الضمان الاجتماعي... هل انتهت صلاحيته؟!

همٌّ جديد يضاف الى هموم اللبنانيين متمثل في الضمان الاجتماعي الذي بات في مهب الريح. فاذا كان المواطن قد انشغل في الآونة الاخيرة في البقاء سالماً، لا سيما وسط الظروف الصحية الوبائية التي عمّت مع انتشار جائحة كورونا، فان الهم اليومي لديه بات الحفاظ على صحته من اجل تجنب الدخول الى المستشفيات او الحاجة الى الصيدليات، علما منه ان اي خلل صحي سيكلفه اعباء اضافية في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة وتقاعس الجهة الضامنة عن تسديد تكاليف طبابته لا سيما صندوق الضمان الاجتماعي.

 

يوضح المدير المالي في صندوق الضمان الاجتماعي شوقي بو ناصيف، في حديث لـ kataeb.org، ان الازمة بدأت منذ حوالي عامين، عندما بدأ  الحديث عن رفع الدعم عن  الادوية والقطاع الاستشفائي من ادوات ومعدات ومستلزمات طبية، حينها حذر صندوق الضمان مما سيوصّل اليه هذا القرار من نتائج سلبية على المواطن لا سيما حين سيتم رفع الدعم، اذ ان الضمان لن يكون قادراً على تغطية كلفة التضخم التي ستطال اسعار الفاتورة الاستشفائية .

يومها، يستكمل بو ناصيف، طالبنا بأن يستمر دعم الادوية والمستلزمات الطبية والمازوت للمستشفيات على سبيل المثال ولمصانع الادوية والامصال والاوكسيجين المحلية وذلك تحسباً منا بهدف تخفيف الفاتورة الاستشفائية على المواطنين، لكن هذا الامر لم يتم التجاوب معه وحصل ما حصل.

ويوضح بو ناصيف انه في ظل هذه العوامل، ومع ارتفاع سعر الصرف، ارتفعت الفاتورة الصحية بشكل كبير اي بحوالي 4 الى 5 اضعاف، في المقابل لم يستطع صندوق الضمان تغطية هذه التكاليف وتأمين الموارد والايرادات الضرورية لمواكبة هذا الارتفاع، ما ادى الى اجبار المضمونين على تحمل الفروقات من جيبهم الخاص ودفع حوالي 70 الى 80% من كلفة فاتورتهم.

 

بو ناصيف: المواطن هو الحلقة الاضعف

يؤكد بو ناصيف ان الوزر الأكبر يتحمله المواطن اللبناني لأنه هو الضحية في هذا الملف، كما سائر الملفات، الا ان مساعٍ حثيثة يقوم بها صندوق الضمان الاجتماعي ايضاً من اجل تأمين الايرادات، لكنها كلها حتى الساعة لم تصل الى نتيجة.

ويقول: "يفترض فرع ضمان المرض والامومة التوازن المالي من اجل العودة الى فعاليته، لا سيما ان الصندوق يحتاج الى 4 الاف مليار اضافية سنوياً لرفع التعرفة حوالي 4 اضعاف".

ويتابع: " حددنا آلية تأمين الموارد عبر ايجاد اي مصدر تمويل يغطي الفجوة المالية لرفع التعرفات.

اولا طلبنا الدولة بتسديد متوجباتها للصندوق التي بلغت 5 الاف مليار ليرة ثم اعدينا مرسوم مشروع لرفع اشتراكات الضمان الا انه لقي اعتراضاً من اصحاب العمل، بعدها حاولنا مع الاتحاد العمالي العام المطالبة برفع الاجور بقيمة مليون و300 الف ليرة، على ان يتم التصريح عنها لتأمين الكتلة النقدية. هذا وطالبنا الدولة بتخصيص صندوق الضمان بمساعدات استثنائية قد تصلها او هبات خارجية كما ناشدناها تلقي بعض الدعم من ما ستجنيه من البنك الدولي او اية قروض بفوائد بسيطة يستفيد منها الضمان."

ورداً على سؤال: هل تحل هذه الازمة اذا تم توحيد سعر الصرف، يجيب بو ناصيف: "ان حصلت زيادة الاجور بما يوازي التضخم الذي شهدناه، قد تتحلحل الازمة"،موضحاً ان المشكلة هي "في الحد الادنى للاجور وفي اصحاب العمل الذين رفعوا اجور موظفيهم تحت عنوان "مساعدات اجتماعية" ومن دون التصريح عنها للصندوق".

اما في ما يختص بفرع نظام نهاية الخدمة، فهو يتعرض، ودائماً وفقاً لبو ناصيف، الى تداعيات الازمة الاقتصادية ايضاً اذ ان المتقاعد لا يزال يتقاضى تعويض نهاية الخدمة على السعر الرسمي للدولار، مما يفقده قيمته الفعلية. وعلى الرغم من ان صندوق الضمان طالب بان يتم تقاضي الراتب  التقاعدي على سعر 3900 ليرة الا ان لا أحداً من الدولة اومصرف لبنان لبى الطلب وبقيت ازمة التعويضات قائمة حتى اللحظة.

 

عدم الاستجابة مع اي من متطلبات صندوق الضمان

على الرغم من ان صندوق الضمان الاجتماعي ناشد وطالب الا ان لا آذان صاغية له.  وفي هذا الصدد، يؤكد بو ناصيف الى ان " قدرتنا محدودة وهي مقتصرة على  المطالبة والمناشدة والاجتماعات التي تحدث مع وزير العمل، الاتحاد العمالي العام، الحكومة ووزير المالية، ولكنها كلها لا تلاقي الاستجابة المرجوة".

كذلك شدد بو ناصيف على الاعتراض الكبير للصندوق على الموازنة الاخيرة التي طرحتها حكومة ميقاتي، مؤكداً أنها لم تتضمن اية رؤية اجتماعية او دعم للضمان الاجتماعي  بل على العكس حاولت الدولة التنصل من التزاماتها  من خلال اعادة تقسيط ديونها للصندوق  الى 10 سنوات اعتباراً من تاريخ اقرارها وتخفيض الفائدة حتى النصف، وذلك بعد ان كان هذا البند سبق وأقر في موازنة 2019 ولم يتم العمل به كما لم يتم دفع الاقساط طيلة 4 سنوات (من 2019  حتى 2022)، ما يعني عدم الاهتمام بما يكفي بالضمان الاجتماعي، فاما هناك نية خفية لدى سياسة الدولة لتركه الى مصيره وبالتالي السعي لتوقيفه او ان لا شيء في هذا البلد يتم انقاذه بشكل فعلي وكل ما نسمعه مجرد أقوال لا افعال.