الحلبي يضع ماء بغربال الأساتذة: وعد بـ125 دولاراً "وهمياً"

تبقى من العام الدراسي نحو أربعين يوماً فعلياً، قد يستفيد منها طلاب المدارس الرسمية قبل الانتقال إلى الامتحانات الرسمية. لكنها قد تتعرض للمزيد من التناقص في حال لم يعد أساتذة التعليم الرسمي إلى مدارسهم مطلع الأسبوع المقبل، كما يأمل وزير التربية.

في حال قبل الأساتذة بالشروط الجديدة التي عرضها وزير التربية عباس الحلبي يوم أمس على روابط المعلمين، سيتعلم الطلاب هذا العام بما مجموعه ستين يوماً من العام الدراسي، أي بتراجع كبير حتى عن العام الماضي، عندما تعلم الطلاب في المدارس الرسمية نحو ثمانين يوماً من أصل نحو 125 يوماً، عقب تخفيض الدوام لأربعة أيام في الأسبوع. وعوضاً عن إيجاد تمويل لتحسين رواتب الأساتذة للأشهر المتبقية وإنقاذ العام الدراسي، تواصل وزارة التربية سياسة النعامة، وتجري حساباتها الدفترية وغير الواقعية، في محاولة لتسجيل انتصارات وهمية، كما تؤكد مصادر مطلعة لـ"المدن".

حلول  تنفيسية

في التفاصيل تشير مصادر "المدن" إلى وزير التربية تعهد بدفع 300 دولار عن الأشهر الثلاثة المنصرمة لكل أستاذ، فيما تعهد أيضاً بدفع 125 دولاراً عن الأشهر الأربعة المقبلة. وكذلك سيتلقى الأساتذة خمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضور فعلي.

وتضيف المصادر أن هذا الحل أتى رغم عدم وجود تمويل لتغطية الـ125 دولاراً بالشهر لجميع الأساتذة. لذا، جرى ربط دفعها كاملة بالدوام الكامل، وتتناقص وفق القاعدة الثلاثية: يخفض المبلغ كلما انخفض عدد أيام الحضور.

ووفق المصادر، لا يوجد أكثر من خمسين دولاراً لكل أستاذ، من الوفر المالي من مشاريع الوزارة، سبق وأعلن عنها وزير التربية ضمن باقة الدولارات الخمسة اليومية. لكن بعد إقرار جلسة مجلس الوزراء 1050 مليار ليرة لوزارة التربية، سيصار إلى تسييلها إلى الدولار، لتغطية بدل الإنتاجية. وهذا يؤدي إلى منح كل أستاذ نحو مئة دولار بالشهر.

أما رفع مبلغ بدل الإنتاجية من مئة دولار إلى 125 دولاراً، كما تعهد الوزير للروابط يوم أمس، فهي مجرد عملية حسابية لن يستفيد منها الأساتذة، بل تقتصر على المدراء والنظّار، الذين لديهم دوام كامل. أما غالبية الأساتذة فدوامهم محصور بثلاثة أيام أسبوعياً. وتعويل الوزير الحلبي لدفع هذا المبلغ يقوم على حسابات دفترية. إذ سيصار إلى حسم دولارات من الأساتذة المتغيبين (التوقعات بأن يكون الغياب كبيراً) ومنحها للأساتذة الذي سيواظبون على المداومة. فجل ما في الأمر أن الحل الذي عرضه الوزير على روابط المعلمين هو نفسي وتنفيسي. فقد وُعد الأساتذة بمئة دولار وأجروا حساباتهم على هذا الأساس، وها هو الوزير يعود ويرفع المبلغ إلى 125 دولاراً، ظنّاً أنهم سيوافقون على هذا الحل بسرعة، حتى لو أنهم لن يحصلوا عليه. وهذا قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى التربوية، وفق ما تؤكد المصادر، مشيرة إلى أن هذا الخيار هو الوحيد المتاح أمام وزارة التربية لمحاولة إقناع الأساتذة بالعودة إلى التعليم.

الدوران بالحلقة المفرغة

المكسب الوحيد الذي قد يتحقق للأساتذة، في حال وافق رئيس الحكومة، هو بدل النقل. فمن المفترض أن يتلقى الأساتذة خمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضور. لكن هذا الأمر مرتبط باللقاء الوزاري الذي سيعقد يوم غد الخميس في السرايا الحكومي. وثمة تعهد بأن يقر رئيس الحكومة هذا الأمر لكل القطاع العام وعدم حصره بالأساتذة، كي لا تقوم قائمة موظفي القطاع العام عليه. لكن تلقي أساتذة التعليم الرسمي ثلاثة رواتب وبدل إنتاجية بالدولار وبدل نقل ليترات بنزين ستؤدي إلى إشكالية في القطاع الخاص. فنقابة المعلمين في القطاع الخاص تطالب بوحدة التشريع لأن أساتذتها لم يتلقوا الرواتب الثلاثة أسوة بالقطاع الرسمي، وما حصلوا عليه من جلسة مجلس الوزراء "التربوية" رفع بدل النقل إلى مئتي ألف ليرة. لكن في ظل تصاعد سعر صرف الدولار وسعر المحروقات، وتلقي أساتذة التعليم الرسمي ليترات بنزين، ستقوم قائمة أساتذة التعليم الخاص.

حال المراوحة والدوران في الحلقة المفرغة ستتواصل في ظل توقع رفض الأساتذة ما عرض عليهم، كما بدا على وسائل التواصل الاجتماعي. فبعد لقاء روابط المعلمين مع وزير التربية يوم أمس يفترض أن تبدأ عملية استفتاء رأي الأساتذة حول الشروط الجديدة للعودة إلى المدارس والمهنيات يوم الإثنين المقبل. لكن في ظل الغليان الذي يعيشه الأساتذة، ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي، من المتوقع أن يرفض الأساتذة الشروط الجديدة.

ووفق المصادر، روابط المعلمين ملزمة بالعودة إلى الأساتذة لقبول أو رفض العرض، وذلك من خلال استبيان الكتروني لمعرفة رأيهم، يشكك الأساتذة في مدى شفافيته. وأي تلاعب قد يحصل، كما جرى سابقاً، سيعرض القطاع التربوي إلى المزيد من الفوضى، وتفكك روابط المعلمين.