الصايغ: وثيقة بكركي تؤكد التمسك بالمشتركات والمسلّمات الوطنية كأفضل رد على الفرض والهيمنة

تواجه "وثيقة بكركي"، التي صاغتها أطراف سياسية مسيحية في لبنان، تحديات كبيرة لتطبيقها واعتمادها كنقطة ارتكاز لتثبيت هوية لبنان وتخليصه من سياسة المحاور الإقليمية.

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية أنّ سلاح ميليشيا "حزب الله" يمثّل التحدي الأبرز لتبني الوثيقة وتطويرها إلى "ورقة وطنية" تمثل كل اللبنانيين وترسي الاستقرار في البلد.

وكانت تلك التحديات محور اجتماع حضره ممثلو أحزاب مسيحية باستثناء "المردة" بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

واتفق الحاضرون في بكركي على وضع مسودة ما اصطلح على تسميتها مسبقًا "وثيقة بكركي" التي أعدّها المطران بو نجم بناء على مشاورات سابقة مع الأحزاب المسيحية، وأبدى كل طرف ملاحظاته عليها.

المحاور وحصرية السلاح

وتشمل الوثيقة بنودًا وطنية، كحياد لبنان وعدم ربطه بأي محور أو أي ساحة من الساحات المشتعلة، وحصرية السلاح بيد الدولة، وخطر السلاح غير الشرعي اللبناني وغير اللبناني، بالإضافة إلى تطبيق القرارات الدولية لاسيما القرارين 1701 و 1559.

كما تشمل الوثيقة اعتماد اللامركزية الموسّعة ووضع ميثاق شرف بين المسيحيين أوَّلًا ثم مع الأفرقاء الآخرين. وتنبّه الوثيقة إلى تراجع الحضور المسيحي في القطاع العام وبيع أراضيهم، والنزوح السوري، وتوطين الفلسطينيين والفساد وتأخير الإصلاح.

وأكدت مصادر حزب الكتائب اللبناني لـ "إرم نيوز" أنّ "اجتماع بكركي "سادته الإيجابية والتوافق الكبير بين المشاركين حول المواضيع المطروحة كافة، لا سيما حول ضرورة الإستراتيجية الدفاعية، وحصرية السلاح، وتنفيذ كل القرارات الدولية، وضرورة طمأنة كل اللبنانيين حول مستقبلهم في كنف الدولة والهوية والقيم المشتركة".

وتابعت المصادر أنه "تم تبنّي مواقف البطريرك بشكل واسع". وعن موقف التيار الوطني الحر من القرار 1559، أكدت المصادر أن "التيار، وبعد نقاش، تبنّى كل القرارات الدولية ومن دون تحفظ مع وضع خريطة طريق للإنقاذ وإستراتيجية دفاعية واضحة".

ونفت المصادر أن تكون الوثيقة طرحت الملف الرئاسي، وقالت "إن الوثيقة تريد ورقة مسلّمات على أساسها تتم الشراكة في البلد وتلزم سياسيًّا وأدبيًّا أيّ رئيس".

وعلّق النائب في حزب الكتائب اللبنانية والوزير السابق الدكتور سليم الصايغ على أهمية الوثيقة قائلًا: إنّ "وثيقة الإخوة الإنسانية التي وقّعها الحبر الأعظم وشيخ الأزهر أرست مبادئ التلاقي بين أتباع الديانات السماوية، وما يطمئن المسيحيين والمسلمين القيم المشتركة التي ترسي مفاهيم التسامح والمحبة وتعممها على جميع الديانات."

وتابع في تصريح لـ "إرم نيوز" أنه "لا بدَّ لهذا النموذج أن يُعمّم انطلاقًا من بلدان لها أفضل التجارب في هذا المجال، ويأتي لبنان بمسيحييه ومسلميه تجسيدًا حيًّا لهذا التلاقي رغم غياب الدولة الناظمة وسيادة القانون، ما يدل على متانة إرادة العيش معًا التي لا بدَّ من تعزيزها وحسن تطبيقها عبر إدارة أفضل للتنوع الثقافي والتعددية السياسية".

وأضاف الصايغ أنّ "الوثيقة مهمّة إذا أرادت بكركي لها ذلك وإذا ما صَفَت نية واضعيها، أما الأهمية السياسية فهي بتوحيد وإظهار المشتركات التي تهمّ المسيحيين واللبنانيين، وأفضل ردٍّ على التطرف الذي يصادر الهوية اللبنانية هو إظهار الفكر المعتدل والوسطي الذي يجمع المسيحيين الذين لديهم قوة الدفع التاريخية والحاضرة لجذب كل مكونات الوطن نحو كلمة سواء تؤسس للبنان الجديد" وفق قوله.

وردَّا على سؤال حول فرضية أن تواجه الوثيقة تحديات سياسية أجاب الصايغ أنّ "التحديات السياسية هي محاولة تخطي ميثاق العيش معًا وفرض الفكر الأحادي وتقسيم المسيحيين عبر استعمال كل وسائل الإغراء والتمييع من أجل فرض وترسيخ عقلية المزرعة والفساد والخنوع والتسليم بالأمر الواقع الرديء واللجوء إلى نهج التحاصص والتقاسم من حساب المواطن وعليه".

وأردف أنّ "التمسك بالمشتركات والمسلّمات الوطنية الواردة في الوثيقة تشكّل أفضل رد على من يسعى إلى فرض هوية مستعارة على لبنان".