المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الجمعة 31 تشرين الأول 2025 14:28:03
يدخل لبنان مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الحسابات السياسية مع التعقيدات الدستورية، على وقع سجال محتدم حول صلاحيات الحكومة في مقاربة قانون انتخاب المغتربين، بين من يرى في الاقتراع الشامل للمغتربين حقاً دستورياً يجب تكريسه، وبين من يتمسك بالإبقاء على الصيغة الحالية التي تحصر تمثيلهم بستة مقاعد نيابية فقط.
في هذا المناخ المشحون، وجّه رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل رسالة مباشرة إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي عبر منصة "إكس"، جاء فيها: "دولة الرئيس، بأي قاموس تُعد ممارسة مئات آلاف اللبنانيين المغتربين، من كل الطوائف والمناطق ومن دون أي تمييز، حقهم الدستوري في تقرير مصير بلدهم؟".
وأكد الجميّل أن الكتائب كانت من أوائل من دافع عن هذا الحق "منذ سبع سنوات"، مشيراً إلى أن الحزب تقدم بعريضة موقعة من 67 نائباً لإدراج اقتراح القانون على جدول أعمال الجلسة السابقة، غير أن "الملف لم يُدرج، ما اضطرنا إلى الانسحاب اعتراضاً".
وأضاف أن إرادة النواب الـ67 "واضحة، وهي تعكس إرادة اللبنانيين الذين يطالبون بإلغاء المقاعد الستة الخاصة بالمغتربين، واعتماد التمثيل الكامل ضمن المقاعد الـ128".
ووفق معلومات kataeb.org من مصدر مطلع، فإن اللجنة المشتركة بين وزير الداخلية أحمد الحجار ووزير الخارجية يوسف رجي اجتماعها الأول مؤخراً، حيث باشرت دراسة الفصل الحادي عشر من القانون الحالي تمهيداً لإعداد تقرير تفصيلي يُرفع لاحقاً، وتشير المعطيات الأولية إلى أجواء إيجابية داخل اللجنة، في ظل رغبة في الوصول إلى صيغة توافقية تضمن مشاركة المغتربين دون الإخلال بالتوازنات الانتخابية الداخلية.
أما على المستوى الحكومي، فقد أقدمت الحكومة على دمج مشروعي وزارتي الداخلية والخارجية في صيغة واحدة متكاملة، تُعرض قريبًا على مجلس الوزراء للمناقشة والإقرار، خطوة تبدو تقنية في ظاهرها، لكنها تنطوي على بعد سياسي واضح، إذ تمثل محاولة لتوحيد الموقف الرسمي حيال مشاركة اللبنانيين المقيمين في الخارج في الانتخابات المقبلة.
وفي التفاصيل، فإن التأجيل الذي تقرر لم يكن مفتوح المدة، بل حُدد حتى الخميس المقبل، حيث يُعرض المشروع على التصويت في حال تعذر التوصل إلى توافق نهائي بشأنه.
أحد النواب المعارضين أكد لموقعنا أنّ الرئيس نبيه بري لم يعد أمامه من خيار سوى إدراج القانون على جدول أعمال المجلس النيابي بعد عرضه على اللجان، وإلا فعليه أن يتحمل مسؤولية التعطيل الذي لم يعد مقبولاً، وهو ليس سابقة جديدة عليه.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات تصعيدية منسقة بين مختلف الكتل المعارضة، وعلى رأسها حزبا الكتائب والقوات اللبنانية، إضافة إلى التغييريين والمستقلين وكتلة الاعتدال، مؤكداً أن هذه القوى باتت تمتلك أكثرية نيابية يجب أن تُسمع كلمتها في البرلمان، دفاعًا عن مبدأ المساواة في حقّ الاقتراع بين اللبنانيين في الداخل والخارج.
وبين خيار التصعيد والرهان على التوافق، يقف لبنان مجددًا أمام استحقاق انتخابي مفصلي يختبر مدى التزام الدولة بوعودها الإصلاحية وبمبدأ المشاركة الوطنية الشاملة، فيما السؤال الذي يفرض نفسه:
هل سيواصل رئيس المجلس سياسة التعطيل إلى أبد الآبدين، لتبقى البلاد رهينة لمساوماته التي أنهكت اللبنانيين منذ عقود؟