمديد لقائد الجيش الذي كان ايضاً من العناوين الاساسية التي بحث فيها وزير الخارجية الفرنسي السابق، فتقول المصادر نفسها ان موقف لودريان الداعم والمشدِّد على التمديد شكّل صدمة لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي يخوض حرب داحس والغبراء لقطع الطريق على هذا الخيار، من هنا كان اجتماعه بلودريان فاتراً ولدقائق معدودة. وفي غضون ذلك، فان باريس وواشنطن وسائر دول اللجنة الخماسية على بيّنة مما يحيط بلبنان من مخاطر أمنية، ما يستدعي ان يكون هناك قائد على رأس المؤسسة العسكرية بعيداً عن الاجتهادات القانونية، خصوصا ان ما يجري يدخل في لعبة تصفية الحسابات السياسية والرئاسية، مع الاشارة وفق المعطيات المتوافرة الى ان التلميح الى قطع المساعدات العسكرية عن الجيش والتلويح به، جرى طرحه بشكل جدّي وليس من باب التهويل.
وتؤكد المصادر ان زيارة لودريان لم تحسم العناوين الثلاثة: من الاستحقاق الرئاسي الى التمديد لقائد الجيش والقرار 1701، والأخير له ظروفه ومعطياته، فهو مرتبط بالميدان في غزة وبوضع المنطقة عموما، وقد يهتز في اي توقيت بإشتعال حرب غزة وجبهة الجنوب وكل الإحتمالات واردة. وما حمله كل من لودريان والموفد الأميركي آموس هوكشتاين، يصب في خانة التحذير من الدخول في حربٍ عواقبها ونتائجها وخيمة وكارثية، ما سمعه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الى ما يشير اليه السفراء العرب المعتمدين في لبنان، من ضرورة الالتزام بالقرار 1701 وتجنب الحرب.
أما على خط مهمة لودريان التي كُلف بها من الأساس، اي الاستحقاق الرئاسي والوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، فتشير المصادر الى أن هذا الاستحقاق لا زال يدور في حلقة مفرغة ويحتاج الى جهود اضافية، وجلّ ما تحقق هو اعتماد الخيار الثالث، وبالتالي فان ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها، اذ ان الدوائر الضيقة المحيطة بـ"حزب الله" تُؤكد ان الحزب يتمسك بمرشحه رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ولكن حتى الساعة الأجواء غير واضحة في ظل ما يمكن ان يحصل في الميدان حيث تغيرت كل المعطيات وتبدلت الاجواء بعد حرب غزة والجنوب، لا سيما من اطراف سياسية فاعلة في سياق الاصطفافات والتحالفات.