المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الأربعاء 6 أيار 2020 14:06:58
في وقت لا يزال لبنان الرسمي عالقا في مرحلة "تسويق" خطته في الداخل، مركّزا على انها "إنجاز تاريخي سيضع البلاد على طريق الانقاذ بعد سياسات وقرارات خاطئة استمرت عقودا وتسببت بايصالها الى الانهيار"، وهو ما ردده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب مجددا اليوم في "لقاء بعبدا"... باتت الدول المانحة والجهات الدولية التي تعوّل عليها الحكومة لرفدها بمساعدة مالية، في مكان آخر، وقد انتقلت الى مرحلة درس الملف اللبناني- اذا جاز القول- من جوانبه كافة، وتوجيه الرسائل الى الحكومة، مفادها ان الورقة لا تكفي بل ثمة شروط كثيرة يجب مراعاتها للفوز بالدعم المرجو. بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ"المركزية"، هذا الواقع بدا واضحا في اللقاء الذي اقيم في السراي امس وجمع دياب الى سفراء مجموعة الدعم الدولية، وفي مقدمهم سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دورثي شيا ومدير البنك الدولي ساروج كومار، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، وسفراء اوروبيين وعرب، بمشاركة وزيرالمال غازي وزني ووزير الخارجية ناصيف حتي.
صحيح ان رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا كشفت صباح امس عن اتصال "مثمر" جرى بينها وبين دياب لمناقشة خطة الحكومة اللبنانية الاقتصادية، الا ان مداخلة كومار وكلمات السفراء (التي تشكّل دولهم العمود الفقري للصندوق) شددت كلها على ان لا مساعدات مجانية. فهي مرتبطة باصلاحات ملموسة وقد شدد كومار على اولوية اصلاح الكهرباء مثلا، اما شيا فتوقفت عند ضرورة تعزيز الشفافية (...)
الا ان الاصلاحات ليست فقط اقتصادية – مالية، بل هي سياسية - سيادية أيضا، تتابع المصادر. فالعواصم الكبرى تحاذر التعاطي مع حكومة حزب الله وتنتظر من الدولة إثبات قدرتها على محاربة الفساد الذي تعتبر (اي العواصم الكبرى) حزبَ الله، أحد أبرز مسبّباته في لبنان! وفيما مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شنكر، اضاء بوضوح على هذا الجانب السبت، قائلا "اللافت أن نرى ما إذا كانت هذه الحكومة التي يشكل حزب الله جزءا منها قادرة على الالتزام كليا بالإصلاح، خصوصا وأن الحزب يعتمد على التمويل غير القانوني والفساد وتجنب دفع مستحقاته للدولة كالجمارك والضرائب"... فإن الموقف نفسه كرره امس السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان حيث كتب في مقال على موقع "برووكينغز" ان اعتماد "الحكومة على حزب الله وحلفائه لدعمها البرلماني، فإن التبرير التقليدي للحصول على المساعدة الخارجية لم يعد صالحاً هنا، والتحدي ان يقنع الرئيس دياب المانحين بأن هذه الخطة لا تُعزّز هيمنة حزب الله في دولة متصدعة ومختلة بشكل متزايد"، محذراً من ان يتبخر أي اهتمام من قبل الجهات المانحة الخارجية للمساعدة.
في الشق السياسي ايضا، بدت مشاركة السعودية والامارات، في اجتماع السراي، عبر القائم بأعمال سفارتيهما في بيروت، لا أكثر، رسالة في حد ذاتها الى حكومة "اللون الواحد"، دائما وفق المصادر، فحواها "عدم التقيد بالنأي بالنفس واستمرار "حزب الله" في مهاجمة دولنا، سيبقيان بيروت في "عزلة" خليجية، مالا وسياحة واستثمارا".
الخطة اذا وحدها لا تكفي، ومن الضروري ان تترافق مع اصلاحات ملموسمة ومع انتفاضة من حكومة دياب على "الوصاية" السياسية لفريق 8 آذار، على قرارها.. فهل تنجح في رفع التحدي ونرى تعيينات مالية وتشكيلات قضائية تقنية وشفافة، على سبيل المثال لا الحصر؟