الصايغ: الحصانة السياسيّة تغطي الفاسدين والتشريعات موجودة لاسترجاع الأموال المنهوبة

ويؤكّد أنّ القضاء اللبناني ليس بقضاء عُرفي بل هو من الأفضل في الدول الديموقراطية. ويرى أنّ المشكلة هي في عدم استقلالية القضاء وذلك بسبب توارث لبنان بعض الممارسات القضائية عن فرنسا التي تعاني من «شدّ حبال» دائم بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل بنتيجة طرق التعامل القائمة بين القضاء الفرنسي والسلطة التنفيذية. كذلك في لبنان، حيث تتم التعيينات والتشكيلات القضائية على سبيل المثال، بموجب مرسوم يصدر عن وزير العدل الذي يرفعه أو لا يرفعه بحسب الأهمية إلى مجلس الوزراء. وبحسب الصايغ، إنّ استقلالية القضاء تتحقق من خلال إلغاء مادّة من القانون العدلي، لتحرير التشكيلات من السلطة التي تُخضعها للمحسوبيات والمحاصصة، فبالنتيجة القاضي لا يخضع إلا لمجلس القضاء الأعلى ويجب أن يكون مستقلا تمامًا لكونه سلطة موازية للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

ويعتبر الصايغ، بعد استقلالية القضاء تنطلق عمليّة مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، فهو أمر غير مستحيل، إذ هناك معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من العام 2005، والتي ترعى إمكانية مكافحة الفساد، وهناك تشريعات أخرى تتعلّق بمكافحة تبييض الأموال ومكافحة أي احتمال لتمويل المنظمات والعصابات غير الشرعية، كما يُمكن إبرام اتفاقيات ثنائيّة بين الدول تسمح بالدخول إلى الحسابات في الخارج لتجميدها واسترجاعها إلى الوطن، كما حصل مثلا بين كينيا وسويسرا حيث أعادت سويسرا أموال كينيا المهدورة.

يشرح الصايغ أنّ عملية استرداد الأموال المنهوبة تتطلّب وقتاً وتكون على مراحل؛ من خلال التدقيق في الحسابات العامة وتحديد أماكن الهدر الحاصل، وبعدها يجب التحقيق في كل ما يتعلّق بالممتلكات العامة، ومن ثمّ تعقّب الممتلكات العامة المنهوبة عبر محققين رسميين أو عبر شركات تحقيق خاصة. وبرأيه أنّ سارق وناهب مال الدولة «معروف»، فهو من تغيّر نمط حياته بعد تولّيه وظيفة عامة كنائب أو وزير وغيرها... لذا باستطاعة المحققين ملاحقة هذه الخيوط وإجراء تعقّب لبناني محلّي ضمن التشريع والقوانين اللبنانية، فلبنان يملك من التشريعات ما يكفي لمحاربة الفاسدين. ويشدّد الصايغ أنّ ما يقف عقبة بوجه القضاء هي الحمايات السياسية، إذ لا حصانة على الوزراء والنواب السابقين إلا الحصانة السياسية، وهذا ما يفسّر إستدعاء القضاء لوزراء ولسياسيين كبار في الدولة من دون أي تقدّم ومتابعة لملفّاتهم فيما بعد.

ويختم الصايغ قائلا: «لطالما هناك نبض عند الناس وتعطّش للعدالة ولطالما هناك دعوة دائمة للتغيير فلا بد من أن تتصحّح الأمور عبر مكافحة جدّية للفساد وليس كما نشاهد اليوم من كلام إنشائي لا أثر له في أرض الواقع».