المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الأحد 3 آب 2025 14:55:31
بيروت على موعد مع يوم سياسي استثنائي، قد يحمل في طيّاته ملامح تحوّل جذري في المشهد اللبناني. ففي قصر بعبدا، يُعقد الثلاثاء المقبل اجتماع حكومي برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، يتجاوز بطبيعته الإطار الروتيني للجلسات السابقة، ليطرح على الطاولة أخطر الملفات وأكثرها حساسية، ملف السلاح غير الشرعي، وعلى رأسه سلاح حزب الله.
سلاح الحزب في مرمى الدولة... للمرة الأولى بوضوح
الاجتماع المرتقب لا يشبه ما سبقه. فالحديث هذه المرة يدور عن خطة متكاملة بسقف زمني واضح لسحب السلاح غير الشرعي، وإعادة تكريس احتكار الدولة وحدها لقرار استخدام القوة. إنه تحوّل نوعي، يعكس نضوجًا سياسيًا داخل أروقة الحكم، تزامن مع لحظة مفصلية من فقدان التوازن الوطني، وسط انهيار المؤسسات وتآكل مفهوم السيادة.
وإن كان هذا الطرح يُعد سابقة من حيث الوضوح والجدية، إلا أنه لم يمر مرور الكرام على "الثنائي الشيعي"، الذي قرأ في الخطوة محاولة واضحة لإنهاء معادلة الهيمنة التي رُسّخت بعد اتفاق الطائف، واستمرت لعقود كأمر واقع.
غياب مدروس... ورسائل غير مباشرة
مصادر وزارية أكدت لـkataeb.org أن الوزيرين محمد حيدر وياسين جابر لن يحضرا الجلسة لأسباب مرتبطة بالتزامات خارجية، لكن القراءة السياسية تذهب أبعد من المبررات الشكلية، إذ يظهر الغياب بمثابة مناورة اعتراضية ناعمة، تتيح توجيه رسالة اعتراض من دون المجاهرة بالمواجهة.
المفارقة أن وزير العمل، المحسوب على الخط ذاته، يسعى لاختصار زيارته الخارجية بهدف المشاركة، ما يكشف عن تردّد داخل الفريق الشيعيبين الانسحاب التكتيكي والمواجهة الصريحة، في ظل إدراكهم لخطورة النقاش المطروح.
عون يصعّد: لا سلاح خارج شرعية الدولة
رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، حسم موقفه بلا مواربة، ففي خطابه الأخير بمناسبة عيد الجيش، قدّم سبع نقاط تُشكّل خريطة طريق للمرحلة المقبلة، كان أبرزها الدعوة الصريحة إلى حصر السلاح بيد الدولة وحدها، في موقف غير مسبوق على مستوى الرئاسة الأولى.
عون بدا كمن قرر فتح المواجهة مع واقعٍ شاذ، لم يعد بالإمكان السكوت عنه، واضعًا الدولة أمام مسؤولياتها. وهذا الطرح فرض على الثنائي الشيعي معادلة جديدة: فإما الانخراط في مسار الدولة، أو المجاهرة بالانفصال عنها.
خطة تنفيذية قيد النضج: خمسة أشهر للحسم
بحسب المعلومات المستقاة لموقعنا، فإن جلسة الثلاثاء ستكون منصة لنقاش تمهيدي حول آلية تنفيذية تُفضي خلال خمسة أشهر إلى نزع السلاح غير الشرعي، ضمن خطة مدروسة تتكئ على حوار داخلي من جهة، وضغط مؤسساتي من جهة أخرى.
المناخ داخل الحكومة يوحي بقدر من العقلانية والتدرج، لكن مجرد إدراج هذا البند على جدول الأعمال يُعد كسرًا لصمت طويل، وانقلابًا على توازنات ما بعد الحرب الأهلية، التي أبقت القرار الأمني ممزقاً بين الدولة والدويلات.
البنود الأخرى: تفاصيل ثانوية في ظل العنوان السيادي
رغم إدراج بنود إجرائية عادية تتعلق بشؤون وزارية غير خلافية، إلا أن كل الأنظار مشدودة إلى البند السيادي المرتبط بالسلاح. لا يبدو أن أي ملف آخر سينافسه في الاهتمام، إذ بات واضحًا أن اللحظة السياسية الحالية مفصلية، وهي إما تؤسس لمسار جديد أو تُعيد إنتاج المراوحة.
الثلاثاء المنتظر: بداية استعادة الدولة... أو تكريس الهيمنة؟
كل المؤشرات توحي بأن جلسة الثلاثاء ستكون أكثر من مجرد اجتماع حكومي، إنها نقطة انعطاف كبيرة، فإما أن تبدأ الدولة باستعادة قرارها السيادي وتعلن نيتها في تطبيق القانون على الجميع، أو تؤكد مرة جديدة عجزها المزمن أمام سطوة السلاح الخارج عن الشرعية.
اللبنانيون يراقبون.. فالسؤال لم يعد ما إذا كانت الدولة تريد، بل ما إذا كانت تستطيع. وفي هذا الثلاثاء، كل المعادلات موضوعة على المحك... والرهان الأكبر: هل تعود الدولة فعلاً، أم نُكرّس سقوطها؟