المصدر: إندبندنت عربية
الثلاثاء 5 آب 2025 12:34:00
لا مبالغة بالقول إن جلسة الحكومة في لبنان، التي ستعقد اليوم عند الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي في قصر بعبدا، تحظى باهتمام عربي ودولي ناهيك عن متابعة كل اللبنانيين لها. وتكمن الأهمية الكبرى لهذه الجلسة أنها الأولى التي ستبحث في حصرية السلاح بيد الدولة، وسط حضور مرتقب لعدد من وزراء "الثنائي الشيعي"، أي "حزب الله" وحركة "أمل".
صحيح أن لا صورة واضحة ومكتملة عما ستحمله هذه الجلسة برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وعما سيصوت عليه الوزراء بالتحديد، لكن المؤكد أن سيناريوهات عدة مطروحة على الطاولة، منها البحث في ضرورة حصرية السلاح بيد الدولة وحدها من دون الدخول في أي جدول زمني محدد وهو ما لن يقبل به أفرقاء لبنانيون وكذلك واشنطن، أما الخيار الثاني فهو بحث حصرية السلاح مع وضع مهل زمنية يحدد على إثرها تسليم السلاح خلال الأشهر المقبلة وقبل نهاية العام الحالي وهو ما يرفضه الحزب تماماً، أما الخيار الثالث فهو تفجر الخلاف داخل الحكومة مع طرح مسألة السلاح ما قد يؤدي إلى خروج وزراء الثنائي من الجلسة.
مصادر حكومية تكشف لـ "اندبندنت عربية" عن توجه لدى الوزراء الشيعة الذين سيحضرون الجلسة بطلب تأجيل البت بهذا الموضوع حتى جلسة الخميس الحكومية، أي خلال يومين، حتى يحضر وزير المال ياسين جابر ووزير العمل محمد حيدر، حتى يكتمل حضور الوزراء الشيعة، فيما يصر الحزب على عدم وضع جدول زمني. أما في المقابل وبحسب الكواليس فإن وزراء حزب "القوات" و"الكتائب" فسيصرون على وضع جدول زمني وآلية تنفيذ وتحديد الجهة التي ستنفذ وكيف ستنفذ حصرية السلاح، ولن يقبلوا بأقل من ذلك. أما مسألة تأجيل البت بهذا الطرح حتى جلسة الخميس فسيكون بيد الرئيسين عون وسلام.
في الأثناء، يعيش الداخل اللبناني أجواء من القلق خلال الساعات الماضية، تحسباً لأي تطورات أمنية، فيما انتشرت دعوات غير رسمية لتحركات شعبية متضامنة مع "حزب الله" رفضاً لتسليم السلاح، وقد انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تحركات بالدراجات النارية مساء أمس الإثنين في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقد قرأ البعض بهذه التحركات على أنها رسالة "تهديد ووعيد" وتحذير بتفجر الوضع الأمني داخلياً إذا ما تم الضغط أكثر على "حزب الله" لتسليم سلاحه.
وكان الحزب أكد على لسان أمينه العام نعيم قاسم قبل أيام قليلة رفضه تسليم السلاح، والذي قال إنه لن يتخلى أو يناقش مسألة تسليم السلاح إلى الدولة قبل انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني وتحديد النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها.
وفي المواقف الأخيرة نشر النائب مارك ضو تغريدة على منصة "إكس" فيها "صار حزب الله خائفاً من جلسة حكومية تنهي خروجه عن الشرعية. آن أوان عودة الجميع إلى سلطة الشرعية". في المقابل اشترط النائب ضمن كتلة "حزب الله" علي فياض إعطاء الأولوية لـ "ثلاثية" انسحاب إسرائيل وإطلاق الأسرى ووقف الأعمال العدائية قبل أي بحث آخر، وتحديداً قبل البحث بتسليم السلاح.
تأتي هذه التطورات الداخلية فيما يضغط الخارج وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية لحل مسألة السلاح خارج الدولة، وكان موقف الموفد الأميركي توم براك واضحاً في هذا السياق وهو الذي أكد على ضرورة تسليم كل السلاح غير الشرعي وعدم ربط هذه الخطوة بأية خطوات إسرائيلية. فيما تؤكد مصادر دبلوماسية أن لا زيارة رابعة في الأفق للموفد الأميركي إلى بيروت، في إشارة إلى انتقال واشنطن بالتعامل مع بيروت من منطلق الحزم والحسم وعدم إعطاء المزيد من الفرص.
وفي السياق، من المنتظر أن يتسلم السفير الأميركي الجديد، ميشال عيسى، مهامه في بيروت خلال أسابيع قليلة، وهو ما أشار إليه متابعون على أنه بداية فصل جديد من الضغوط الأميركية.
بدورها تكشف أوساط إعلامية أن الاتصالات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة "حزب الله" كانت قائمة في الساعات الماضية ولا تزال في محاولة للوصول إلى جواب لبناني عام مع الرئيس جوزاف عون، يكون محل قبول عند أكثر الجهات الممثلة في الحكومة، لكن جهات أخرى تؤكد أنها لن تقبل ببيان عام يشبه البيان الوزاري أو خطاب القسم من دون أية خطوات عملية، بل ستطالب علانية بوضع برنامج زمني لسحب سلاح الحزب وتسليمه للجيش، بخاصة أن "الوضع الداخلي لم يعد يسمح بالمراوحة، والتلاعب بعامل الوقت لم يعد يجدي أمام واشنطن أولاً والمجتمع الدولي"، كما صرحوا سابقاً.
وكان لافتاً في الأيام الماضية، الحملة التي شنتها مؤسسات إعلامية وإعلاميون تابعون لـ "حزب الله" ضد رئيس الجمهورية جوزاف عون، ومن ضمنها قناة "المنار"، الناطقة باسم "حزب الله"، والتي قالت إن الرئيس خضع للضغوط، واتهمته بالتراجع عن الموقف اللبناني الرسمي الموحد الذي أبلغه بنفسه للموفد الأميركي.