المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 2 تشرين الثاني 2021 16:33:23
قبل عام وتحديدا في 6 تشرين الثاني 2020 فرضت الإدارة الأميركية عقوبات جديدة استهدفت النائب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على خلفية مساعدة وتقديم تنازلات لحليفه الرئيسي حزب الله. وقد تزامن ذلك مع إدراج وزارة الخزانة الأميركية الوزراء السابقين، يوسف فنيانوس، وعلي حسن خليل، وغازي زعيتر على لائحة عقوباتها، في خطوة بدت أنها "فاتحة الأسماء الوازنة".
وفي 28 تشرين الأول 2021 فرضت وزارة الخزانة الأميركية، على النائب اللبناني المقرب من حزب الله جميل السيد ورجلي الأعمال جهاد العرب المقرب من الرئيس سعد الحريري وداني خوري المقرب من النائب باسيل عقوبات بشبهة الفساد والمساهمة في تقويض حكم القانون في لبنان. ولفت المكتب في بيان صادر عنه إلى أنّ الشخصيات الثلاث استفادت من تفشي الفساد والمحسوبية فأغنت أنفسها على حساب اللبنانيين ومؤسسات دولتهم. وتم إدارج أسمائها على لوائح العقوبات بموجب القرار التنفيذي رقم 13441 الذي يستهدف الأشخاص الذين يساهمون في انهيار سيادة القانون في لبنان.
في الحالين الرسالة وصلت. إلا أن المستندات التي ارتكزت على أساسها الإدارة الأميركية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية لاصدار العقوبات بناء على طلب من الرئيس ميشال عون ليبنى على ضوئها الموقف المناسب، ويقوم القضاء بما يتوجب عليه اما بتبرئة الشخصيات او باثبات التهم، لم تصل ولم يعلن المسؤولون ان كانوا تسلموها.
الأستاذ في القانون الدولي المحامي أنطوان صفير أوضح عبر "المركزية" أن "العقوبات الصادرة عن الإدارة الأميركية هي عقوبات أميركية وليست دولية، وبالتالي فإن الموضوع لا يتعلق بالدولة اللبنانية إلا من زاوية ان هؤلاء مواطنون لبنانيون ومسؤولون سابقون أو حاليون صنفتهم الدولة الأميركية تصنيفا معينا وأصدرت على اساسه عقوبات بحقهم". وأضاف: "على غرار الملفات القضائية التي تتعلق بالقضايا الأساسية في البلد التي تبدأ ولا نعرف مصيرها سواء على المستوى القضائي أو الإداري أو السياسي أو النتيجة التي تترتب على ذلك، فإن الدولة اللبنانية التي قيل في السابق إنها طلبت مستندات، لم يصدر عنها شيء إن كانت تسلمتها أم لا، وفي حال تسلمتها فما هي الخطوات التي اتخذتها على المستويين الإداري والقضائي؟".
وتابع: "القرار الصادر في محاسبة النخبة السياسية ورجال الأعمال في لبنان الذين استفادوا من المناقصات غير السليمة للعقود المتضخمة ومن ثقافة المحسوبية المنتشرة التي تقوض مؤسسات لبنان وسيادة القانون والاستقرار الاقتصادي يؤكد على دعم الولايات المتحدة اللبنانيين في مطالبتهم بإرساء الشفافية والمساءلة. والثابت أن معاناة اللبنانيين من طبقة الفساد والمفسدين في الدولة عبرت عنها وزارة الخزانة الأميركية في بيان حيث اعتبرت أن الفساد يقوّض سيادة القانون في جميع مؤسسات الدولة اللبنانية ويقلّل من فاعلية هذه المؤسسات، المعنية أساسا بمحاسبة المسؤولين الفاسدين".
قد تفيد هذه الإجراءات لإعطاء الأولوية للمساءلة والحكم الرشيد في لبنان، بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الديني للشخصيات. والرسالة التي تريد الإدارة الأميركية توجيهها إلى الطبقة السياسية تختصر بالإبتعاد عن ممارسة المحسوبية السياسية والفساد والبدء في إعطاء الأولوية لاحتياجات الشعب اللبناني. وعلى رغم وضوحها تصر الدولة اللبنانية على مطالبة الدولة الاميركية بإرسال المستندات التي ارتكزت عليها في إصدار عقوباتها على شخصيات سياسية مقربة من نظام الممانعة فهل تجوز هذه الخطوة قانونا؟ وماذا يمكن أن ترتب على الدولة بجهازيها القضائي والإداري؟
أوضح صفير: "رغم مطالبة السلطات اللبنانية بالمستندات من الدولة الأميركية إلا أنه يجوز للأخيرة أن تزودها إياها وتكتفي بالطلب من الأشخاص المعاقبين مراجعة الدولة الأميركية بواسطة القضاء الأميركي الذي تتوافر لديه ملفات معينة تؤكد على بعض الإثباتات والواقعات أو لا تؤكدها".
ولفت إلى استحالة شطب عقوبات مماثلة بواسطة الإدارة السياسية عن شخصيات أيا يكن موقعها "فهذا الأمر يحتاج إلى إثبات العكس إذا جاز التعبير والدخول في سياق قضائي لتأكيد عدم صحة هذه المستندات". من هنا ختم صفير أن مسألة مطالبة الدولة اللبنانية بالمستندات "لا تقدّم ولا تؤخّر ولا تغير في مسار الدعاوى والعقوبات. جل ما في الأمر أنها تساهم في التأكيد على المعلومات الواردة في التصاريح التي بنيت عليها العقوبات والتأكد من ذلك. ولا شيء سوى ذلك".