"السحسوح" يتمدد من الضاحية إلى شمال سوريا

نشرت وسائل إعلام تركية وصفحات في مواقع التواصل، مقاطع فيديو يظهر فيها سوريون، من بينهم أطفال، وهم يقدمون اعتذاراتهم للشعب التركي ويتحدثون عن ندمهم، بعد مشاركتهم في احتجاجات ومظاهرات ضد العنصرية التركية التي تستهدف اللاجئين السوريين في تركيا.

وأعلن جهاز الاستخبارات التركي، الجمعة، اعتقال 3 شبان قال أنهم من "المحرضين الذين استهدفوا العلم التركي" في شمال سوريا التي شهدت مظاهرات واحتجاجات على الاعتداءات العنصرية التي تعرض لها السوريون في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية.

ونقلت وكالة "الأناضول" الرسمية عن مصادر أمنية تركية، أن جهاز المخابرات بالتعاون مع وزراتي الداخلية والدفاع التركيتين، "أطلق عملية لتوقيف المحرضين الذين استهدفوا العلم التركي وقوات الأمن التركية شمالي سوريا".
 
وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن فصائل "الجيش الوطني" المقربة من تركيا، ساهمت في العملية، فيما نقلت القوات التركية المعتقلين إلى الأراضي التركية. وتم التعرف على "المتهمين" عبر إعادة مشاهد التقطتها كاميرات التصوير، فيما أعلنت فصائل "العمشات" و"فرقة الحمزة"، وهي ميليشيات محلية، عن مساندتها لحملة الاعتقالات، ونشروا قواتهم في منطقة عفرين.

وأوضحت المصادر أن العملية أسفرت عن اعتقال شاب استهدف العلم التركي في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن الشاب أعرب عن ندمه لاستهداف العلم، وقدّم اعتذاره للشعب التركي.

وقال ناشطون سوريون أن مقاطع الفيديو التي ظهر فيها سوريون وهم يعتذرون، وخلفهم العلم التركي، كانت تحت الإكراه. ومن بين المعتقلين الذين ظهروا، شخصين يقيمان في مدينة إدلب حيث قامت "هيئة تحرير الشام" الجهادية بتسليمهما للاستخبارات التركية، بعد ظهورهما بشريط مصور وهما يحرقان العلم التركي في شارع الجلاء بمدينة إدلب.

وأظهر أحد الأشرطة المصورة طفلاً يعترف تحت الضغط والترهيب بحرق العلم التركي، وتقديم الاعتذار للشعب التركي وتقبيل العلم.
 
ولاقت الأشرطة المصورة المتداولة موجة استياء شعبية واسعة بين سكان الشمال السوري، الذين اعتبروا ذلك محاولة من قبل الاستخبارات التركية والفصائل الموالية لها لتركيع وإهانة وإذلال السوريين المعارضين للوجود التركي في الشمال السوري والإساءة لهم، لإرضاء "العنصريين" الأتراك، وانتقاماً لخروجهم بمظاهرات منددة بما يرتكب بحق اللاجئين السوريين في تركيا من اعتداءات عنصرية.

وأعادت هذه المشاهد إلى الأذهان ما كانت تفعله أجهزة النظام الأمنية بحق المعتقلين في بدايات الثورة السورية من إجبارهم على الظهور معلنين ندمهم على المشاركة في المظاهرات السلمية التي خرجت بوجه النظام السوري.

كما يشبه الأمر "السحسوح" في لبنان، وهو التسمية الشعبية للضغوط التي يتعرض لها الناشطون والفنانون والصحافيون، أسوة بفيديوهات الاعتذار التي ظهرت قبل سنوات إثر قيام مجموعة من سكان حي السلم بشتم ومهاجمة أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، بعدما هدمت الدولة مخالفاتهم، ليخرجوا بعد يوم واحد فقط للإعتذار من "كعب صباط السيد" ويعلنوا ولاءهم للقضية والنهج.

وصباح السبت، انتشرت صور لوزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، الذي زار ولاية قيصري التي شهدت الاعتداءات العنصرية ضد السوريين طوال الأسبوع، لكنه اكتفى بلقاء المواطنين الأتراك، من دون زيارة الضحايا السوريين أو مجتمعات اللاجئين السوريين عموماً، ما أثار انتقادات إضافية.