المصدر: النهار
الكاتب: وجدي العريضي
الاثنين 25 آذار 2024 07:54:50
لا تنحصر الإجازات السياسية والديبلوماسية بما فيها الخماسية في البلد بفترة الأعياد، بل تتخطاها إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث يصر معظم الديبلوماسيين العرب والغربيين على إبراز صعوبة الوضع الداخلي وتحديداً ما يرتبط بالاستحقاق الرئاسي، وسط إجماع تقريباً على استحالة انتخاب رئيس قبل أن تتوقف الحرب في غزة والجنوب، وأقله قيام هدنة يمكن من خلالها تمرير الاستحقاق إذا تم التوافق الداخلي، والأهم أن تحين لحظة التسوية الدولية الإقليمية في ظرف مؤاتٍ وتعمّم على الداخل، عندها يُنتخب الرئيس على غرار ما كان يحصل في كل الاستحقاقات.
ولا تخفي جهات ديبلوماسية فاعلة، أن زيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا للإمارات العربية المتحدة، التي كانت زيارة عابرة وتتعلق بقضيّة الموقوفين وإن كانت الأساس، فإن هناك محطات وأجواءً في المنطقة تشي بأن ما يحصل يشير ويؤسس لإعادة هيكلة كل الوضع المحلي والإقليمي والعربي والدولي، ولبنان سيكون له حصة وازنة. بمعنى أن زيارة أحد أبرز قادة الحزب لأبو ظبي، تركت دلالات ومؤشرات باعتبار دولة الإمارات تربطها علاقات وثيقة بإيران، وأيضاً هناك علاقات ديبلوماسية بين طهران والرياض، وبمعنى أوضح، كل التحليلات والقراءات صبّت في خانة بروز إيجابيات ممكن تسييلها في الداخل خصوصاً في هذه المرحلة، حيث الظروف مؤاتية للشروع في حلول لكن ذلك يلزمه وقت طويل، في ظل استحالة الوصول إلى هدنة ووقف الحرب بسبب تعنّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ما تكشفه أكثر من جهة عربية وغربية، إذ إن الأميركيين بدأوا ينزعجون من الأخير، ما يعني أن الحرب لن تتوقف في هذه المرحلة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستغل التفاف قادة الحرب حوله ويصالح الرأي العام الإسرائيلي ويسعى لإنجازات وإن كانت وهمية في مثل هذه الأجواء والظروف. ومن الطبيعي أن يكون لبنان في موضع الترقب والانتظار لما ستؤول إليه الأسابيع القليلة المقبلة، فثمة جملة توقعات قد تضاف إلى هدنة إذا نجحت مساعي وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنطوني بلينكن في المنطقة، وقد أعرب كما ينقل سفير خليجي عن سخطه واشمئزازه من تعنّت نتنياهو بعدما رفض الهدنة التي كانت قاب قوسين، لذلك هناك مسعى أميركي فرنسي مستمر لمنع الحرب الشاملة.
وفي مجال آخر، فالمساعي والجهود الديبلوماسية الآيلة لمواكبة ومتابعة الوضع الرئاسي، لم تتوقف وإن أقر من يقوم بهذه الخطوات بأن ثمة صعوبة وتعقيدات كثيرة، لكن يجب التوصّل إلى رؤية واحدة وشاملة بانتظار الجواب النهائي على مبادرة "كتلة الاعتدال الوطني" من بعض الأطراف الداخلية، لأن هناك من يقول إن "حزب الله" لم يعط جوابه النهائي، لكنه يعمل استراتيجياً ويخوض حرباً مع إسرائيل، وبالتالي يترقب وينتظر. لكن أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري يفاوض في محطات كثيرة ومفاصل أساسية عن الحزب وبتكليف منه في الأمور الرئيسية أكان حول القرار 1701 أم الاستحقاق الرئاسي. لذلك "كتلة الاعتدال الوطني" مستمرة في دورها وحضورها ومساعيها، كما ينقل ويؤكد أحد نوابها قائلاً: لا نسعى إلى تسجيل نقاط على هذا الطرف وذاك أو تحقيق إنجازات ومكاسب ومناصب وسواها، بل ندرك تماماً أن ما نقوم به هو مبادرة حقيقية وأساسية مستمرة، وثمة توافق وتناغم بين سائر أعضاء الكتلة على توزيع المهام والدور، مع التقدير والاحترام لكل نواب عكار والشمال وعلى مستوى المجلس النيابي عموماً، لأننا على يقين ومعرفة تامة بأن ثمة حماسة لدى اللجنة الخماسية لهذه المبادرة ومن بري والكثيرين، لذلك بعد فترة الأعياد ستعاود كتلة الاعتدال نشاطها ومساعيها، ما سينسحب على اللجنة الخماسية بعد عودة سفرائها من إجازة الأعياد.
وفي المحصّلة، يبقى وفق المواكبين والمتابعين أن الوضع في الجنوب مقلق كما في غزة والمنطقة، والتصعيد رهن أي تعثر ديبلوماسي وصولاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أخذ القرار بالحرب ويصعّد ولم يذعن لكل ما قاله له وزير الخارجية الأميركي، فيما البعض يسأل عن مصير الجنوب والنازحين وكل ما يحصل. وفي هذا الصدر يؤكد ويشدد رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر لـ"النهار" بقوله "نحن نتلقى توجهات رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ونقوم بدورنا وعملنا، وأهالي الجنوب النازحون لهم كراماتهم، ونحن إلى جانبهم ويحظون بدعم من مجلس الجنوب والجهات المعنية، خلافاً لما يقال ويشاع، فإنهم يحافظون على التواصل والعلاقة الوطيدة والأهلية التي تربطنا بهم، لكن الحرب مستمرة ولا يمكننا إحصاء الأضرار والمواكبة والمتابعة على الشريط الحدودي، بل نقوم بواجباتنا وهناك رعاية تامة نقدّمها وفق الإمكانيات المتاحة، والوزارات المعنية لا بل الدولة اللبنانية والجميع يجب أن يكون لهم دورهم، لأن هؤلاء شريحة أساسية من الوطن وينتمون إليه".