المصدر: Kataeb.org
الأربعاء 6 كانون الاول 2023 10:24:52
رأى النائب الدكتور سليم الصايغ أن لبنان يفقد وللأسف شيئًا فشيئًا مقوّمات الدولة، فالدولة اللبنانية تعلن أن لا شأن ولا سلطة لها بهذه الحرب، وهكذا تعترف بطريقة واضحة أمام كل دول العالم أنها لا تستطيع السيطرة على أراضيها، مما يعني فقدانها مقوّمات الدولة الحديثة وهذا الأمر ينعكس على الوحدة الوطنية.
وفي حديث عبر suroyo tv مع الاعلامية رانية زهرة شربل، إعتبر الدكتور الصايغ أن لبنان اليوم منقسم بين من يؤمن بالدولة ومن لا يؤمن بها، وبين من يريد هذه الحرب ومن لا يريدها، وبين من يريد مناصرة القضية الفلسطينية على حساب لبنان ومن لا يريد السماع بها على أهميتها.
أضاف: "نرى اليوم أن هناك لبنانَين، وهذا الأمر يتحمّل مسؤوليته الفريق الذي لا يعترف بالدولة والتي من المفترض أن تقوم بتأمين الإنتظام لكل شيء في البلد".
وأوضح الصايغ ردًا على سؤال أن الناس تنسى انه من العام 1969 الى حين خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان في العام 1982، سقط 100 ألف قتيل في لبنان، وهذه فاتورة دفعها الشعب اللبناني نتيجة الصراع "اللبناني- الفلسطيني" والتي تسمى زورًا الحرب الأهلية لأن اليسار اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطيني والاسرائيلي كان لهم مصلحة مشتركة ولأسباب مختلفة بإضفاء صفة "الاهلية" على تلك الحرب من دون اي صفة اخرى بينما الحرب الاهلية هي لون من ألوان مختلفة لهذه الحرب كما يذكرنا الراحل الكبير غسان تويني الذي حددها "بحرب الآخرين في لبنان" وانا اؤيد بالكامل هذا الطرح".
وأردف: "نحن اليوم نريد ان نذّكر ان تلك الحرب التي كلفت لبنان ما كلفته، هي حرب بين محاولة الفلسطينيين السيطرة على لبنان من خلال مخيماتهم المدججة بالسلاح وبين فريق كبير من اللبنانيين لا يريد شيئا سوى الدولة اللبنانية ، وهذا الموضوع أنتهى، ما قبل طوفان الاقصى وما بعد بعد طوفان الاقصى ، ولن نقبل بعودة الزمن الى الوراء، تحت اي ذريعة او حجة"
وذكّر أن حزب الكتائب كان رأس حربة بمنع توطين الفلسطينيين في لبنان وأجرى مصالحة تاريخية معهم بعقده لقاء في بيت الكتائب عام 2008، مشيرًا إلى أن الفلسطيني اعترف في ميثاق بيروت بالأخطاء التي ارتكبها في لبنان.
ولفت الى اننا عرفنا أن الطريقة المهمة لمساندة قضايا العالم هي بمساعدة أنفسنا وبأن نهتم بالقضية اللبنانية وبعدم طغيان فريق على الآخر، اما القضية الفلسطينية فهناك رابط قومي معها ولكن علينا الا نذهب بهذا التعاطف مع قضيتهم الى حدود الانتحار، فلبنان حل به الانهيار، عاصمته دُمّرت وتمت مصادرة قراره وبالتالي مقومات دولته بخطر.
ورأى ان فتح الجبهات هو جريمة بحق لبنان، وعلينا حفظ بيتنا بالاساس وهكذا نساعد القضية الفلسطينية، وهذا ليس تمريرًا للعدو ولطروحاته او استسلامًا، فبيروت هي منبر للحريات وتاريخيًا بيروت هي التي حملت القضية الفلسطينية امام المحافل الدولية.
وقال الصايغ: "لا اريد رؤية بيروت منصة للصواريخ".
وسأل: "هل القضية الفلسطينية اليوم بحاجة الى منصة صواريخ من لبنان، أم هي بحاجة الى منصة مواقف داعمة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وبالحصول على دولة مكتملة المواصفات؟"
وقال: "نحن نتكلم عن اي لبنان نريد عندما نتكلم عن الهوية اللبنانية."
وسأل الصايغ : "ما هوالوطن اللبناني؟ موضحا" ان هناك الواقع وهناك المرتجى، الواقع هو محاولة فريق فرض رأيه على الاخر عبر الاحادية ومصادرة القرار الوطني، والمرتجى ان يكون لدينا تنوع غني ضمن وحدة حقيقية جذابة تتوافق على سياسة خارجية واحدة تقول بحياد لبنان ".
وتابع: "انا المتشّرب بالقضايا الانسانية والعالمية كلها ، لأنني قبل اي شيء آخر ملتزم بالقيم السامية العلمانية المدى، اقول أن قضية الشعب السوري تهمني، كذلك قضية الشعب الاوكراني والقضية الفلسطينية وغيرها، إذ ان قضية الحرية والعدالة والتضامن في كل مكان هي كل لا يتجزأ، وهكذا اكون لبنانيا" يحمل رسالة الاخوة الانسانية الى الامم، هذا بالعمق معنى لبنان الرسالة من دون اي تقييد سياسي وحسابات مصلحية، فهل هو ممنوع ان نتكلم ونناصر ونعمل على لعب دور الساعين دائما الى السلام والعدالة؟ ان نتكلم ونأخذ موقفا" ونتحرك سياسيا" شيء وان نحول أنفسنا وقودا" لحروب الآخرين شيء آخر. كل ما نريده هو المحافظة على لبنان المُثقل بالسيئات ولكنه ايضا غني جدا بالحسنات واهمها الحرية التي لا يعادلها شيء، والتي كفلها الدستور والتي بذلنا كل شيء للمحافظة عليها.
وأضاف النائب الصايغ، إن عدنا الى تصريحاتنا في الماضي كنا نقول ان لا حل اقتصادي ومالي او تجاري في هذه المنطقة طالما ان الحل السياسي وعنوانه الدولة للفلسطينيين غير موجود.
ورداً على سؤال، اعتبر أن الفلسطينيين يتحملون مسؤولية كبيرة نتيجة الإنقسام الداخلي الفلسطيني الذي أضعف قضيتهم، كما وأن ربط حماس بإيران أفقدها اي دعم دولي ، وقال: "إعطاء صبغة دينية لهكذا قضية لم يخدمها أبدا واليوم تتحول الامور الى مسار قومي لا ديني وهذا تطور ايجابي لصالح مشروع الدولة الفلسطينية".
مشددا على "أن خطاب الكراهية الإسرائيلي بلغته الانتقامية يضاعف من أثر الجرائم الفظيعة في غزة مهما كان التبرير الذي يستعمله المسؤولون الاسرائيليون، خطاب الكراهية يؤدي الى نمطية سلبية من الصعب تغييرها فيما بعد وبالتالي كيف لإسرائيل ان تتعايش في المستقبل مع شعب حولته بالكامل الى "شعب ارهابي" حسب توصيفها؟ في عز الحروب يجب العمل على بناء مقومات العدالة والسلام وبالتالي احترام الاعداء لبعضهم لأنهم محكومون أيا كانت النتيجة بالذهاب الى السلام، والخطير ان لا احد يجرؤ على التحضير لإستعادة المبادرة لرسم حل دائم ومستدام".
ورداً على سؤال حول الانقسام الحاصل في الداخل الاسرائيلي، قال الصايغ: "طبيعة النظام الاسرائيلي تتضمّن مراقبة ذاتية داخلية وتتعرّض السلطة للمساءلة والنقاش، وفي الكثير من الأحيان تمت الإطاحة بحكومات إسرائيلية بعد حروب شنّتها، من هنا نتأكّد أن رئيس الحكومة لا يستطيع التفرّد بقرار السلم والحرب، وخاصة في ظل الخطر الذي يهدّد اسرائيل داخليا وخارجياً، ومع التطوّر في الأسلحة وتوسع رقعة الحرب والتي لم نرى لها مثيل سوى في الحرب العالمية الثانية، وإصرار فريق ما على القضاء التام على فريق آخر، فالاسرائيلي لا يتصور الخروج من هذه الحرب منكسراً، فنؤكد أنه ان لم يكن نتنياهو لكان أي رئيس وزراء أخذ خيارات مماثلة ".
واعتبر الصايغ ان لا وضوح للنتيجة في غزة، وقد يذهب الاسرائيلي الى عمليات أكبر تطال المناطق المجاروة منها لبنان وسوريا، وقال: "ما حصل في اليمن من ضرب مستودعات أسلحة خطير جداً ويشير الى حرب إقليمية أو عالمية ولو كانت محدودة جغرافيا".
واعتبر أن الكلام الديبلوماسي الذي نسمعه في غزة حول ضرورة الحفاظ على المدنيين ووقف اطلاق النار شيء، والتغطية السياسية الفعلية على الارتكابات على الأرض شيء آخر والذي يشير الى التوجه نحو توسيع الحرب والذي بدأ في الضفة الغربية وجنوب لبنان.
وحذر الصايغ من أن "التصدع الداخلي اللبناني مقلق وقدرة لبنان على التحمّل في حال دخلنا فعلياً في هذه الحرب ضعيفة جداً، فغزة وبالبنى التحتية التي تمتلكها قادرة على الصمود وتحمّل هذه المعركة، أما في لبنان فهناك رفض للإنجرار في الحرب، وأداء حزب الله السيء تجاه لبنان أفقده ثقة اللبنانيين وما حصل في العام 2006 لا يمكن أن يتكرر اليوم".
وعن خطابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة، سأل الصايغ: "من يحدّد المصلحة الوطنية الكبرى في لبنان؟ ولماذا يسعى نصرالله الى ربط مصير لبنان بغزة؟ ولماذا لا يستبدله بدمشق مثلاً؟ وهل بيروت قادرة على التحمّل بعد كل الأزمات التي مرّت بها وأكبرها تفجير مرفأ بيروت؟" مؤكداً أنه لا يمكن تحميل اللبنانيين نتائج قرار حزب الله ، فمعظم اللبنانيين يرفضون زج لبنان في هذه الحرب وربط مستقبلهم بمستقبل كل القضايا في المنطقة.
وتطرّق الصايغ الى الملف الرئاسي، لا سيما التعطيل الحاصل في البلاد قائلا": "في كل مرة يرفض فيها الثنائي تحمّل مسؤولية التعطيل في البلاد من عدم انتخاب رئيس للجمهورية الى التعطيل في مؤسسات الدولة، يرمي هذا المسؤولية على غيره خاصة على المسيحيين، وعندما اتفق هؤلاء على المرشح جهاد أزعور، قام الثنائي بتعطيل الجلسات وسقطت الأقنعة آنذاك، وأما اليوم فنرى "نغمة جديدة" في ملف قيادة الجيش اللبناني ومحاولة للتطاول على أشرف مؤسسة في البلد، وذنب قائد الجيش الوحيد هو انه لم ينغمس بفسادهم وحافظ على نزاهته، ولذلك يرفضه البعض ولا يريد التمديد له في هذه المرحلة الحساسة".
وأكّد أننا لا نريد المرشح الأكثر شعبية، بل نريد الرئيس القادر على طمأنة اللبنانيين وخاصة في هذه الظروف، وأن يتمتّع بالخبرة الكافية لإدارة المؤسسات وأن يحترم القانون، فيما الاتفاق الداخلي على رئيس للبلاد سيضع حداً لتدخّل الخارجي..
وعن اللقاء الأخير الذي جمع رئيس حزب الكتائب الاستاذ سامي الجميل مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، كشف الصايغ أن الأخير عبّر في زيارته عن موقف الدول الخمسة المهتمة بلبنان، كما وأنه عاد مقتنعًا بعدم السير في "تسوية مايعة"، وأن اليوم هي فرصة لبنان لإعادة تكوين ذاته عبر احترام القانون الدولي والقرارات الدولية واعتماد نوعاً من الحماية الدولية والذهاب نحو الحياد والنأي بالنفس والمحافظة على ما تبقى من مؤسسات الدولة لاسيما الجيش اللبناني، تمهيداً لمرحلة مقبلة يتحضّر خلالها لعقد مؤتمر للسلام وأن يكون لبنان حاضراً فيه بواسطة رئيس جمهوريته.
وشدّد على أن ضرورة ألا تكون الحلول في المنطقة على حساب التوازنات الداخلية ضمن الدول، لأنه إن حصل العكس سنكون أمام تأسيس لفتنة جديدة في لبنان.
وختم الصايغ بدعوة قوى المعارضة كافة الى التأهب والإستعداد للمواجهة انطلاقاً من انتخاب الرئيس المطلوب للجمهورية اللبنانية اليوم، مؤكداً الاستمرار بعدم القبول بسياسة الفرض.