الدولار ينسف الرواتب: الإضراب المصرفي والإداري إلى تمديد... والملف الرئاسي على جموده

يمضي الانفراج في العلاقات العربية – الايرانية قدماً الى الامام، مع الاعلان عن زيارة يقوم بها الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى المملكة العربية السعودية بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فيما تنحدر الاوضاع المعيشية والمالية من سيئ الى اسوأ على وقع الارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار، الذي، وبعدما تجاوز المائة الف، دخل في سباق مع نهاية الشهر لطي ورقة العشرة الثانية بمعنى التدرج من 112 الفاً الى 120 الفاً، وسط ارتفاع، يكشف عن فداحة الشغور المالي لمدى مصرف لبنان بالعملة الصعبة، اذ سجل سعر صيرفة 80200 ليرة لكل دولار، ومع شيوع معلومات ان «صيرفة» موظفي القطاع العام قد تصبح من الماضي بدءاً من نهاية آذار ومطلع نيسان المقبل، استناداً الى وزارة المال لجهة ايجاد صعوبات في تأمين رواتب الموظفين على سعر صيرفة السابق، فالأموال غير متوافرة بالعملة الصعبة في الخزينة، عبر مصرف لبنان، الأمر الذي عززه كلام منسوب لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

ازاء هذا الوضع الدراماتيكي، الذي يطيح بالمساعدة التي اعطيت للموظفين والمتقاعدين بموجب ميزانية 2022، ومع اعلان المصارف استمرار الاضراب لأسبوع آخر، اعلنت رابطة موظفي الادارة العامة الاستمرار بالاضراب لأسبوعين اضافيين حتى 31 آذار (أي الجمعة ما بعد المقبلة) مع دعوة الموظفين للاعتصام والبحث بخطوات تصعيدية بانتظار ما ستسفر عنه جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وسط مطالبة الموظفين والمتقاعدين بأن تبادر وزارة المالية لاصدار توضيحات قاطعة في ما خص قبض الموظفين والمتقاعدين رواتبهم اخر الشهر على اي سعر لصيرفة، المعمول به او سعر صيرفة في حينه (فوق 80 الف ليرة لبنانية).

ولم تفتح هذه التداعيات الطريق امام اعادة تنشيط الحركة في الداخل على التفاهم على شخصية رئيس جديد للجمهورية، وسط استمرار المتابعة لما يجري في الخارج.

وفي هذا الاطار، لا يزال الملف اللبناني على الطاولة من زاوية الحاجة الى انهاء الشغور الرئاسي بأسرع ما يمكن، ولكن حسب مصادر المعلومات المتقاطعة ان الرياض لم ترَ المواصفات التي تحدثت عنها لرئيس للبنان متمثلة في شخصية مرشح «الثنائي الشيعي» النائب السابق سليمان فرنجية، فهي لا تريد رئيساً ينتمي الى اي فريق كان، بل يتفاهم الجميع عليه، مع الاشارة الى ان لا اجتماع ثان فرنسي – سعودي في بحر الاسبوع الطالع.

وفي ضوء عدم تمكن اللقاء الفرنسي – السعودي من الوصول الى قواسم مشتركة، فان خلوة بكركي المقبلة، وإن ارتدت طابع الخلوة الروحية النيابية تصبح هي مدار المتابعة، في ضوء اصداء الدعوة التي بدأت ترجع الى بكركي من قبل القوى المسيحية، مع العلم ان لا تبدل في مواقف الافرقاء المعنيين من عدم مرشحيهم وما من نقاش في الموضوع.

وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان يتبلغ المسؤولون اللبنانيون عبر القنوات الديبلوماسية، نتائج اللقاء الذي عقد نهاية الاسبوع الماضي في باريس بين مسؤولين سعوديين وفرنسيين، وخصص للتشاور حول الوضع في لبنان وتحديدا بخصوص انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والمساعي المبذولة لدفع ملف الانتخابات قدما الى الامام، وتركز البحث ايضا حول موضوع صندوق مساعدة اللبنانيين الذي انشىء، سابقا، لدعم المدارس والحاجات الإنسانية والضرورية للبنانيين.

واشارت المصادر إلى ان موضوع الانتخابات الرئاسية يحظى باهتمام ملحوظ، ومدار تشاور مستمر بين الدول المعنية بلبنان، بعيدا من الإعلام وبدون ضجيج، بالرغم من انشغال هذه الدول بمواضيع وملفات خاصة اكثر اهمية ، ولفتت إلى ان موضوع الانتخابات الرئاسية، يطرح باستمرار على هامش اللقاءات التي تجري، ويتم تبادل وجهات النظر بخصوصها.

الا ان المصادر كشفت ان التشاور بدأ بالفعل بخصوص، ماهو مقبول وغير المقبول من لائحة الاسماء المتداولة ضمن المواصفات التي تم تحديدها. وبنتيجة التشاور استبعدت أسماء شخصيات محسوبة على هذا الفريق او ذاك، فيما البحث عن اسم الشخصية المقبولة، قد قطع شوطا كبيرا، وينتظر الاعلان عنه، اكمال المشاورات الجارية بين مسؤولي الدول المعنية.

ووسط ترقّب ما انتهى اليه الاجتماع الفرنسي – السعودي الذي عقد يوم الجمعة في باريس والذي بحث الملف اللبناني. يترقب الوسط السياسي ايضاً موقف الكتل المسيحية من الدعوة التي وجهها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الى النواب المسيحيين «ليوم خلوة روحيّة وصلاة» يوم الأربعاء في 5 نيسان المقبل في حريصا.

رئاسيا ايضا، تتجه الانظار الى اي خطوة من قِبل فرنجية الذي لا يزال يتريّث في اعلان ترشيحه وبرنامجه رسمياً، علماً ان مصادر شمالية مطلعة على موقف اجواء «المردة» قالت لـ «اللواء»: انه بصدد إنجاز برنامجه للرئاسة وتجري قراءات اخيرة عليه، لكنه مازال يدرس ايجابيات وسلبيات اعلان الترشح في هذا الظرف والتوقيت، وهو ينتظر بعض الوقت للتأكد من نضوج ظروف إجراء الانتخابات والترشيح.

كما نفت المصادرلـ «اللواء» المعلومات الصحافية التي اشارت الى ان فرنجية زار دمشق في الايام الماضية، حيث التقى الرئيس بشار الاسد وسمع منه انه «سيكون رئيس الجمهورية المقبل وإلا ان ستكون له الكلمة الفصل في اختيار الرئيس». لكن المصادر الشمالية قالت: ان زيارات فرنجية لسوريا لم تكن ولا مرة سرية، وهو حريص في كل زيارة على تسجيل خروجه من لبنان لدى الامن العام اللبناني، وتسجيل دخوله عند الحدود السورية، وبالعكس. وبالتالي لو حصلت زيارة مؤخراً لكن قد تم الاعلان عنها، خاصة ان الرئيس الاسد منشغل جداً هذه الايام بزيارات الى الخارج واستقبال وفود عربية وبالتحضيرات للقاء المزمع عقده بين ممثلين عن سوريا وتركيا برعاية روسية – ايرانية.