المصدر: نداء الوطن
الكاتب: راكيل عتيِّق
الاثنين 18 كانون الاول 2023 07:44:54
«قائد الجيش العماد جوزاف عون لا يستحقّ أن يُمدّد له، فهو خان الأمانة وهو عنوان لقلّة الوفاء». هذا الاتهام الذي وجّهه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى قائد الجيش، ليس مفاجئاً، فهو يأتي في إطار سلسلة من الاتهامات والاستهدافات التي يشنها باسيل على العماد عون، منذ سنوات، وخصوصاً بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون.
لا خلاف شخصياً بين باسيل وقائد الجيش كما ليس هناك اي إشكال، بل معركة من طرفِ واحد منذ تسلّم العماد جوزاف عون قيادة الجيش خلال العام 2017، فعون بالنسبة إلى باسيل «راسو كبير» ولا يردّ على أحد ولم يكن يحبّذ تعيينه على رأس المؤسسة العسكرية. أحداث كثيرة توالت وعزّزت «مشكلة» باسيل مع قائد الجيش، أبرزها «حادثة قبرشمون»، قبل الوصول إلى تاريخ 17 تشرين الأول 2019.
لم يعدم رئيس «التيار» وسيلة أو مناسبة لمهاجمة قائد الجيش وتشويه صورته والضغط عليه، واتهمه بأنّه «قائد الانقلاب» في 17 تشرين ونفّذ انقلاباً على العهد ورئيسه وكان متفرجاً. لكن للمفارقة، انّ رئيس العهد الذي تحدّث عنه باسيل، أي العماد ميشال عون، اعتبر في كلمة ألقاها أمام السلك الديبلوماسي، في كانون الثاني 2020، أنّ «الجيش تعامل بحكمة كبيرة مع هذه الحركة الشعبية...».
العماد جوزاف عون عُيّن قائداً للجيش في عهد الرئيس عون بحسب إرادة الأخير، على رغم رفض باسيل وقوى سياسية أخرى، فعزّز الرئيس السابق عرف اختيار رئيس الجمهورية لقائد الجيش. وللمفارقة أنّ باسيل يتجاهل هذا العرف الآن. علاقة الرئيس عون بالقائد عون كانت جيدة وتتميّز بالاحترام المتبادل، إلى أن دخل باسيل و»خرّبها»، بحسب مصادر مطّلعة على العلاقة بين الرجلين. وفي مرحلة 17 تشرين، كان هناك «جو» بأنّ باسيل و»العونيين» يريدون من الجيش أن يفتح الطرقات بالقوة، علماً أنّ هذا يسيل دماء كثيرة. قائد الجيش اختار أن يتعامل مع هذه المحطة بـ»حكمة»، كما تعامل مع كلّ الملفات منذ تعيينه قائداً للجيش، بحسب مؤيدين له، لذلك «يِحكوا اللي بدّن اياه، ما رَح يردّ». مع الإشارة، إلى أنّ كثيرين اعتبروا آنذاك، أنّ الجيش والقوى الأمنية تعاملوا بـ»قوة» مع المتظاهرين في أكثر من منطقة، وصدرت تقارير إنسانية وحقوقية عدة «تدين» هذا التعامل.
لكن بمعزل عن «توصيف» تعامل الجيش مع مرحلة 17 تشرين، يسأل البعض: لماذا لم يواجه الرئيس عون القائد عون آنذاك أو بعد انتهاء تلك المرحلة؟ لماذا لم يفرض الرئيس عون على قائد الجيش فتح الطرقات بالقوة، إذا كان هذا ما يراه مناسباً، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة أي قائد «قائد الجيش»؟
لماذا لم يدعُ الرئيس عون المجلس الأعلى للدفاع، بصفته رئيسه، إلى الانعقاد ويُطالب بفتح الطرقات بالقوة؟ ومن اللافت في مراجعة لتلك المرحلة، أنّ المجلس الأعلى للدفاع لم ينعقد بين 27 آب 2019 و15 آذار 2020. لماذا لم يطرح الرئيس عون لاحقاً بند إقالة قائد الجيش لمحاسبته على «الانقلاب»؟ علماً أنّ حكومة الرئيس حسان دياب، كانت «ممانعة» مئة في المئة، وكان يُمكن لعون بصفته رئيساً للجمهورية الذي يختار قائد الجيش الذي يأمن له ويلائم توجهاته، وانطلاقاً من صلاحية طرح ما يريد على مجلس الوزراء، ومن أنّه «سمّى» وزراء في الحكومة، ومن أنّه حليف لـ»حزب الله»، أن يفرض إقالة قائد الجيش آنذاك.
فلماذا امتنع العماد ميشال عون عن مواجهة العماد جوزاف عون؟
بحسب مصادر متابعة لتلك المرحلة، هناك نظريتان: إمّا أنّ الرئيس عون كان مقتنعاً بأنّ ما قام به قائد الجيش هو «الصواب» وبالتالي ما من سبب لمواجهته أو محاسبته، وإمّا أنّ الرئيس عون كان مقتنعاً بما كان يُسوّقه «العونيون» حينها بأنّ التظاهرات مموّلة من السفارات، لا سيما منها السفارة الأميركية وأنّ قائد الجيش يرضخ لطلب تلك السفارات بعدم فتح الطرقات بالقوة. وبالتالي يكون الرئيس عون اختار عدم مواجهة «الأميركيين» وليس عدم مواجهة قائد الجيش، لأنّه لا يريد «مشكلة» مع واشنطن، والآن يريد باسيل «مقاصصة» قائد الجيش لأنّه لم «يُواجه» عن الفريق الذي عيّنه، ولقطع طريق الرئاسة عليه قبل أن تقطع رئاسة العماد جوزاف عون طرقات عدة على باسيل.