الصايغ: نطالب بعدم تسييب الحدود وضبط الفلتان الأمني والسلاح غير الشرعي وأصبح من الضروري إعلان جبهة المعارضة

أكد عضو كتلة الكتائب النائب الدكتور سليم الصايغ ان المهم في الحرب هو التصوّر للحدث، كاشفًا أن الضربة الإيرانية على اسرائيل لم تكن سهلة لأن الأهم من الصواريخ والأثر العسكري هو الأثر المعنوي الذي كان كبيرًا جدًا ولا يمكن تسخيفه.

وفي حديث لبرنامج "الحكي بالسياسة" عبر صوت لبنان 100.5، قال الصايغ: "الجرأة الايرانية كانت في كسر حاجز الخوف أو الردع لدى اسرائيل التي تمتلك مئات القنابل النووية وتنتمي الى الدول الأكثر تسلحًا في العالم ويُتّكل عليها في الحلف الأطلسي، من هنا تحركت منظومة دفاع الأطلسي للدفاع عن اسرائيل ويمكنها ان تصل الى حد الردع النووي في حال تعرّضت اسرائيل للخطر الشديد".

وأضاف: "الضربة الإيرانية كسرت حاجز الردع ولكن لم تعرّض اسرائيل عن سابق تصوّر وتصميم للخطر الشديد بالمعنى المادي، ولكن بالنسبة للدول المبنية على عقائد دينية ان كانت ايران أو اسرائيل فإن مفهوم الردع والقوة هو مفهوم مقدّس وأهم من السلاح، لذلك لا تستطيع الدول الدينية الا أن تردّ، فالاعتداء يصيب صميم الكيان الموجود على أرض معينة".

وتابع الصايغ: "لا تستطيع إسرائيل الا أن تردّ على الضربة الإيرانية على الرغم من تطرّف وتعصّب نتنياهو الذي يعتبر غير متدين بمعنى التطرف الديني حتى لو أنه أقام شخصية اسرائيل اليهودية وكرّسها كدين رسمي للدولة الإسرائيلية في حين أن مفهوم الصهيونية أساسًا علماني".

ورأى أن المجتمع الإسرائيلي العميق في ظل الخطر الشديد الذي تعرّض له منذ 7 أكتوبر الى اليوم قد انحرف الى استنهاض الهمم للدفاع عن الكيان وهذا مقدّس لدى اسرائيل.

وقال: "ضربت ايران "المقدّس" لإسرائيل تمامًا كما فعلت اسرائيل، ففي القانون ان ضرب السفارة الإيرانية هو اعتداء اسرائيلي على ايران وإعلان حرب".

أضاف: "ولتدافع الدولة الدينية عن نفسها لا تستطيع سوى أن تقول أن "المقدس" عندها لا أحد له الحق بالمس به وعليها إعادة فرض هيبتها لضبط الآخر ومنعه من الإعتداء عليها".

ولفت الصايغ الى أنها المرّة الأولى في التاريخ التي نشهد فيها قيام دولة نووية وأخرى على حافة إمتلاك قنبلة نووية بحرب من هذا النوع، فعندما ضربت العراق اسرائيل طالبت الولايات المتحدة اسرائيل بعدم الرد وتكفلّت بالرد والدفاع، ولكننا اليوم أمام حرب مباشرة بين الطرفين.

واعتبر أنه من الصعب جدًا خرق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي وحلف الأطلسي، ولكن الاساس كان كسر الحاجز والتمرّد الإيراني.

ولفت الدكتور الصايغ الى انه وبحسب القانون الدولي، فإن السفارة في دمشق هي أرض ايرانية، لذلك كان من الطبيعي أن ترد إيران وبسرعة دون أن يورطها ذلك في حرب كاملة وشاملة في الشرق الأوسط لأن ايران لا تستطيع تحمّل تداعيات هذه الحرب وليس من مصلحتها خوضها.

وقال: "هناك قرار أميركي بالمحافظة على النظام في ايران، ومن المعروف أن اسرائيل أقوى من إيران بالنسبة للموازين العسكرية الدقيقة وبالتالي إن اي ضربة اسرائيلية كاملة وشاملة قد تؤدي الى عدم الإستقرار في ايران وانهيار النظام وهذا ما ترفضه الولايات المتحدة".

أضاف: "لنظام "الملالة" في ايران وظيفة، فمن غير المسموح الدخول بعلاقات سوية مع دول العالم اذا لم يكن هناك ارادة دولية بالمحافظة على هذا النظام".

وتابع: "الهدف من خروج الإمام الخميني من فرنسا بحماية الحلف الأطلسي والمخابرات الفرنسية متوجهًا الى الداخل الإيراني في ظل وجود أهم حليف للغرب هو "الشاه" كان لفرض نظام ديني وضرب الإتحاد السوفياتي وفك الضغط على "الخليج العربي" بعد تهديد الشاه له".

وأشار الى أن هدف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية وايران هو ضبط "اللعبة" في منطقة الشرق الأوسط، لذلك هناك حرص أميركي على أن لا تُفلت الأمور بشكل فوضوي.

وردا على سؤال، قال الصايغ: "الجانب الإسرائيلي لم يدخل في المفاوضات الأميركية – الإيرانية، فبعد تزعزع الثقة بين الأميركيين والإسرائيليين، يتخوّف الأميركيون من إعطاء كل ما لديهم من معلومات الى اسرائيل وبالنتيجة من الممكن أن يكون هناك تعهّد ايراني للأميركيين بالقيام بضربة محدودة على اسرائيل".

أضاف: "بعد الرد الإيراني، اضطرت اسرائيل استدرار عطف الدول الحليفة لها من أجل حماية "أرض الميعاد"، واستطاعت اسرائيل "تربيح الجميلة" للأميركي بالموافقة على عدم القيام بضربة وقائية".

وتابع الصايغ: "اسرائيل تمتلك القدرة على التحكّم في عمق الإدارة الأميركية وشبكة المصالح الضخمة التي يديرها اللوبي اليهودي ومن الممكن تحويلها لمصالحهم كما حصل في الضربة التي وجهتها ايران يوم السبت الماضي".

وأردف قائلا: "كافة الدول تنصح نتنياهو بألا يستمر بالإستنفار لأنه ربح الحرب أصلًا، فبعد الرد الإيراني تبينت قدرات ايران المحدودة عسكريًا، ولكن الإسرائيلي يرفض هذه الفكرة لأن فكره العسكري ليس مبنيًا على قرارات الغرفة العسكرية إنما ما تقرره العقيدة الدينية القائمة عليها دولة اسرائيل بعدم المس بالـ"مقدسات".

وعن المرحلة المقبلة قال: "إننا بإنتظار كيف سيتم التعامل بعد الرد الإيراني والتوجهات الإسرائيلية، ولكن تجدر الإشارة الى أن هناك حدثًا استراتيجيًا في المنطقة تبين من خلاله أن لا سقف لإيران وأنها تلعب "لعبة الكبار" فهي تحاول الدخول الى نادي الكبار التي لم تتمكن أي دولة عربية من القيام به".

ورأى الصايغ أن هناك قلقًا عربيًا من القرار الإيراني مما سيؤثر على المفاوضات السعودية الإيرانية.

وقال: "في حال اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بالقوّة الإيرانية، ستقوم الدول العربية بردة فعل ومن الممكن أن تطالب بتسلّح أكبر بكثير وشد الاواصر أكثر مع اسرائيل وتسريع التطبيع معها بهدف قيام نظام إقليمي لمواجهة ايران، وبالنتيجة فإن الحسابات التي تقتضي بأن تقوم ايران بوظيفة معينة قد يكون لصالح آسيا وليس الشرق الأوسط".

ولفت الى أنه "لم تعد روسيا هدف أميركا والخطر الذي يواجهها، انما "العالم السنّي" من ماليزيا وأندويسيا الى المغرب الذي يشكل الأكثرية الساحقة للطائفة السنية مشيرًا الى أن القوّة الاكبر عسكريا فيها هي باكستان، فبالنسبة للأميركيين والصين أن عدم توحّد "العالم السني" سيشكل خطرًا في المرحلة القادمة".

واعتبر الصايغ أن "لبنان على الرغم من مساحته الصغيرة يمتلك دورًا محوريًا جراء ارتباطه بالنظام العالمي".

ولفت الى أن "اسرائيل كانت السباقة بتوحيد الساحات، انطلاقًا من مداهمة الضفة لتؤكد أن هذه المنطقة هي مدى حيوي استراتيجي لها".

وقال: "الحل السياسي لا يمكن إلا أن يعطي حلًا للشعب  الفلسطيني، ولا يمكن التهرب من ذلك، فالحل إما بكنفدرالية مع دولة أخرى أو تهجير 7 مليون نسمة وهذا أمر مستبعد".

أضاف: "تطرح في التسويات أمور انسانية مثل وقف اطلاق النار وهدنة ولكن لا حلول سياسية في المفاوضات ما يدل على أن لا صوت يعلو على صوت "المدفع".

وعن اعتراض الأردن للصواريخ الإيرانية التي أطلقت على اسرائيل، أشار الصايغ الى أن "الأردن هو من إحدى الدول التي برزت في أوئل القرن العشرين بوظيفة معينة، لتثبيت مرجعية الهاشميين  بوجه آل سعود، فالهدف أن تكون الحاجز بين الجزيرة العربية وفلسطين".

وقال: "اليوم يلعب الأردن دوره بالكامل، لإتمام وظيفته بدرء الخطر عن شرق البحر المتوسط اضافة الى قواعده العسكرية للقوى الغربية، واتفاق سلام مع اسرائيل".

تابع: "الإسرائيليون لا يرضون أن تقوم دولة فلسطينية مستقلّة على حدودهم، لذلك من الضروري التفكير بنظام إقليمي جديد ولكن للأسف فإن كل دولة "مشغولة" بداخلها، السعودية على سبيل المثال تحاول عدم الدخول بهذه الحرب ولكن من المؤكد أنه في حال تمكّن الإسرائيلي من إنهاء مهامه في رفح على الجميع الجلوس على الطاولة للتفاوض والذهاب الى نظام إقليمي جديد".

أضاف: "مدينة غزة تدمّرت ولكن الشعب الفلسطيني لا يزال موجودًا، فالحل لا يمكن إلا بإقامة دولة للشعب الفلسطيني".

وفي الشأن الداخلي اللبناني، اعتبر الصايغ أن اللجنة الخماسية تتوجّه بالحديث الى الأطراف الخاطئة، بدلًا من لقاء "حزب الله" المسؤول الوحيد عن تعطيل الإنتخابات الرئاسية، فنحن ككتائب واضحون بما نريده من بناء "لبنان" وتطبيق الدستور.

وقال: "في حال كانت اللجنة الخماسية تدعونا للإستسلام، فلا تتعذّب بلقائنا لأننا لن نستسلم، ولكن لا أتصور أن هذا ما تريده ولم تصل الأمور الى إعطاء لبنان لإيران".

وعن موقف المعارضة، أكد الصايغ أنها "ليست محدودة بـ31 نائبا، إنما نحن جزء من معارضة أكبر تُرجمت بدعم جهاد أزعور وعدم التصويت لنبيه بري في انتخابات رئاسة مجلس النواب، وما تقوم به المعارضة ليس سهلًا فإنها تواجه السلاح بالكلمة والمافيا بالمبدأ".

وشدّد على "أننا استطعنا تغيير المعادلة وأكدنا أن "العين المؤمنة" تقاوم "المخرز" والصواريخ".

وعن مستقبل هذه الجبهة المعارضة، اعتبر أن لا معوقات حقيقية للخروج بها ولكن المشكلة في التوقيت، وأصبح من الضروري إعلانها في الوقت القريب.

وقال: "عند استشهاد باسكال سليمان، لاحظنا رفضًا واستنكارًا من أكثرية النواب للعملية التي حصلت، وأكدت الحادثة وجود تآمر وحلف الواقعي الموضوعي بين الميليشيا والمافيا".

وتساءل:"من يحمي هؤلاء القتلة؟ وكيف يدخلون القصير؟"

وقال: نحن نطالب بعدم تسييب الحدود وضبط الفلتان الأمني والسلاح غير الشرعي".

أضاف: "ما حصل مع باسكال سليمان أكبر وأهم من إغتيال سياسي إنما اغتيال الوطن والمواطنية ومفهوم التعلّق العميق بلبنان وهذا خطير جدًّا، ورفض المعارضة لفرض القرار من قبل حزب الله خير دليل على وجود شرفاء في هذا البلد".

ولفت الى أن "شهداء الكتائب منعوا التوطين في لبنان وأن يصبح هذا البلد جزءا من سوريا وتوجهت لنواب التيار بأن نكون متوحدين للعمل في الجوهر".

وعن تحالف التيار مع حركة أمل وحزب الله في انتخابات نقابة المهندسين اعتبر الصايغ أن هذه التحالفات مبنية على مصالح معينة، "فلا نراهم متحالفين بالرياضة".

وفي ملف النازحين السوريين، اشار الصايغ الى أن "حزب الله لا يستفيد من خلق فتنة بين السوريين واللبنانيين، لأنه لا يستفيد من أن تربك هذه الفتنة الداخل اللبناني، أما كلام جعجع فهو مبني على خطاب المعارضة بتطبيق القانون اللبناني وعدم التعامل بعنصرية مع السوريين وهذا ما أكدته الدولة اللبنانية".

واشار في ختام حديثه، الى أنه في "صدد التوجه للمسؤولين من أجل إعطاء البلديات الصلاحيات لتنظيم الوجود السوري العشوائي في لبنان".