الرئاسة بين الفراغ وآليات الانتخاب

في 31 تشرين الأوّل 2022 ينتهي عهد الرئيس ميشال عون ويغادر القصر الجمهوري، بعد 6 سنوات من الولاية الرئاسية. ستون يومًا على انتهاء عهد حفل بالأزمات التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه، والآمال معلّقة على انتخاب رئيس جديد ينتشل البلاد من القعر ويُعيد الحياة إلى اللبنانيين الذين يعيشون في "جهنم".

عمليًا، المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية بدأت، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يوجّه الدعوة للمجلس حتى الساعة، فماذا يقول الدستور عن توجيه الدعوة وماذا عن الفراغ في سدة الرئاسة مع توقع عدم انتخاب رئيس في وقت قريب؟

عن توجيه الدعوة من قبل رئيس المجلس، قال الخبير الدستوري ورئيس مؤسسة JUSTICIA المحامي الدكتور بول مرقص في حديث لـKataeb.org: "إن المهلة هي شهران على الأكثر وشهر على الأقل، أي في غضون أيلول وتشرين الأول يجب أن يكون الرئيس نبيه بري قد وجّه أكثر من دعوة، مشيرًا إلى أن المواد 49 و73 و74 و75 من الدستور واضحة وهي تنصّ على دعوة المجلس من قبل رئيسه، وإلّا فإنه يتداعى في الأيام العشرة الأخيرة حُكمًا دون حاجة إلى دعوة رئيسه إذا تخلّف هذا الأخير عن دعوته".

وعن الفراغ في سدة الرئاسة، رأى مرقص أن ليس هناك من فراغ بل تفريغ بالمعنى المقصود، لأن النصوص تربأ الفراغ، لافتًا إلى أن الدستور ينظّم عملية انتقال صلاحيات الرئيس وكالة إلى مجلس الوزراء بمقتضى المادة 62 من الدستور حتى لا تنقطع أواصر الحكم ولضمان استمرارية المؤسسات الدستورية".

وعن تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، وما إذا كان يعتبر ساقطًا بعد 31 تشرين بغض النظر عن انتخابات الرئاسة، لفت مرقص إلى أن الأمر يطرح إشكالية قانونية، باعتبار أن النص الدستوري لا يجيب عنه على نحو صريح ومباشر، مشيرًا إلى أن تكليف رئيس مجلس الوزراء مستمد من الإرادة النيابية وليس رئيس الجمهورية إلّا مَعبَرًا لهذه الإرادة ولا شأن له بتعديل هذه الإرادة، فهو ينقلها بأمانة بدليل أن النصّ يلزم رئيس الجمهورية بالاستشارات النيابية الملزمة أولًا، وثانيًا بأن يُطلع نتائجها رسميًا لرئيس مجلس النواب، وقد حصل بأن كلّف عدد من النواب في الحقبة الماضية رئيس الجمهورية السابق إميل لحود بأصواتهم إبّان ترشيح رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري وثارت الثائرة يومها، وبالتالي فإن التكليف هو نيابي ولا علاقة لتغيير رئيس الجمهورية به طالما الإرادة النيابية قد عبّرت عمّن تريده".

أضاف مرقص: "النظرية الثانية تقول إن على رئيس الجمهورية أن يتعايش مع رئيس السلطة التنفيذية وبالتالي لا يمكنه أن يُلزَم بما ورثه من تركة العهد السابق من حيث تسمية رئيس الوزراء"، وأردف: "أنا ميّال للرأي الأول لأنه أكثر أمانة لروحية الدستور بعد الطائف، أي إن رئيس الجمهورية لم يعد هو الذي يسمّي رئيس الوزراء بل الإرادة النيابية".

وعمّا إذا كان مجلس النواب يستطيع التشريع خلال مدة الشهرين بعد تحوّله إلى هيئة ناخبة قال مرقص: "يتحوّل إلى هيئة ناخبة بمقتضى المادة 75 من نظام مجلس النواب فقط عندما يلتئم، وبالتالي طالما لم يلتئم لا يتحوّل إلى هيئة ناخبة، فيظل هيئة باستطاعتها التشريع طالما أنه لم يلتئم وإن كان قد دُعي سابقًا من قبل رئيس مجلس النواب، إلّا أنني لا أحبّذ أن يدعو رئيس مجلس النواب إلى جلسة انتخابية ومن ثم إلى جلسة تشريعية، بل يجب أن يفتح دورات متتالية انتخابية وبالتالي أن ينقطع المجلس النيابي عن التشريع طالما دُعي للانتخاب وهذا هو التفسير الآمن للنصّ، لكن إذا أراد بري ألّا يدعو إلى جلسة انتخابية وإن كنا قد دخلنا مهلة الشهرين فيظل باستطاعة المجلس النيابي التشريع".