الحكومة قريبة والأحزاب منزعجة بتفاوت النسب

رغم كل المناخات التشاؤمية التي ترافق عملية تأليف الحكومة من المتوقع أن يفرج عن توليفتها هذا الأسبوع. ويظهر أنّ الكتل الحزبية غير راضية على مسار ولادتها والوزارات التي سينالها كلّ فريق.

يحاول الرئيس المكلف نواف سلام طبع حكومته ببصمته قدر الإمكان، الأمر الذي لا يبدو أنّ عمليته هذه ستكون محلّ ارتياح عند أكثر الأطراف وليس عند "الثنائي" وحده.  واذا سلم الرجل بحقيبة المال للنائب السابق ياسين جابر وارضاء الرئيس نبيه بري فإنه و"حزب الله" سيسميان اربعة وزراء على ان يكون الشيعي الخامس من "صناعة" الرئيس جوزف عون بالتنسيق مع سلام، شرط ألّا يكون محل اعتراض عند بري ولا يستفز الثنائي الذي يحق له ان يضع فيتو في وجه هذا المخرج. ولن يكون هذا "الوزير الذهبيّ" محل شك في إقدامه مع الوزراء من ابناء طائفته على الاستقالة ولا مشاركته في لعبة "الثلث المعطل" وعدم تكرار تجربة "الوزير الملك".

ويوافق الثنائي على التخلي عن الوزير الخامس لأنّ عون يتجه الى تسمية وزير من الطوائف الـ 6 الكبرى ويكون صاحب الحصة الأسد في التشكيلة الحكومية إذا تثبت هذا الأمر. ويبرّر الثنائي تراجعه هنا ولو حجز لجابر حقيبة المال أنّ ما تم تطبيقه حياله يسري على الآخرين. ويجري المعنيون "تشريح" اسمي الوزيرين اللذين سيمثلان "حزب الله" في حقيبتي الصحة والعمل على ان يكون لبري وزارتي المال والبيئة (تمارا الزين). ويختار عون الشيعي في الصناعة.

ويبقى ان ما يحصل مع الشيعة ليس محل قبول عند الكتل المسيحية وأخذت "القوات اللبنانية" تنتقد مقاربة سلام في التشكيلة الحكومية وهي تعتبر أنّ حزبها لا يتمّ التعاطي معه كما يجب من خلال تمثيله أكبر كتلة مسيحية. ويستفيد سلام هنا من أنّ الجميع يريدون خوض الانتخابات تحت عباءة السلطة لا المعارضة. ويسير المناخ نفسه على السنّة وتكفيه انتقادات نواب الشمال وصولاً الى انزعاج الحزب التقدمي ولو بدرجة أقل اذا لم يكن صاحب الكلمة النهائية في الوزير الدرزي الثاني. ويأتي مصدر التململ عند النواب السنة عندما يرد سلام عليهم بالقول: "السنة عندي" حيث لا تعرف أيّ كتلة من هذا المكوّن اسم ممثل لها في الحكومة. ولا يبدو ان كتلة حزبية ستخرج من مولد الحكومة راضية مئة في المئة.

ويجري التعويل هنا على تدخل المبعوث السعودي يزيد بن فرحان في زيارته المقررة الى بيروت في تذليل بعض التعقيدات التي تعترض سلام. وسيحضر أيضاً رئيس مجلس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن أل ثاني. وسيعمل بن فرحان على تدوير زوايا التأليف والمساهمة في دعم مهمة سلام وتخفيف الشروط عليه من السنة والمسيحيين بعد أن حدّدت الحقائب الشيعية والدرزية. وتريد المملكة أن تكون لها كلمتها في إنضاج عملية التأليف لجملة من الأسباب على غرار مواكبتها إتمام انتخابات الرئاسة الأولى. وإذا كان سلام سيتوجّه الى تشكيلة أمر واقع لا ترضي بعض الأفرقاء فيجب أن تنال قبول عون مع استبعاد بري توجه الرئيس المكلف إلى هذا النوع من الخيارات.

ويبقى تشكيل الحكومة محل متابعة عند أكثر من عاصمة عربية وغربية وصولاً الى تل أبيب. وفي الدلالة على معاينة الأخيرة لمسار تشكيل الحكومة وترحيبها بتخبّط الكتل وتنازعها والتضييق على "حزب الله" تلقّى قطب لبناني اتصالاً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي تربطه صداقة بسلام حيث حذّر الأوّل من مسألة أنّ بنيامين نتنياهو لن يوفّر جهداً من التضييق على الرئيس المكلّف الذي كان على رأس المحكمة الجنائية الدولية التي أقلقت تل أبيب وأزعجتها أمام المجتمع الدوليّ. ووصل الأمر بغوتيريس إلى القول إنّ نتنياهو سيكون مرتاحاً في حال تعرّض سلام للفشل أو تعرّضه لمشكلات في الحكومة التي قد يذهب بها الى البرلمان ولا تحصل على الثقة وتبقى منقوصة اذا كانت تعمل في اطار تصريف الاعمال الى حين موعد الانتخابات النيابية المقبلة.