المصدر: الجريدة
الكاتب: منير الربيع
الاثنين 25 تشرين الأول 2021 00:50:14
لم تجد الحكومة اللبنانية حتى الآن طريقها للانعقاد مجدداً، ولا تزال الخلافات على مجمل الملفات تتحكم بالوقائع واليوميات، مما يؤدي إلى زيادة منسوب التعقيد السياسي والمالي والاقتصادي، وربما الأمني.
أصبحت كل الملفات العالقة في سلّة واحدة تحتاج إلى تفاهم، بينما بعض المؤشرات تفيد بأن الاستعصاء لم يعد قابلاً للحلّ وفق الأسلوب السابق، أي بتسوية سياسية داخلية على قاعدة «لا خاسر ولا رابح».
الصورة اللبنانية تتجه إلى المزيد من السوداوية، في ظل الوقائع الإقليمية التي تنحو نحو التصعيد، وهو ما يهدد بالمزيد من مشهديات الفوضى السياسية والقضائية والأمنية والاجتماعية.
ومن أبرز المؤشرات على احتمال دخول لبنان مدار الفوضى المواقف الدولية، التي تركز على ضرورة تأمين المساعدات الإنسانية، في إشارة إلى طول أمد الأزمة، وهذا لا ينفصل عن الواقع الإقليمي والدولي، في ظل مواقف أميركية واضحة تجاه «حزب الله»، وخصوصاً القانون الذي أقرته لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ويحمّل الحزب مسؤولية تدهور الوضع.
هي محاولة من الكونغرس للإشارة إلى دور الحزب الداخلي لا الخارجي، فسابقاً تم تصنيف الحزب منظمة إجرامية عابرة للحدود، أما هذا القانون فهو يأتي لأسباب ليست مترتبة عن أنشطة الحزب في الخارج، وقد يشكل هذا القانون رأس جسر لمسار تراكمي، وإن لم يكن له أثر فعلي سريع، أو تأثير مباشر أو ملزم لإدارة الرئيس جو بايدن.
يتوازى، ذلك مع خطة أميركية للمساعدات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ما يوحي أن الأزمة باقية.
ويأتي كذلك وسط اهتمام أميركي بارز في ملف ترسيم الحدود، بعد زيارة كبير مستشاري ملف الطاقة العالمي لدى الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يسعى للوصول إلى حلّ سريع.
ومن الواضح أن المسعى الأميركي هدفه تجنيب لبنان أي تصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، في ظل إشارات إسرائيلية متصاعدة حول قلقها الكبير من إيران.
وتهدف الدبلوماسية المكوكية، التي يعمل وفقها هوكشتاين، للعودة إلى إحياء المفاوضات والوصول إلى حلّ، وهنا لابد من التوقف عند تصريحات الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله الأخيرة التي قال فيها إنه يقف خلف الدولة بهذا الملف، وهذا يعني إشارة إيجابية ضمنية في حال كان مسار المفاوضات الأميركية - الإيرانية إيجابياً.
ويمكن القول إن الحضور الأميركي في المشهد اللبناني يتقدم أكثر فأكثر، وسط غياب فرنسي أو تراجع نسبي لدور باريس، خصوصاً وسط العراقيل التي تعيشها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي ولدت بضغوط فرنسية.
وكان من الجلي سريعاً أن كل شعارات وعناوين المبادرة الفرنسية سقطت بعيد تشكيل الحكومة، فالمبادرة تنص على إجراء تحقيق شفاف وجدي في تفجير مرفأ بيروت، وإيجاد الحلول السريعة لملف الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة، بالإضافة إلى وضع الخطة الاقتصادية اللازمة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، علماً أن هذه البنود كلها قد سقطت، فالتحقيق بتفجير المرفأ فجّر الحكومة، والهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء لم تشكل، في حين تخضع التشكيلات القضائية لحسابات السياسة والتحاصص، والخلاف قائم على آلية التفاوض مع صندوق النقد الدولي.