الدولة ماضية بخطتها لنزع الذرائع الإسرائيلية... و"حزب الله" يخوض معركة السلاح الأخيرة؟

لم يعد ممكناً العودة إلى الوراء بعد إقرار مجلس الوزراء أهداف الورقة الأميركية وحصر السلاح بيد الدولة. فعلى رغم تصعيد "حزب الله" ورفع سقف رفضه للقرار واعتبار معركة سلاحه وجودية، يترقب الجميع خطة الجيش قبل 31 آب الجاري، وما ستحمله الزيارة المنتظرة للمبعوث الأميركي توم برّاك إلى لبنان، في ما يتعلق بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها ووضع مسار للتفاوض غير المباشر لانسحابها من النقاط المحتلة في الجنوب.

وفق المجريات التي حتمت اتخاذ القرار، لم يكن من خيارات أمام الحكومة وسط الضغوط الدولية إلا السير في رحلة حصر السلاح. بيد أن الأبرز في هذا المسار أن القرار يستكمل التزام لبنان باتفاق وقف النار، طالما أن الورقة الاميركية طُعمت بتعديلات لبنانية، وهو ما كان ملحوظاً في ما اقره مجلس الوزراء لمنع إسرائيل فرض شروطها على لبنان.

 لم تقفل قنوات الاتصال حتى الآن بين المعنيين، لثني "حزب الله" عن الذهاب إلى تصعيد كبير يهدد البلد بالفوضى، فوفق مصادر سياسية متابعة، ليس هناك من تراجع لمجلس الوزراء عن إقرار ما تبقى من الخطة التنفيذية لحصر السلاح، من دون أن يعني ذلك أنها ستأتي مطابقة للآليات التي تنص عليها ورقة برّاك. إذ أن الجيش سيضع خطته التي تسمح له بتطبيق حصرية السلاح تدريجياً، بدءاً باستكمال سحب السلاح في جنوب الليطاني، حيث تبين من الانفجار الذي وقع في نفق مجدل زون وأدى إلى استشهاد جنود من الجيش أن هناك مخازن سلاح لم يكشفها الحزب، وهي مخازن لم تعد صالحة، ويمكن أن تتعرض لغارات إسرائيلية مدمرة. 

المفارقة أن "حزب الله" حين يتهم رئيس الحكومة بالخيانة، واللعب على المسألة الميثاقية، إنما يحاول الدفاع عن سلاحه الذي يعتبره أساس وجوده، منذ أن احتفظ به بعد التحرير عام 2000، حيث أصبح للسلاح أكثر من وظيفة خارجية وداخلية. أما اليوم وحين تقرر الحكومة سحبه، فإنها تعيد الأمور حصراً إلى الدولة، وتنزع الذرائع التي تتحجج بها العدوانية الإسرائيلية، فيما يستمد "حزب الله" ممانعته من أن إسرائيل لم تستطع القضاء عليه، فلا يترك للدولة العمل وفق كل الخيارات لبسط السيادة وتحرير الأراضي المحتلة. 

بقرار الحكومة أصبح السلاح بلا شرعية رسمية وغير مغطى من الدولة التي كان يتحكم بها الحزب سابقاً، إذ يقفز فوق نتائج الحرب الإسرائيلية التي دمرت بنيته وغيّرت وجه المنطقة. ولذا يبدو أنه سيواصل ضغطه في معركته الأخيرة لتعديل القرار الحكومي بحصرية السلاح، علماً أنه يعرف أن ذلك غير ممكن. فهو لا يستطيع مواجهة إسرائيل، لكنه يسعى إلى أن يبقى قوة مقررة في الشأن اللبناني من خارج الدولة. 

"حزب الله" عاجز عن الضغط إلى حد قلب الشارع أمنياً، أو احداث واقع يشبه ما حدث في 7 ايار 2008، فهو وإن كان لم يقرر ضمن الثنائي الشيعي الانسحاب من الحكومة، لكنه سيسعى وفق مصادر سياسية إلى اللعب على الانقسام في حال لم تكثف واشنطن ضغوطها على إسرائيل لوقف الاعتداءات، وإدخال لبنان في حالة توتر سياسي وأمني. لكن ذلك لا ينقذه، إذ أن الفوضى قد ترتد أزمات على بيئته، ولا يستطيع أيضاً الاستمرار في حملات سياسية تحاول المقارنة بين قرار الحكومة واتفاق 17 أيار، إذ لا تفاوض مباشر بين لبنان وإسرائيل، إنما اختلال لا يحتمل بقاء لبنان تحت ضغوطه. أما الآلية التطبيقية التي سيعتمدها الجيش لسحب السلاح، فقد تواجه معوقات، لكنها لن تثنيه عن القيام بمهمته، وهو ما يطرح اسئلة على الحزب عن ممانعته تقديم السلاح للجيش وابلاغه بدلاً من أن يصبح تحت الضغط الإسرائيلي أو يتحول الى خردة وقنابل موقوتة لا تصلح للقتال.