الدبلوماسية مع السلاح.. حزب الله يعيد إرباك الداخل اللبناني بـ"فوضى الرسائل"

قال خبراء إن حزب الله، برسائله المتناقضة التي خرجت في وقت واحد مؤخراً، ما بين الإعلان عن دعم لبنان في مساره الدبلوماسي بالتعامل مع إسرائيل، والتمسك بالسلاح في الوقت ذاته، يستهدف زيادة التخبط في الداخل اللبناني وإحداث مزيد من الانقسام.

وأوضحوا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رسائل الميليشيا تعكس حالة التخبط التي تعيشها والتراجع الدراماتيكي في خياراتها، حيث تواصل الهروب وتراهن على عامل الوقت. 

وبين الخبراء أن هجوم أمين عام حزب الله نعيم قاسم ورسائله بهذا الشكل على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، يعكس في هذا التوقيت الرغبة في تقسيم الداخل وانفجار الوضع بين اللبنانيين، وتوجيه رسائل للخارج، ولا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أنه يهدد أي تفاوض ويستطيع عرقلة مساره.

وكانت الميليشيا اللبنانية قد قدمت مجموعة من الرسائل المتناقضة على لسان أمينها العام نعيم قاسم، عندما خرج ليؤكد أن حزب الله لن يوافق على نزع سلاحه، موضحاً أن "الحدود التي يجب أن نقف عندها في أي اتفاق مع العدو ترتبط بجنوب الليطاني حصراً"، معتبراً أن تعيين لبنان لـ"مدني" في لجنة مراقبة وقف النار مخالف للقانون وتنازل مجاني وسقطة إضافية للحكومة.

وبالتزامن مع ذلك، قال قاسم إن حزب الله يتعاون مع الدولة اللبنانية ويدعم مسارها الدبلوماسي في التعامل مع إسرائيل، مؤكداً أن خيار الدبلوماسية الذي تنتهجه الدولة لوقف الحرب يحظى بتأييد الحزب، وأن التنظيم يواكب توجهات الدولة اللبنانية ويقف خلف قرارها باعتماد الحلول الدبلوماسية.

ويقول المحلل السياسي اللبناني جورج العاقوري، إن حزب الله يدرك جيداً أن لا أفق لبقاء سلاحه في ظل المتغيرات الجذرية في المنطقة، موضحاً أن سقوط نظام الأسد في سوريا يُعدّ الزلزال الذي خلخل أو أسقط المحور الذي ينتمي إليه الحزب.

وأضاف العاقوري، لـ"إرم نيوز"، أن السلاح يشكل في المقابل علّة وجود الحزب عملياً؛ لأنه الأداة التي تمنحه فائض قوة ليس فقط في لبنان، بل يستخدمها أيضاً لتحقيق التكليفات المنوطة بأي مشروع إيراني قائم على إقامة الجمهورية الإسلامية وتصدير الثورة، مشيراً إلى أن الحزب لا يستطيع التخلي عن سلاحه؛ لأن ذلك يعني التنازل عن ذاته وفق مفهومه العقائدي والديني الذي يرتكز عليه.

وبيّن العاقوري أنه بناءً على ذلك يمكن فهم حالة التخبط التي يعيشها حزب الله اليوم، والتراجع الدراماتيكي في خياراته، إذ يواصل الهروب إلى الأمام ويتوهم أن لعبة كسب الوقت التي طالما مارسها، كما يمارسها الجانب الإيراني، ما زال بالإمكان استخدامها. 

ولفت إلى أن الحزب يختبئ خلف الدولة، ويعلن أنه لا يمانع الخيار الدبلوماسي، بينما يتمسك في الوقت نفسه بسلاحه، ويحدد للدولة مفهوم الدبلوماسية بحسب توجهاته ومصالحه، ويخرج منتقداً خيارات الحكومة عبر الاعتراض على تسمية السفير سيمون كرم كمفاوض مدني في العملية الجارية ضمن الميكانيزم.

بدوره، يؤكد الباحث السياسي اللبناني عبد الله نعمة أن حزب الله بهذه النوعية من الرسائل يستهدف زيادة التخبط في الداخل اللبناني وإحداث مزيد من الانقسام، لا سيما أن هجومه الأخير موجه بالدرجة الأولى لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هو زعيم حركة أمل، التي تمثل نصف الفصيل الشيعي، ولكن عندما يتمسك الرجل بضرورة إنقاذ الدولة من شبح الحرب، يهاجمه نعيم قاسم؛ لأنه فكّر في مصلحة لبنان وأهل الجنوب.

وأوضح نعمة، لـ"إرم نيوز"، أن حزب الله يهاجم الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب؛ لأنهم يعملون لصالح الشارع ومنع الانزلاق إلى تفكك داخلي، ورغبتهم في قطع الطريق على إسرائيل في شن حرب على لبنان، بعد خطوة تطعيم الوفد في لجنة الميكانيزم أمام تل أبيب بشخصية مدنية وحديث التنظيم عن أن الخطوة غير صائبة، في وقت لم يستطع فيه الدفاع عن لبنان بعد أن ورطه في حرب مدمرة، جعلت أهل الجنوب نازحين في أسوأ وضع وحال.

وأشار نعمة إلى أن هجوم نعيم قاسم ورسائله بهذا الشكل على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب أمر غير مقبول في هذا التوقيت، ويعكس الرغبة في تقسيم الداخل وانفجار الوضع بين اللبنانيين، وتوجيه رسائل للخارج، ولا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أنه يهدد أي تفاوض ويستطيع عرقلة مساره.

ولفت الباحث السياسي اللبناني إلى أن أهل الجنوب المتضررين من حزب الله بعد مغامرته أمام إسرائيل يريدون منفذاً للعودة إلى قراهم بدلاً من أن يظلوا للأسف نازحين جائعين، في وقت يرفض المجتمع الدولي مساعدة لبنان بسبب السلاح، مما يجعل الذهاب للاتفاق مع إسرائيل ضرورة لإبعاد شبح الحرب، والانسحاب من النقاط المحتلة، وتستكمل خطة نزع السلاح حتى يكون هناك دعم من المجتمع العربي والدولي للبنان.