المصدر: نداء الوطن
الكاتب: مازن مجوز
الخميس 5 حزيران 2025 07:14:37
في ظلّ تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشيّة، زاد إقبال اللبنانيين على شراء الذهب للحفاظ على قيمة أموالهم، كون المعدن الأصفر يشكّل ملاذاً آمناً للتحوّط من مخاطر التضخم وتراجع قيمة الليرة اللبنانية. وقد سجّل لبنان ارتفاعاً في نسبة الإقبال على شراء الذهب خلال السنوات الأربع الماضية، فيما يحتلّ فيه لبنان المرتبة الـ 19 عالمياً من حيث احتياطيّات الذهب، والمرتبة الثانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـواقع 287 طنّاً بعد السعودية التي تمتلك 323 طنّاً بنهاية العام 2024.
الإقبال على شراء الذهب يشهد عمليات ظلم يتعرّض لها الزبون "البائع"، لجهة السعر الذي يدفعه له الجوهريّ مقابل القطعة التي يعرضها عليه كذلك فإنّ الأسعار التي يدفعها الصاغة لقاء القطع الذهبية، سواء كانت "مشغولة"، "الليرة"، أو "الأونصة"، تختلف من جوهري إلى آخر. فكيف يمكن للمواطن الذي يرغب في بيع قطعة ذهبية أن يضمن الحصول على أفضل سعر ممكن؟
الثقة والأمان هما الأساس
يؤكد نقيب تجّار الذهب والمجوهرات في لبنان نعيم رزق أنّ هذه المهنة موجودة في لبنان منذ خمسينات القرن الماضي، حيث يعرف الذهب اللبناني بجودته وثقته وأمانته، وثمة زبائن يغيبون لسنوات طويلة وعندما يعودون إلى لبنان يتقصّدون شراء الذهب اللبناني الذي يتميّز بعياراته السليمة 100%.
أما من يريد البيع أو الشراء، فإمّا أن يقصد محلاً للمجوهرات يشعر فيه بالثقة والأمان، أو أن يقارن الأسعار والخدمات بين المحال حتى يجد المكان الذي يستحقّ ثقته، وعندها يصبح زبوناً دائماً لديه.
واليوم، بات في متناول كلّ اللبنانيين المهتمّين بالذهب تطبيقات ترصد تطوّر أسعار الذهب عالمياً لحظة بلحظة.
يجب على الجوهريّ أن يضع داخل محله شاشة صغيرة لعرض الأسعار بشكل متواصل، وأن يكون ميزانه دقيقاً أما أسعار الذهب، فهي تختلف بحسب ما إذا كان مشغولاً أو غير مشغول، حيث تتراوح تكلفة الصياغة على الغرام الوطني بين 5 و 6 دولارات، بينما تتراوح على الذهب الإيطالي والتركي بين 8 و10 دولارات.
وأشار رزق إلى أن الحرب الأخيرة انعكست سلباً على الاقتصاد اللبناني، إلّا أن السوق شهدت انتعاشاً ملحوظاً بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام، حيث عاد الناس لشراء الذهب المشغول، إلى جانب إقبال متزايد على اقتناء الأونصات والليرات.
ويضيف أن أسعار الشراء والبيع تتغيّر وفقاً لتقلبات أسعار الذهب عالمياً بين دقيقة وأخرى، هذا من حيث المبدأ، أما إذا كان السعر ثابتاً دون تغيير، وشعر الزبون بوجود فرق في سعر القطعة ذاتها التي يرغب في بيعها، فهنا عليه أن يختار من قدّم له أفضل سعر ويتعامل معه لفترة معيّنة، ما يعزّز إمكانية التعاون المستمرّ معه في المستقبل.
بدوره يقول بسام أ.(موظف في شركة خاصة، 32 عاماً): "عندما أنوي بيع قطعة أقوم بجولة في السوق وأزور أكثر من محل، بحثاً عن أفضل سعر، لأنني لا أثق كثيراً بمحلات الذهب. فأحياناً أجد فرقاً بين محل وآخر، وأتساءل إن كان الأمر يعود لضمير الجوهريّ، أو لتقلبات أسعار الذهب". وأضاف: "لكنني أسأل نفسي: لماذا أخسر مثلاً 20 أو 30 دولاراً في القطعة، طالما هناك محل يعطيني سعراً أفضل؟ لذلك أقوم ببيعها لمن يدفع بها سعراً أعلى، ومع الوقت لم أعد أضيّع الكثير من الوقت لأنني أصبحت أعرف محلّين يقدّمان لي أسعاراً جيّدة".
أما عماد . ف (محام، 41 عاماً) فيقول: "أتعامل مع محل معيّن وأقصده في أي عملية شراء أو بيع منذ 5 سنوات، وأيّا كانت الأسباب لا أقصد غيره، لأنني أصبحت مرتاحاً للأسعار التي يقدّمها لي، إلى جانب معاملته الراقية معي"، مبرّراً هذه الثقة لكونه يعتمد معايير ثابتة وشفّافة في التعامل مع الذهب، "كما أن القطع التي أبيعه إياها سواء كانت ليرات أم أونصات أم ذهباً مشغولاً، كنت قد اشتريتها منه وأحتفظ بالفاتورة الخاصة بها، وهذا ما يخفّف من خسارتي. كما أن عدداً من أقاربي بات يتعامل معه أيضاً بعد أن نصحتهم به".
في المقابل أوضحت نسرين ج . (ربة منزل، 44 عاماً) أنها تتأكد من عوامل عدة أوّلها مراجعة الفاتورة للتأكد من عيار القطعة، لأنه "كلما ارتفع العيار، زادت القيمة"، كذلك التأكد من وزنها بدقّة، ومن ثم تتابع الأسعار الحالية في السوق عبر تطبيق قامت بتنزيله على هاتفها. وبعد قيامها بجولة في السوق، تقرّر ما إذا كانت ستبيع في اليوم ذاته أو تعود في اليوم التالي، أو تتراجع عن الفكرة لأسبوع أو لشهر.
وفي ظلّ هذا الإقبال على شراء الذهب وخصوصاً "الأونصة" و"الليرة"، على الرغم من ارتفاع سعره حالياً، يستغلّ محترفو الغشّ الأمر لتمرير سبائك مغشوشة، لذلك ينصح رزق أن تكون أي عملية شراء من مصدر موثوق، مع طلب مستند رسمي من المصدر نفسه، وعند اتخاذ القرار بالبيع، من الأفضل بيعها للمحل نفسه ما يخفف من قيمة الخسارة على الزبون.
ختاماً، يثبت الذهب مرّة جديدة استمرار مكانته كأصل استراتيجي لا يفقد بريقه، ويستمرّ في لعب دور رئيسي في توازن الأسواق العالمية وحماية مدّخرات اللبنانيين من تقلّبات الاقتصاد ومن التضخّم، على أن يعرف اللبناني جيّداً المحلّ الذي يتعامل معه.