المصدر: اللواء
الكاتب: صلاح سلام
الخميس 4 أيلول 2025 07:39:12
تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء الجمعة، حيث سيعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل خطة تنفيذ قرار حصرية السلاح، وسط أجواء مشحونة بالتوتر والقلق وشتّى الإحتمالات السلبية، على خلفية الموقف الذي يتخذه حزب االله في رفضه كل مساعي التقارب والتفاهم مع الدولة، وإصراره على تراجع الحكومة عن قرار حصرية السلاح.
المفارقة أن حزب االله، بدلاً من قراءة التحولات الدولية والإقليمية بعقل بارد، اختار التصعيد والتهديد بالشارع، معلناً عملياً رفضه لسلطة الدولة، ومتحدياً اللبنانيين قبل أي طرف آخر. ما يطرحه الحزب ليس اعتراضاً سياسياً قابلاً للنقاش، بل إنكار لجوهر الدولة، وإصرار على إبقاء لبنان ورقة بيد المحور الإيراني، ولو كان الثمن إستمرار الإنهيارات المتلاحقة.
اللافت أن الرئيسين نواف سلام وجوزاف عون يحاولان، بالتفاهم مع نبيه بري، تدوير الزوايا ومنع الانفجار. لكن الحزب يصرّ على التعطيل، متجاهلاً أن استمرار ازدواجية السلاح يعني عزل لبنان دولياً، وحرمانه من المساعدات، وإغلاق أبواب الإعمار أمامه. فالمعادلة التي يضعها المجتمع الدولي لم تعد تحتمل الغموض: لا إعادة إعمار ولا دعم مالي من دون وجود دولة واحدة، وجيش واحد، وسلاح واحد.
إن حزب االله بموقفه الرافض، لا يدافع عن لبنان في الواقع، بل يضعه على خط الانتحار. سلاحه الذي كان يرفع تحت شعار المقاومة بات عبئاً على الداخل، ومصدراً دائماً للانقسام. وكل تهديد بالشارع هو إعلان حرب على اللبنانيين، ومحاولة لإرهاب الدولة ومؤسساتها الشرعية.
لقد حان الوقت ليُحسم هذا الصراع: إما دولة واحدة وجيش واحد، أو فوضى دويلات وميليشيات. وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، لأن التراجع اليوم يعني دفن ما تبقَّى من هيبة الدولة. أما الجيش، فهو أمام استحقاق تاريخي: أن يترجم إرادة اللبنانيين جميعاً باستعادة القرار الوطني الحر.
لقد تعب اللبنانيون من المساكنة القسرية مع إزدواجية السلاح، ومن دفع الأثمان الباهظة. واليوم يقفون خلف دولتهم، متمسكين بفرصة أخيرة لإنقاذ وطنهم ويتطلعون إلى أن تترجم الحكومة قرارها بجرأة، وأن يتحمل الجيش مسؤولياته التاريخية. فالمعادلة لم تعد تحتمل أنصاف الحلول: إما دولة حقيقية قادرة على حماية أبنائها وإعادة بناء مؤسساتها، وإما فوضى سلاح ودويلات متناثرة.
المرحلة دقيقة وحساسة، لكن الحسم لم يعد ترفاً، بل ضرورة وجودية. وعلى حزب االله أن يختار بين أن يكون شريكاً في مشروع الدولة أو خصماً لها.