المصدر: النهار
الكاتب: يحيى شمص
السبت 25 كانون الثاني 2025 14:30:41
لا يزال دور "حزب الله" ومستقبله يرتبط بجدلية وجدوى السلاح، ومساهمته في حماية لبنان كما يقول، وأيضاً بـ"تحرير القدس" وفق عقيدته.
ما إن هدأت المعارك جنوبي لبنان ومع سقوط النظام السوري وانحسار التمدد الإيراني، ارتفعت الأصوات المعارضة لبقاء السلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية، بعد استفراد الحزب بقرار السلم والحرب وهزيمته وسقوط شعار "السلاح لحماية لبنان"، وفق معارضيه، ما فاقم الجدل حول "النصر والهزيمة" ودفع أكثر نحو محاولة إيجاد حل نهائي لمصير السلاح.
يتحدث متابعون عن تغير جزئي في خطاب المقربين من الحزب لجهة خياراته وتوجهاته مع مقتضيات المرحلة الجديدة، بتكرار الحديث عن الدولة كمرجعية وحيدة. في حين يشكك معارضون بنوايا قيادته ومشروعه الداخلي باعتبار أن الحزب لن يبدل من خطابه السياسي الذي يرتكز أساساً على قوة السلاح، وهو الآن ليس بوارد التخلي عن أي مكتسبات داخلية بعدما تلقى ضربات عسكرية قاسية، أنهكته.
فهل يبقى السلاح الشعار الوحيىد لمؤيدي"حزب الله"، وما البديل، والسؤال الأهم وهل ينجح في استقطاب وجذب مؤيدين جدد لدى البيئة الشيعية؟
الكاتب والناشط السياسي يوسف مرتضى يرى أن "لتمترس المؤيدين خلف حزب الله وتحديداً في حرب 2006، ما يبرره، خاصة الجنوبيون، الذين دمرت إسرائيل منازلهم أكثر من مرة، ثم ما عاشوه من استقرار وبحبوحة بعد إعادة بناء ما دمرته حرب 2006، وحالة الاستنهاض التي شهدها الشارع الشيعي بعد "اليوم المجيد" في السابع من أيار عام 2008، وتمكّن الثنائي الشيعي بضوء ذلك مع حليفه في تفاهم مار مخايل من فرض اتفاق الدوحة بما تضمنه من معادلة مناقضة للدستور، الديمقراطية التوافقية وحكومة الوحدة الوطنية".
هذه التطورات، يؤكد مرتضى في حديثه لـ "النهار"، أنها "زادت من قناعة أتباع حزب الله وجمهور الثنائي اعتبار التمسك بالسلاح أمراً مقدساً، وأدى الى منع الثنائي من انتخاب رئيس للجمهورية لسنتين ونصف السنة وفرض انتخاب ميشال عون رئيساً".
ويذكر مرتضى بمرحلة "الاغتيالات التي طالت أشخاصاً حصراً من الفريق المناهض لحزب الله، وبقاء سطوة الثنائي على مفاصل الدولة الأساسية بما في ذلك على السلطة القضائية، وسط انتعاش في كل لحظة في وعي مؤيدي الحزب والثنائي على أهمية ذاك السلاح ودوره في هذه السطوة".
هل يبقى السلاح بعد الحرب؟
كان لنتائج الحرب الأخيرة تداعيات كبيرة قللت كثيراً من أهمية وأولويات شعار السلاح، بعدما تبين "فشل معادلة الردع بمواجهة العدو الإسرائيلي التي طالما تغنى بها "حزب الله" وجعلها حجة دامغة بيد جمهوره للتمسك بالسلاح".
أما بالنسبة لقيادة الحزب، يشير مرتضى الى أن "حزب الله لا يزال يعتبر التمسك بالسلاح أمراً ضرورياً طالما أن الجيش اللبناني لا يمتلك القدرات على مواجهة العدو، لكن حجة قيادة الحزب بذلك سوف تتراجع تدريجياً عند الرأي العام الشيعي بما في ذلك عند جمهور الحزب، بالإضافة إلى فشل توازن الردع مع العدو. وقيادة الحزب ملزمة بتنفيذ القرار الأممي 1701، فضلاً عن أن أولويات الشيعة اليوم هي إعادة بناء بيوتهم وليس التمسك بشعار السلاح".
يتطابق موقف مرتضى مع موقف الكاتب قاسم قصير لجهة أولوية إعادة الإعمار ضمن اهتمامات جمهور الحزب وبيئته، وتركيز الحزب حالياً على "الإعمار وتحقيق التنمية وإقامة دولة العدالة والمواطنة".
يرفض قصير الحديث عن رفض "حزب الله" قيام الدولة، مؤكداً أن "حزب الله" لديه مشروع متكامل لإقامة الدولة وتم عرضه في الوثيقة السياسية عام 2009، وهو يريد تحقيق العدالة".
ويقول قصير لـ "النهار": "الحزب بدأ يؤكد خلال الحرب أنه يدعو لتطبيق اتفاق الطائف وهو يعطي فرصة للدولة والجيش لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، والسلاح كان بهدف التحرير والمقاومة ومواجهة المجموعات الإرهابية، وأنه على ضوء ما سيحصل في 27 كانون الثاني /يناير سيحدد الحزب موقفه".
ويربط قصير موافقة الحزب في البحث عن دور ومستقبل السلاح باستراتيجية دفاعية وطنية جديدة، وبقيام الدولة والجيش بدورهما لتأمين الحماية والتحرير".
رمزية السلاح؟
"استناداً إلى جوهر التشيع المبني على فكرة الفداء ومبدأ الدفاع عن المظلومين برّر الشيعة حمل السلاح لمواجهة الظلم". هذا ما يقوله الناشط هيثم الشميساني، متحدثا لـ"النهار" عن "رمزية حمل السلاح عند الشيعة من منظور ديني وتاريخي واجتماعي، كأداة للدفاع عن النفس ومواجهة الظلم".
يرى الشميساني أن "حزب الله أسس لمفهوم الجهاد الشامل الذي اعتبر فيه حمل السلاح واجباً دينياً على المؤيدين، واستناداً إلى مبدأ ولاية الفقيه، ترسخ لديهم مفهوم طاعة الفقيه في حمل السلاح كواجب ديني أيضاً. كما أن الثقافة الشعبية المتجذرة في المذهب، والقائمة على فكرة الانتقام لأهل البيت، ساهمت في تبرير العديد من الثورات والانقسامات بين فكرتي التمهيد والانتظار".
لكن التغيرات الجارية في لبنان والمنطقة، خاصة بعد الحرب الأخيرة، دفعت بعض الشباب الشيعة، سواء كانوا مؤيدين أو غير مؤيدين لفكرة السلاح، إلى تبني أكبر للمشاركة في الحياة السياسية وإحداث تغيير يلبي طموحاتهم.
ما البديل عن شعار السلاح؟
"لا يمكن اختصار حزب الله بالسلاح". هذا ما يقوله الكاتب السياسي حسن الدر، رغم أن السلاح كان أساس الانطلاق في مقاومة إسرائيل، مشيراً الى أن "حزب الله هو اليوم من أكبر الاحزاب في لبنان والمنطقة وله عقيدة متماسكة وممتدة ومستمرة".
ويقول الدر لـ"النهار": "السيد حسن نصرالله كان يردد شعار بناء الدولة القوية والقادرة والعادلة واذا توفرت شروط الدولة والجيش القوي الذي يحمي الجنوب وكل لبنان ينتفي سبب وجود السلاح، ولكن هذا لا يعني أيضاً عدم القدرة على جذب الجمهور أو الاحتفاظ بالجمهور العريض إذا لم يكن هناك سلاح".
لكن الدر يؤكد أيضاً أنه "من المبكر حالياً الحديث عن موضوع السلاح"، متسائلاً عن جدية التزام إسرائيل بالهدنة".
وبشأن دور "حزب الله" في حال تخليه عن السلاح، يعتبر الدر أنه "في حال بناء الدولة القوية القادرة، يمكن أن يبقى حزب الله دون سلاح، ولديه كثير من العناوين السياسية وله دور في بناء العلاقات الاجتماعية وتطوير المجتمع ولديه أيضاً مراكز أبحاث ودراسات ومدارس وجامعات ومراكز خدمات، لذلك لا يمكن اختصار الحزب بالسلاح وبدور السلاح، وهو حزب مثله مثل باقي الأحزاب اللبنانية".