المصدر: النهار
الكاتب: عباس صباغ
الأربعاء 14 أيار 2025 07:29:38
من المفترض أن تنجز الحكومة اليوم التعيينات في مجلس الإنماء والإعمار، ولكن ماذا عنها في المراكز الأخرى؟ وهل من تأخير؟ وماذا يقول نائب رئيس الحكومة طارق متري لـ"النهار" في هذا المجال؟
منذ تعيين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد في منتصف آذار/مارس الفائت بالتصويت، لم يصر إلى إنجاز تعيينات في المراكز الإدارية الشاغرة بفئاتها المختلفة.
ليس خافياً أن التعيينات عادة ما تخضع لشد حبال بين المرجعيات السياسية وغير السياسية، وجرت العادة في لبنان منذ التسعينيات أن تسمي تلك المرجعيات مرشحيها لتولي الوظائف العامة، ولا سيما في الفئة الأولى على قاعدة المناصفة وفق ما نصت عليه المادة 95 من الدستور، والتي جاءت موقتا إلى حين إلغاء الطائفية السياسية، وفيها: "على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية (...) وفي المرحلة الانتقالية تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة، وتلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة، وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها، وما يعادل الفئة الأولى فيها، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة".
تلك المادة لا تزال معلقة التنفيذ لجهة إلغاء الطائفية السياسية، على الرغم من كل المحاولات لترجمتها عمليا، وبات تعيين الموظفين خاضعاً لإرادة المرجعيات السياسية على قاعدة تسمية المرشحين لتلك الوظائف، في انتظار إلغاء الطائفية السياسية.
لكن الأمور تبدلت مع حكومة الرئيس نواف سلام من خلال الإعلان عن آلية التعيينات التي تبدأ بتقديم الترشيحات، ومن ثم تدرسها لجنة قبل رفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار بالتعيينات.
في هذا السياق، يؤكد متري لـ"النهار" أن الحكومة "تحترم قواعد الإنصاف وتقييم الجدارة، مما يأخذ وقتا (لا سيما في إجراء المقابلات). وتلتزم تطبيق المادة 95 من الدستور التي تقول بالمناصفة وعدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة". ويوضح أن ذلك "لا يعني بالضرورة أن المداورة الطائفية تطال حكما كل المناصب. ففي حالة بعض المناصب ستتغير هوية صاحبها الطائفية، وفي بعضها الآخر تبقى على حالها".
أما عن التأخير في إنجاز التعيينات، فيلفت إلى أن "الترشيحات كثيرة واللجنة تعمل على درسها"، ويعطي مثالاً الترشيحات لمجلس الإنمار والإعمار، مؤكداً أن "640 شخصا تقدموا بترشيحاتهم لرئاسة مجلس الإنماء والإعمار وعضويته، وبت التعيينات ممكن الأربعاء إذا أنجزت اللجنة المختصة كل المقابلات".
تعاني الإدارة شغورا واسعا في المناصب من الفئات الأولى والثانية والثالثة. وبحسب إحصاء لـ"الدولية للمعلومات" فإن عدد المراكز الشاغرة في الفئة الأولى كان 47 قبل تعيين قادة الأجهزة الأمنية بمن فيهم قائد الجيش، وكذلك تعيين حاكم لمصرف لبنان. أما الشغور في الفئتين الثانية والثالثة فيصل إلى 270 مركزاً في أكثر من إدارة.
وتلك التعيينات يُفترض أن تنجزها الحكومة في أسرع وقت لانتظام عمل المؤسسات.
وقد تعهد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في خطاب القسم بالمداورة في تعيينات الفئة الأولى وإتمام التعيينات القضائية والديبلوماسية. لكن التشكيلات الديبلوماسية لا تزال عالقة، وإن كان الحديث عنها يتقدم على سائر التعيينات في موازاة إنجاز التعيينات القضائية.
لم يلزم وزير الخارجية يوسف رجي نفسه أي مهلة، ولم يرفع بعد التشكيلات إلى مجلس الوزراء بسبب استمرار عدم إنجاز كل النقاط التي لا يزال بعضها عالقاً، وخصوصاً أن تلك التشكيلات جرت للمرة الأخيرة عام 2017، وهناك الكثير من المراكز الشاغرة في أكثر من عاصمة غربية وعربية.
لكن الأمر لا يخلو من مراعاة المحاصصة والتوزيع الطائفي على الرغم من تأكيد مبدأ الكفاية والجدارة. والأمر عينه ينسحب على التعيينات القضائية التي لم تنجز بعد.