المصدر: أساس ميديا
الكاتب: إيمان شمص
الجمعة 18 نيسان 2025 08:00:22
درّب “الحزب” مقاتلين من جبهة البوليساريو وحوّل تدمر والقصير وحوش السيّد عليّ إلى قواعد حيويّة للتهريب ولتخزين الأسلحة… بحسب تقرير لصحافيين من “واشنطن بوست” قاموا بجولة على هذه النقاط الحيويّة في المنطقة الشمالية الحدودية بين لبنان وسوريا حيث كانت تنشط” إحدى شبكات التهريب التي استخدمتها إيران خلال سنوات الحرب لدعم حلفائها، والتي تسعى الإدارة السوريّة الجديدة للقضاء عليها تماماً.
حذّر التقرير، الذي كُتب من بلدة حوش السيّد عليّ، والمرفق بصور تدلّ على أنّ قوّات “الحزب” غادروا على عجل هذه المنطقة الحيوية لعمليّات تهريب وتخزين المخدّرات والأسلحة والطائرات المسيّرة، من أنّ إيران تتطلع بعد تآكل نفوذها الإقليمي إلى حلفاء غير حلفائها التقليديين، بما في ذلك الجماعات السنّيّة المتطرّفة، سعياً منها إلى الحفاظ على خطوط إمداداتها وزعزعة استقرار الحكومة السورية الجديدة، برئاسة الرئيس المؤقّت أحمد الشرع. ووفقاً لمسؤولين أمنيّين في أوروبا والمنطقة، هذا واحد من العديد من التحدّيات التي تواجه الشرع في محاولته التعامل مع تدخّل القوى الخارجية المتنافسة وتوحيد سوريا.
اشتباكات على الحدود اللّبنانيّة
اعتبر التقرير أنّ اختلاف الوضع في سوريا بشكل جذري بعد الإطاحة بنظام بشّار الأسد في كانون الأوّل شكّل انتكاسة كبيرة لقوّة إيران الإقليمية، وعزلها إلى حدّ كبير عن “الحزب”. وأصبحت في حالة يرثى لها مراكز التهريب الحدودية من حوش السيّد علي إلى قواعد الميليشيات الشيعية المهجورة في مدينتَي القصير وتدمر التي تشكّل آخر ما بقي من “الجسر البرّي” الذي استخدمته إيران والميليشيات المتحالفة معها لنقل الأسلحة والأموال والمخدّرات والوقود.
يرى التقرير أنّ “الحزب” يسعى يائساً لتجديد مخزوناته من الأسلحة وجلب الأموال للتعويض على مؤيّديه التقليديين في بيروت وجنوب لبنان الذين فقدوا ممتلكاتهم في الصراع. لذا يحاول، بحسب ماهر الزيواني قائد الجيش السوري المشرف على هذا الجزء من الحدود مع لبنان، مع عشائر المنطقة من أجل الاحتفاظ بطرق التهريب و”فتح ثغرات”.
تحوّلت جهود قوّات الزيواني لقطع طرق التهريب في هذه المنطقة إلى اشتباكات دامية، كان أكثرها عنفاً، بحسب سكّان المنطقة، الشهر الماضي عندما واجهت العشائر المحلّية في المنطقة الحدودية قوّات الحكومة السورية.
ما يزيد الوضع تعقيداً، بحسب حايد حايد محلّل الشؤون السورية في تشاتام هاوس، الذي يتتبّع طرق التهريب العابرة للحدود، أنّ “هناك تعاوناً قويّاً جدّاً بين العشائر و”الحزب” يجعل من الصعب جدّاً رسم خطّ واضح بينهما”.
حتّى بعد الاتّفاق على وقف إطلاق النار، لا يزال دويّ الرصاص يتردّد في حوش السيّد عليّ، وهذا ما جعل الزيواني يردّ على سؤال فريق “واشنطن بوست” عن مدى ثقته بالجيش اللبناني لتأمين الحدود بالقول، وهو يراقب الجنود اللبنانيين عن بُعد: “ولا حتّى واحد في المئة”.
مخزون ضخم من أسلحة “الحزب”
بحسب التقرير، اكتشفت قوات الحكومة السورية خلال عمليّاتها في القرى الحدودية 15 مصنعاً لتصنيع مخدّر الكبتاغون، استفاد من مبيعاته كلّ من نظام الأسد و”الحزب”، وقدّر مسؤولو الأمن المحليون قيمة التجارة بها بعشرات الملايين من الدولارات. وفي مدينة القصير، تحوّلت المنطقة الصناعية بأكملها إلى موقع ضخم لتخزين الأسلحة يغطّي مساحة تقارب 50 ملعباً لكرة القدم وأدّت الغارات الجوّية الإسرائيلية إلى تحطيم نوافذه. قال سامر أبو قاسم، رئيس الأمن العامّ في القصير، مشيراً إلى صناديق خشبية كبيرة وبقايا ذخائر متناثرة فيها: “إنّها بقايا صواريخ إيرانية… فقد كانت هذه منشأة مركزية لهم. وكانت كلّ المتاجر في المنطقة مستودعات أسلحة”.
في مبنى قريب، كان سابقاً مدرسة، استُخدم قاعدة تدريب لـ”الحزب”، تناثرت في الفناء كرات الطلاء الناتجة عن التدريبات. ورُميت طائرات بدون طيّار في درج فوق صناديق الذخائر. ووجدت على الأرض مرميّة على عجل كتيّبات تدريب لـ”الحزب” عن كيفية إعداد المقاتلين لخطط المعارك.
وفقاً لمحلّل الشؤون السورية في تشاتام هاوس، “لا تزال عناصر من شبكة إيران في سوريا نشطة، وخاصة تلك المرتبطة بـ”الحزب”، ولقد اعترضت الحكومة السورية الجديدة أكثر من اثنتي عشرة شحنة متّجهة إلى لبنان. وقد أسفرت إحدى الغارات عن العثور على صناديق طائرات بدون طيار مخبّأة في شاحنة محمّلة بأعلاف الحيوانات”. وأكّد هاوس أنّ “هناك مخزوناً ضخماً من الأسلحة في سوريا يحاول “الحزب” نقله خارجها”.
من جهته، رجّح فيليب سميث، الخبير في شؤون الميليشيات الشيعية، أنّ “بعض الشبكات العابرة للحدود لا تزال تعمل. ففي سوريا شبه الفوضوية، لن يكون من الصعب عليهم التواصل والعبور في وقت تسعى فيه الحكومة إلى ترسيخ وجودها وتواجه العديد من القضايا الداخلية”. وأضاف: “لقد اندمجوا مجدّداً في محيطهم. وسيكون العمل مع المزيد من الشبكات الإجرامية على الأرجح الطريقة الفعليّة التي يمارسون بها أعمالهم”.
دور إيران
بالإضافة إلى أنشطة التهريب، اتّهم مسؤولون سوريون إيران أيضاً بالسعي إلى زعزعة استقرار الحكومة الجديدة، بما في ذلك من خلال المساعدة في تأجيج العنف الأخير على طول الساحل، عندما تحوّلت الهجمات المنسّقة التي شنّها موالون للأسد على قوات الأمن السورية إلى عنف طائفي. غير أنّ مسؤولَين أمنيَّين أوروبيين صرّحا لفريق “واشنطن بوست” بأنّه لا يوجد دليل على دور إيراني مباشر في الهجمات المنسّقة ضدّ القوّات السورية. وقالا إنّ إيران تحاول بدلاً من ذلك إثارة الاضطرابات من خلال تعبئة المتطرّفين السنّة، بمن فيهم المسلّحون التابعون لتنظيم الدولة الإسلامية، ضدّ الحكومة السورية الجديدة. وقال أحد المسؤولين: “نرى تورّطاً إيرانياً هناك”.
بحسب التقرير عزّزت إيران عبر سنوات الحرب السورية مجموعة واسعة من الجماعات التابعة لها لتحقيق مصالحها، فقامت بتدريب مقاتلين من جبهة البوليساريو، المتمركزة في الجزائر، وهي جماعة مسلّحة تقاتل من أجل استقلال الصحراء الغربية عن المغرب، وتحتجز قوات الأمن السورية الجديدة المئات منهم، وفقاً لمسؤول إقليمي ومسؤول أوروبي ثالث.
في تدمر، ساعد سقوط نظام الأسد في الكشف عن حجم الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا. فقد أوى أحد الفنادق فيها مئات المقاتلين من لواء الفاطميين، وهي ميليشيا من الشيعة الأفغان نُشرت لتعزيز المصالح الإيرانية في سوريا. وقال جنود في تدمر إنّ “المدينة أصبحت في الأساس مجمّعاً عسكرياً ضخماً. واليوم، انتهت قوات الأمن من تطهير المدينة وما حولها من الفخاخ المتفجّرة والألغام، لكنّ سيطرتها عليها تبدو ضعيفة، بل ومعدومة بحسب متطوّع في المجلس المدني المحلّي”.