"الحرس الثوري" الإيراني بدل "الحرس الجمهوري" السوري في البوكمال

تواصل الفصائل الموالية لإيران إعادة انتشارها في مدينة البوكمال بريف دير الزور. وفي الوقت الذي تسرّبت فيه معلومات عن تعيينات جديدة في رأس هرم الحرس الثوري في المنطقة، أفادت مصادر بوصول التنسيق بين الحرس الجمهوري السوري والحرس الثوري الإيراني في المدينة الحدودية مع العراق إلى نقطة متقدّمة جداً، وهو ما تجلّى في إخلاء الأول مواقعه ليشغلها الثاني استعداداً للمرحلة المقبلة.
 
قائدٌ ثانٍ
وعيّن الحرس الثوري الإيراني قائداً ثانياً للشرق السوري في أقل من عام، حيث أصدرت قيادته المتمركزة في منطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة دمشق قراراً بتعيين "الحاج جواد" الإيراني قائداً للفصائل الموالية لإيران في محافظة دير الزور خلفاً لـ "الحاج كميل"، وتعيين "الحاج موسوي الموسوي" نائباً لـ"الحاج جواد".
 
وشغل "الحاج جواد" منصب المسؤول عن العمليات العسكرية للفصائل الموالية لإيران في محافظة حلب، وفي منتصف عام 2023 انتقل إلى محافظة دير الزور بعد تكليفه الإشراف على انتشار وتمركز ميليشيا "فاطميون" الأفغانية في الشرق السوري، بسام "الحاج مجتبى". 
 
وهذه هي المرّة الثانية التي يُعزل فيها "الحاج كميل" من منصبه. ففي نهاية تموز (يوليو) 2023، عيّنت إيران "الحاج موسوي الموسوي" قائداً للفصائل الموالية لها في محافظة دير الزور، إلّا أن مرضه حال دون بقائه في هذا المنصب أكثر من 8 أشهر، ليُكلّف "الحاج كميل" قائداً للحرس الثوري في الشرق السوري.
 
حتى الآن، لم يغادر "الحاج كميل" محافظة دير الزور، ومُرجح أن توكِل إليه قيادة الحرس الثوري الإيراني مهمّات أكثر حساسية، تشمل الإشراف المباشر على عمليات نقل الأسلحة برّاً من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا، أو التخطيط لتشكيل خلايا والإشراف عليها في شرق الفرات.
 
إعادة تموضع
وعقب تعيين "الحاج جواد" في منصبه، شهدت المنطقة تحركات جديدة للفصائل الموالية لإيران، تمثلت في إعادة انتشار قواتها بالتنسيق مع قوات الحرس الجمهوري المنتشرة في مدينة البوكمال، والتي تدخل عبرها معظم شحنات الأسلحة الصاروخية والنوعية الآتية من إيران إلى سوريا ولبنان برًّا عبر الأراضي العراقية.
 
وأفادت مصادر، بأن إخلاء الحرس الجمهوري مواقعه ضمن مدينة البوكمال لصالح الحرس الثوري الإيراني هو نتيجة تفاهمات وتنسيق مسبق بين ضباط الحرس الجمهوري في محافظة دير الزور، وقيادة الحرس الثوري في المدينة هدفه استمرار تدفّق شحنات الأسلحة الإيرانية الآتية من إيران إلى سوريا عبر العراق، وفق تقرير نشره موقع "عين الفرات" المحلي المعارض.
 
وتنفيذاً لفحوى التنسيق بين الجانبين، شهد مرأب البلدية جنوبي البوكمال تمركز مجموعة من الفصائل الموالية لإيران في أحد المنازل، بعد انسحاب الحرس الجمهوري من الموقع بشكل مفاجئ ولأسباب مجهولة.
 
كما تمركزت مجموعة ثانية من الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في منزل يقع قرب مسجد الفردوس المعروف باسم مسجد الباخرة، في بداية شارع السبعين جنوبي مدينة البوكمال، بعدما أخلاه الحرس الجمهوري.
 
واستقدمت هذه الفصائل نحو 25 عنصراً من الساحل السوري ومحافظتي حمص وحماة من مرتبات الوحدة 313 المرتبطة بـ"حزب الله" اللبناني، وكلّفتهم حراسة وتأمين الموقعين على مدار الساعة، وزودتهم بسيارات رباعية الدفع لتسيير دوريات في المنطقة.
 
أسلحة من العراق
وأصدر "الحاج عسكر" المسؤول عن الحرس الثوري الإيراني في البوكمال، ونائبه "الحاج سجاد"، تعليمات بتحويل المنزل القريب من مرأب البلدية والمنزل الثاني القريب من مسجد الفردوس إلى مستودعين موقتين لتخزين شحنات الأسلحة الآتية من العراق، خصوصاً صواريخ أرض - أرض والطائرات المُسيّرة الانتحارية.
 
ووصلت شاحنات زراعية وسيارات رباعية الدفع تابعة للحرس الثوري الإيراني والفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران إلى الموقعين، آتية من الأراضي العراقية، تحمل صواريخ وذخائر، وقد أفرغت حمولتها في الموقعين وسط حراسة مشدّدة. وحصلت مصادر "عين الفرات" على معلومات تفيد بأن شحنات الأسلحة الأخيرة الآتية من العراق ستُنقل إلى محافظة حمص وريف دمشق "كخطوة أولى قبل نقلها إلى "حزب الله" في الداخل اللبناني".
 
نزوح مدني
ويخشى أهالي المنطقة المحيطة بالموقعين من تحويلها إلى مقرّات عسكرية ومستودعات أسلحة خاصة بالفصائل الموالية لإيران، ما يعني أن تكون المنطقة عرضة لقصف جوي في أي لحظة، ما دفع بعضاً من الأهالي إلى مغادرة منازلهم حرصاً على حياتهم وحياة عائلاتهم.
 
في غضون ذلك، فعّلت الفصائل الموالية لإيران في البوكمال معبر عكاشات غير الشرعي، الرابط بين سوريا والعراق، ونقلت نحو 50 عنصراً من جنسيات عراقية وأفغانية إلى منطقة عكاشات جنوبي البوكمال، وبدأت نقل الأسلحة عبره من العراق. وعيّنت هذه الفصائل القيادي العراقي "أبو علاوي" مسؤولًا عن المعبر.
 
وتسيطر الفصائل الموالية لإيران على أغلبية المعابر التي تصل سوريا بالعراق، وأبرزها معبرا البوكمال والسكك غير الشرعيين، وتنقل عبرهما الأسلحة والعناصر إلى داخل الأراضي السورية.