المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 7 كانون الاول 2020 14:59:40
مجدّدا، يعد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون العدة ليفي بوعده للشعب اللبناني، حيث أنه يتحضر للعودة إلى بيروت المنكوبة ولبنان الراقص على حبال المجهول السياسي للمرة الثالثة في غضون أربعة شهور. على أن هذه النقطة لا تختصر وحدها الرسائل التي لا ينفك المجتمع الدولي يوجهها إلى الطبقة السياسية، من حيث الاسراع في تأليف حكومة اختصاصيين تنجز الاصلاحات الاقتصادية الموعودة وتضع البلاد على سكة الحل. على أن الأهم أن العهد وحلفاءه لا يقرأون في الضغط الدولي إلا... الرسائل ذات الطابع الايجابي مركزين على أن الدول الكبرى باتت على اقتناع بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بات الشخص الوحيد الذي يمكن التعامل معه في لبنان، بوصفه الممثل الشرعي للسلطة في البلاد.
وفي هذا الاطار، يلفت مراقبون عبر "المركزية" إلى السياق السياسي الخطير الذي سيحط فيه الرئيس ماكرون مرة جديدة في لبنان. فالرجل يريد ايصال رسالة واضحة إلى شركائه الأوروبيين والدوليين لجهة أن لباريس كلمة مسموعة في ما يخص الأزمة اللبنانية، وهو هدف قد يكون ماكرون حققه. بدليل الاجتماع المنتظر بعد ساعات لوزراء الخارجية الأوروبيين لدراسة أفكار ومقترحات ألمانية تتكامل مع توجهات المبادرة الفرنسية.
وتشير الأوساط إلى أن زيارة ماكرون تأتي أيضا في وقت يكثف المجتمع الدولي، على لسان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، الانتقادات اللاذعة للطبقة الحاكمة في لبنان، على وقع الغموض الذي يلف تحقيقات جريمة 4 آب، وتطيير العقد الموقع مع شركة ألفاريز ومارسال في ما يخص التدقيق الجنائي، إلى التباطؤ غير المبرر في تأليف الحكومة الجديدة.
كلها عوامل تضع العهد والتيار الوطني الحر في دائرة الترقب والتساؤلات على اعتبار أنه الرافعة الأولى للحكم، مع العلم أن رئيس الجمهورية بدا كمن يتلقف بيديه كرة النار الدولية والمحلية، من خلال التلويح بتوسيع مفهوم تصريف الأعمال، وفي ذلك قنص سياسي في اتجاه الرئيس المكلف سعد الحريري، وإشارة ايجابية إلى المجتمع الدولي الغارق في مستنقع الأزمة اللبنانية.
وعلى هذه الاشارة الايجابية بالتحديد تبني أوساط مقربة من العهد لقراءة الأحداث الدولية الأخيرة المرتبطة بلبنان. ففي وقت حض المشاركون في مؤتمر باريس لدعم الشعب اللبناني (دون سواه) على تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، تشير الأوساط المقربة من العهد عبر "المركزية" إلى أن الخارج قد يكون حسم أمره لجهة التعامل مع الرئيس عون وحده، بعدما خذله الآخرون. ولا يخفى أن في ذلك اتهاما مبطنا للرئيس الحريري، على اعتبار أنه لم يحسن الاستفادة من زخم المبادرة الفرنسية وإصرار ماكرون على تنفيذها، ليتمسك بشروطه من حيث تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، خلافا لإرادة حزب الله وحركة أمل اللذين نالا تنازلا سريعا من الحريري في ما يخص وزارة المال.
أما على الصعيد الاصلاحي، فتعتبر المصادر أن الرئيس عون والتيار الوطني الحر من القلائل الذين أقرنوا القول بالفعل في محاربة الفساد والمفسدين، حيث أن التيار تحرك قضائيا في ملف الفيول المغشوش، وكان المبادر الوحيد إلى ذلك، على رغم بعض المحسوبيات التي أشعلت فتائل خلافات سياسية كبيرة.
لكن هذا كله في مكان وما جرى بعد مغادرة الشركة الدولية ميدان التدقيق الجنائي في مكان. ذلك أن رئيس الجمهورية، بحسب الأوساط نفسها، تجرأ حيث تخاذل كثيرون واستخدم صلاحياته الدستورية لحشر المجلس النيابي في زاوية الرفض غير المبرر لإنطلاق التدقيق، فكانت الرسالة الرئاسية الرد الأبلغ على ما يسميه العونيون نوعا من تهرب المجلس من إقرار قانون رفع السرية المصرفية لفتح الباب أمام تدقيق جنائي خال من العوائق، وهو ما خلص إليه "القرار- التوصية" غير الملزم قانونا الذي خرج به المجلس، مع العلم أن وزير المال غازي وزني المحسوب على بري، بادر إلى إرسال كتاب إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإطلاق عملية التدقيق، وهو ما أكد سلامة التزامه به.
وإنطلاقا من كل ما تقدم، تشير الأوساط المقربة من الحكم إلى أن عون كشف بذلك معرقلي المسار الاصلاحي الحقيقيين، بما من شأنه أن يصوب البوصلة الدولية في مقاربة ملف لبنان.
غير أن هذا لا ينفي أن المعارضين لا يرون الأمور من الزاوية نفسها، معتبرين أن عهد الرئيس عون فشل في فرض اجراءات كثيرة في المرحلة السابقة، وتلك الراهنة وحاول رمي كرة فشل السلطة التنفيذية على مجلس النواب، فيما بقيت ملفات كبرى في المجهول، على رغم استحداث وزارة خاصة لمكافحة الفساد، لم تحرك ساكنا ولم تترك أي أثر يذكر.