المصدر: النهار
الكاتب: باميلا شاهين
الجمعة 17 تشرين الأول 2025 16:51:27
منذ عقود، تعاني منطقة حوض نهر الليطاني تلوثا متزايدا نتيجة تصريف المخلفات السكنية والصناعية في مجراه، من دون أي معالجةٍ جدّية على مرّ السنين. ولم تكن بحيرة القرعون التي أُنشئت في الخمسينيات لتكون مصدراً محورياً لتوليد الطاقة الكهرومائية وريّ الأراضي الزراعية وتوفير مياه الشرب، بمعزل عن هذا الواقع البيئي الكارثي. فقد سجّلت، للمرة الأولى، مستويات غير مسبوقة من الجفاف في السنة المائية 2024-2025، بحسب الإحصاءات المتوافرة منذ عام 1962.
في هذا السياق، يشير المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية لـ"النهار"، إلى أن "بحيرة القرعون تشكّل محطة طبيعية من المحطات التي تمر بها هذه الطيور سنوياً، لكن استقرارها هذا العام كان مختلفا، فهذه السنة لم تنبعث الروائح الكريهة من البحيرة، فضلاً عن أن مؤشرات الملوثات كانت تميل إلى الانخفاض رغم أن المشاكل لم تعالج بعد".
ويضيف علوية أن "الإجراء الذي اتّخذه الجيش اللبناني هذا العام كان بالغ الأهميّة، إذ تمكّن من ضبط عمليات الصيد البري في محيط بحيرة القرعون، ونفّذ عشرات المداهمات الليلية والنهارية لمنعها. وقد أسهم ذلك، من الناحية المناخية والأمنية والمعيشية، في إرساء بيئةٍ آمنةٍ للطيور المهاجرة التي بقيت واستقرّت في المنطقة".
في المقابل تؤكّد وزارة البيئة لـ"النهار" أن "أعداد الطيور التي نراها حالياً لا علاقة لها بنوعية المياه أو مستويات التلوث، بل تعود بالدرجة الأولى إلى موسم الهجرة، في وقت تبحث فيه هذه الطيور عن مصادر مياه للارتواء خلال رحلتها الخريفية والربيعية". وتشدد الوزارة على أن أعداد الطيور ليست مؤشراً لتحديد جودة المياه، مشيرةً إلى أنّ نوعيتها تقاس فقط بالطرق الكيميائية أو البيولوجية، ما يستدعي إجراء تحاليل دقيقة للمياه لتحديد مستويات التلوث الفعلية.
عقود من التلوث
بحسب المدير العام لمصلحة الليطاني، "يشهد حوض نهر الليطاني عملية تحسّن تدريجية، إذ كان النهر في مراحل سابقة يتبدّل لونه بين الأحمر والأخضر والأسود نتيجة التلوث، وفيما لا يزال تدفّق الصرف الصحي قائماً، فقد تراجعت كميات الصرف الصناعي تدريجاً، ما ساهم في نشوء حالة من التوازن الإيكولوجي انعكست عودة لبعض أنواع الأسماك والطيور ونمو الأعشاب على ضفاف النهر".
ويوضّح علوية أنه "بعد تعثر القانون رقم 63 الذي صدر عام 2016 لتنفيذ المشاريع اللازمة لمكافحة التلوث في منطقة حوض نهر الليطاني، يُعاد تفعيل العمل اليوم عبر مشروعين أساسيين: محطة تكرير تمنين التحتا ومحطة المرج، بتمويل من الصندوق العربي والحكومة الإيطالية"، لافتاً إلى "تدخّل رئيس الحكومة نواف سلام ساهم لإلزام مجلس الإنماء والإعمار، وإزالة العقبات أمام التنفيذ، إذ بدأ المتعهّد فعلياً بالعمل في محطة تمنين، فيما محطة المرج لا تزال في طور التنفيذ".
ويضيف علوية: "يجري العمل أيضاً على استكمال شبكات الصرف ومتابعة تطبيق القوانين على المؤسسات الصناعية، وهذه الخطوات المتدرجة تسهم في تعافي البيئة، وإن لم تُحلّ المشكلة بعد، إلا أننا نسير على الطريق الصحيح".