المصدر: النهار
الكاتب: اسكندر خشاشو
الثلاثاء 28 كانون الثاني 2025 08:54:19
حملت التحركات الشعبية المفاجئة التي قام بها أنصار "حزب الله" في بعض المناطق، عدداً من الرسائل في الاتجاهات كافة، أولاها إلى رئيس الحكومة المكلف ومن خلفه إلى القوى السياسية، وخصوصاً تلك المعارِضة لتوجهه، كما أنها أتت استكمالاً للبيان الذي أصدره ظهر يوم الأحد وأعاد فيه الحديث عن الثلاثية باعتبارها أمراً واقعاً وليست حبراً على ورق.
على الرغم من تأكيد المقرّبين من الحزب أن التحركات الشعبية والمواكب السيارة التي جالت في الجميزة وبرج حمود وعين الرمانة، وصولاً إلى مغدوشة، هي تحركات عفوية وغير منظمة، فقد اعترفوا بأنّها نتيجة احتقان هذا الشارع بسبب التعامل معه طوال الأشهر الأخيرة على أنّه مهزوم ويجب عزله، ما دفعه إلى مواكبة ما جرى في الجنوب بهذه الطريقة.
وبحسب المقربين، بعيداً ممّا جرى في مناطق بيروت ليلاً، فإن ما حدث في الجنوب أعاد تظهير قوّة "حزب الله" وحركة "أمل" على المستويين السياسي والشعبي، ولكن لن يُستثمر بالضرورة في الشأن الداخلي، علماً أنّه سيدفع الجميع إلى الأخذ في الاعتبار أنّ الحزب والحركة فريقان سياسيان فاعلان والرهان على هزيمتهما ليس صحيحاً، وبالتالي لا بدّ من التعامل معهما كفريق سياسيّ شعبيّ قوي على مستوى تأليف الحكومة أو إدارة البلاد في المرحلة المقبلة.
وفي المقابل، كان واضحاً البيان الذي صدر يوم الأحد وأعاد فيه الحديث عن أن "معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تحمي لبنان ليست حبراً على ورق، بل واقعاً يعيشه اللبنانيون يومياً".
في رأي عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك أن ما قام به "حزب الله" على مستوى تحريك الشارع هو "محاولة منه لردّ الاعتبار إلى صورته التي أصبحت مدمرة، ولكن بدل أن يحسّنها هشّمها".
ويقول لـ"النهار": "تحركات الأحد ارتدّت سلباً على الحزب وأعادت إحياء العصبيات الطائفية التي تجاوزها اللبنانيون في أثناء الحرب حين أبدوا قدراً كبيراً من الاحتضان لبعضهم".
ويلاحظ أن "وراء هذه التحركات رسائل في الاتجاهات كافة، أولاها لرئيس الحكومة المكلف نواف سلام والقوى السياسية، وهي أنّكم لن تستطيعوا تغيير الأمر الواقع، وإذا فكّرتم في التبديل فسنواجهه في الشارع".
ويضيف: "حاول الحزب التأكيد عبر بيانه أن معادلة جيش شعب مقاومة ستبقى قائمة وإن لم تُذكر في البيان الوزاري، لكنّها ستكون موجودة بحكم الواقع والقوّة، وعلى الجميع أن يفهم".
ويوضح يزبك أن "مسيرات الدراجات النارية وإطلاق النار على الآمنين لا تضع الحزب في موقع قوة، إنّما تؤذي بالدرجة الأولى بيئته التي يضعها في مواجهة بيئات أخرى، علماً أنها كانت بالأمس القريب تحتضن بيئته".
أمّا الرسالة الأهم بحسب يزبك فهي للجيش اللبناني، "ووضعه في موقع الضعيف المسلوب القرار من دون مبادرة، ويتعامل مع أمر الواقع بدل أن يصنعه وينزع الصدقية منه تجاه اللجنة الدولية، ما يجعل موقفه ضعيفاً تجاهها".
وثمة رسالة أيضاً وفق يزبك لرئاسة الجمهورية والعهد، "واختصارها أنك لن تستطيع تغيير أيّ أمر، ولن ندعك تحكم ما لم نرضَ عنك، وهذه قنبلة بشظايا كثيرة طالت أكثر من جهة، لكنّها جعلت منه أكبر المتضررين أيضاً".
إلى ذلك، تستغرب مصادر حزب الكتائب "هذه التحركات غير المبررة على الإطلاق"، مشيرة إلى أنّها "عودة إلى زمن غابر أسود لم يستجلب للبنان سوى الدمار".
وتؤكّد أن "عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وعمليات إخضاع اللبنانيين بالقوة أصبحت من الماضي، ومثلها المحاولات لتغيير المعادلات السياسية الداخلية أو فرض مكاسب سياسية أو العودة إلى الشعارات الخشبية السابقة في البيانات الوزارية عبر الشارع أو بالترهيب"، داعية "حزب الله" إلى "التخلّي عن عاداته القديمة باستعمال أساليب الترهيب، وملاقاة اللبنانيين لبناء دولة قوية قادرة".